يطيب لى التعايش مع النفس ، والإنكفاء على الذات ، تناغما مع أحوال العباد ، لذا كثيرا ماألوذ بنفسى بحثا عن السكون النفسى ، خاصة يوم الجمعه ، لعلنى أستطيع تذكيرها وتنبيهها بضعفها ، ردعا لطموحها الذى قد ينطلق من شطط ، وسيظل الأمل أحد أهم ماأنشده فيما قدره الله تعالى لى من عمر فى هذه الحياه ، وأصدره للآخرين ، وستظل السعاده مبتغى لى أنشد تقديمها لكل الناس لله وفى الله ، وسيظل رفع المعاناه عن الأهل والأحباب معيشيا ومرضيا من أعظم الخصال التى أنعم بها رب العالمين على شخصى الضعيف ، لذا لاأتململ من المطالب ، ولا أتبرم من الإلحاح لأنها لله وفى الله ، لذا يكون هذا رزق من الله تعالى أراد به سبحانه تكريما لشخصى الضعيف .
أرى فى ذلك طبيعى لأننى من عباده المساكين ، نعــم المساكين ، لأنه عندما يكون دخول الحمام نعمه كبيره ننشدها جميعا ساعتها أدرك وتدركون معى كم أنا مسكين وكم أنتم مساكين ، وكم أننا جميعا كبشر ضعاف ، وكم أن الدنيا لاتستحق أن يفتنرى الناس على بعضهم البعض ، أويكيد بعضهم لبعض ، أو يتجبر بعضهم على بعض إستغلالا لمال أنعم به الله تعالى ، أو منصب حتما سيزول وسيزول معه صاحبه إن آجلا أو عاجلا ولن يتبقى منه إلا ذكريات طيبه ينال بموجبها الدعوات ، أو مواقف مخزيه يستحق عليها اللعنات من العباد ورب العباد ، ولعل نعمة دخول الحمام من النعم التى نجد بين ثناياها العبره ، والعظه ، والإنتباه لقدرة الخالق جل شأنه ، لذا كثيرا ماتتضاءل الحياه أمام عينى تأثرا بواقع الحال الذى ألمسه لدى أسيادى المرضى ، والتى كثيرا ماتتجلى فى جوف الليل حيث الإستجاد للذهاب للمستشفى ، أو تعرض أحد أبنائه لحادث جلل جعلته يفقد القدره حتى على التفكير ، أو يكشف له الطبيب عن طبيعة مرض السرطان الذى تمكن منه دون إنتباه .
تجلى ذلك ذات يوم كنت فيه ألملم شتات نفسى لأنام بعد جهد جهيد وإذا بتليفون يستنجد المتصل به أن أساعده فى دخول الحمام ، وأتعجب كإنسان هل هذا وقت يسمح بهزار صديقى هذا ، وهل هذا مطلب ، لم يطيل محدثى حيث بدد تعجبى بأن المياه محبوسه بداخله ولايستطيع دخول الحمام ، وأنه سيموت ، وماهى إلا لحظات ويحمل هذا العمده شيخ الخفراء ويأتى به لى ، وآخذه وأذهب به الثانيه صباحا بعد ترتيبات إلى مستشفى الطلبه الجامعى بطنطا المتخصص فى المسالك ، وفى الطريق يترسخ ضعف الإنسان عندما يعرض نصف مايمتلك لأضعه امام الطبيب الذى سينقذه من إحتباس البول الذى سيؤدى به للفشل الكلوى ، وحين يتم المراد أراه وكأنه كان يحمل على كتفيه جبلا ، باكيا من الفرح ، والسعاده أن دخل الحمام ، وصديق آخر من الأحباب طلب منى الأطباء بمركز القلب بالمحله أن آخذه وأدعو له بالرحمه ، وإنتظار معجزه أن تتحسن شرايينه ، حتى يستطيعوا إجراء قلب مفتوح له ، حيث تهتكت الشرايين نظرا لأنه يعانى من السكر منذ سنوات طوال ، وإذا بخبير مصرى قادما من ألمانيا من البارعين ينقذه ويجرى له العمليه وسط ذهوله وطاقم الأطباء معه تأثرا بتوفيق الله تعالى ، وشاب منذ يومين تحول إلى حطام بشر لحادث موتوسيكل تعرض له وبذل معه الأطباء جهدا كبيرا إلى الدرجه التى معها كانت تخرج الكلمات من الطبيب بحساب حرصا على الحاله النفسيه والتوتر الذى لازمنى ، شاكرا فضل عميد العمداء الدكتور أحمد غنيم عميد طب طنطا ، والدكتور محمد الشبينى المشرف العام على مستشفى الطوارىء الجامعى بطنطا على مابذلوه من جهد .
كثيرا طوال الطريق لبلدتى بسيون حيث اكون قادما من طنطا وأنا أفكر جليا وأتعايش مع ماأدركته فى حديث الطبيب ، وأحوال أهل المريض ، وكم هو الانسان ضعيفا ليس لديه إلا لسان ، وكم أنعم رب العالمين علينا من نعمة الصحه ، والستر ، وكيف أنهما أعلى بكثير من أى منصب يعتليه الإنسان ، أو مال يكتسبه الفرد ، وكيف أنه من الواجب أن نشعر بهؤلاء الأكارم أصحاب الأعذار الذين يتعرضون لمحنه ، وإختبار ، وإبتلاء من رب العالمين سبحانه .
ياكل الأحباب .. مزيدا من الإنسانيه قليلا من التطاحن والتشاحن والصراعات .. ماأحوجنا أن ننتبه إلى أن الدنيا ، وما فيها ، ومن فيها ، لاتساوى عند الله تعالى جناح بعوضه كما قال النبى صلى الله عليه وسلم ، وكيف أن دخول الحمام نعمه من رب العالمين سبحانه وتعالى ، لذا علينا دائما وأبدا أن نجدد الإيمان ، ويستقر اليقين أن للكون إله يستحق الشكر على نعمائه ، فلانجزع ولانتبرم ، بل يتعين علينا أن نجدد الإيمان إنطلاقا من نعمة دخول الحمام .