كثيرا يؤلمنى من يقول ياأمة ضحكت من هزلها الأمم ، ومؤلم أن أقول ذلك فى شهر رمضان الكريم ، لا أصدق رمضان شهر القرآن يتحول منطلقاته الإيمانيه إلى أمور هزليه على هذا النحو ، وكأن هناك من يريد أن يفرغه من مضمونه ، أكاد أجن مما أرصده ، تفاهة وإستخفاف وقلة أدب طالت واقعنا فى هذا الشهر الفضيل ، رغم أنه لم يمر إلا يومين والثالث نتعايشه اليوم ، بداية مؤلمه للشهر الكريم ، فى الصباح مأساة توزيع الكراتين ، وبعد الإفطارسخافات بالإعلام وصلت إلى درجة طرح سؤال فى برنامج رامز عن لون شراب أحمد العوضي فى الحلقة والجائزة ٣٠٠ ألف جنيه ، حقا مسخره وقلة أدب ، وبعد التراويح فرقعات وصواريخ أزعجت الناس كل الناس فى بلدتى بسيون ، وكأنهم يعاندون المسئولين ويؤكدون لهم أنهم موجودين ، ويردون على تصريحات محافظ الغربيه اللواء أشرف الجندى بالتصدى لتلك الظاهره وسحق بائعيها بالمحلات .
حاله من الإنزعاج الشديد إنتابتنى منذ أول أمس ، بددت سكون وروحانية هذا الشهر الفضيل ، مرجع الإنزعاج تنامى ظاهرة الإستعراض بشنطة وكرتونة رمضان التى تحتوى على الزيت ، والسكر ، والشاى ، الذى من المفترض أنه يتم توزيعها على الفقراء ، حيث قيام بعض المشتاقين لعضوية البرلمان من المرشحين المحتملين الذين لديهم سعه من المال ، بتوزيعها مطبوعا عليها أسمائهم وسيرتهم الذاتيه ، وتصوير كل من يحصل على كرتونه حتى ظن البعض أن مبتغى ذلك البحث عنهم أيام الإنتخابات ، وهذا منحنى خطر ومنحدر بشع ، ومفاهيم مغلوطه ، نفس الحال فعله بعض الأحزاب لكن على أبشع ، حيث كان يتم التوزيع عبر بث مباشر على الفيس بما يعرف ” باللايف ” .
المصيبه الكبرى تنافس كل منهم نواب ، وراغبين فى الترشح ، وممثلى أحزاب ، فى عمل ألبوم صور لعميلة التوزيع ، والزحام الشديد الذى يحدث للحصول على كرتونه ، لنشرها على الفيس ، المصيبه أنهم يطالبوا كل من يحصل على كرتونه أن يبتسم ويدعو لهم ، وكأنهم بهذه الكرتونه أنقذوه من الموت جوعا ، أعقب ذلك عملية المونتاج حتى يخرج الفيلم بشكل ” شيك ” قبل إرساله للأجهزه المعنيه والأمنيه ، للإيهام بوجود شعبيه ، ليكونوا فى حساباتهم فى الإنتخابات القادمه ، ولاضير أن يعد ألبوم صور أخرى توزع على قادة الحزب الذى ينتمون إليه بالقاهره لوضعه فى القائمه المحظوظه ليصبح نائبا بالبرلمان .
الغريب أن الذين عابوا على من سلك هذا النهج فى السابق ، وأقاموا الدنيا ولم يقعدوها تصديا لظاهرة كرتونة الزيت ، والسكر للفقراء ، للحصول على أصواتهم على سبيل الرشوه المقنعه ، هم أنفسهم من يفعلون ذلك وبتدنى غريب ، حتى أننى تمنيت ان يطبقوا ماسبق وأن طالبوا به ، بأن تتولى الجمعيات الخيريه ، والشئون الإجتماعيه أمر توزيع هذه الكراتين ، وتلك الشنط على الفقراء المسجلين لديهم وفق أوراق رسميه ، وبصوره كريمه ، بدلا من هذا الإذلال الذى نرصده فى توزيع تلك الكراتين ، والتمسك بتحقيق الشفافيه والحفاظ على أهالينا من الفقراء المستحقين ، وذلك بعدم طبع إسم أى متبرع على الكرتونه ، أو الشنطه ، أو إسم الحزب الذى ينتمى إليه ، خاصة هؤلاء الذين يكتبون عليها اخوكم أو أختكم .
خلاصة القول .. إنقاذ رمضان الكريم من العابثين أراه واجبا دينيا ووطنيا ، لذا ينتابنى الحزن الشديد تأثرا بما وصلت إليه الشخصيه المصريه من إنحدار ، تجاوز حد الهزل ، الأمر الذى معه يتعين أن ننتبه ونبحث عن آليه محترمه ومقنعه للتصدى لذلك ، ونحافظ على الشموخ الذى ننشده لوطننا ، ونتمسك بالأيام الجميله لواقعنا ، والطيبه التى كانت من أهم سمات الشخصيه المصريه .