أحدث تدشين حزب الجبهة الوطنيه حراكا سياسيا ومجتمعيا إيجابيا ورائعا فى الشارع المصرى ، حيث إنطلق كل قادته فى كل المحافظات لمتابعة الموقف من أرض الواقع وهذا توجه محترم ، توقفت كثيرا بإمعان إلى نهج تدشين الحزب الجديد ومنطلق آليات التدشين حيث عقد الدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان السابق سلسلة من اللقاءات والمشاورات المكثفة والمتعمقة ، حاملا شعار “مصر للجميع”، وذلك بهدف إثراء الحياة الحزبية والسياسية بمصر في وقت يتطلع فيه الوطن والشعب المصري لآفاق جديدة لتعزيز قيم المشاركة السياسية ، مؤكدا على أن الحزب الجديد يسعى لإيجاد أرضية مشتركة تجمع كل التوجهات والتيارات الوطنية لمواجهة التحديات الراهنة وإعلاء المصلحة العليا للوطن كما يسعى لأن يكون صوت كل مصري في مختلف محافظات الجمهورية ويعبر عن تطلعاته وطموحاته ، كما سعدت بتأكيده على عزم الحزب الجديد على إقتحام أي مشاكل أو أزمات تواجه الوطن والمواطنين والبحث عن حلول حقيقية تستند لواقعية الطرح والصدق في الوعود ، لكننى لم أفهم ماذا يعنى الدكتور عاصم الجزار بقوله أنه سيسعى لصياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة على الساحة السياسية وتدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات القادمة ، هل هذا عودة لنهج الأحاديه التى عانينا منه طويلا منذ المنابر وحتى حزب مستقبل وطن المحسوب حتى الآن على السلطه ، متمنيا ألا يعود من جديد منبرا لدخول البهوات من أصحاب السلطه ورؤوس الأموال البرلمان ، هؤلاء الذين يمارسون السياسه إنطلاقا من أنهم أسياد الشعب ، لأنه ساعتها سيفقد الناس الثقه ليس فى الحياه السياسيه وفقط بل فى كل الحياه المجتمعيه فى هذا الوطن ، تأثرا بإحباط يعتريهم ، على أية حال أطمئن لصدق المقصد والغايه نظرا لوجود قامات رفيعه وصادقه ومحترمه تتصدر المشهد بهذا الحزب فى القلب منهم الأعزاء الفضلاء معالى الوزير عادل لبيب ، ومعالى الوزير السيد القصير ، ومعالى الوزير محمد عبدالظاهر ، ومعالى الوزير أحمد ضيف صقر ، والنواب المحترمين أحمد رسلان ، وفايز أبوحرب .
لاشك أن تدشين هذا الحزب الجديد فى تقديرى هو بمثابة إنقاذ للحياه الحزبيه وبعث لها من جديد بعد أن ماتت معظم الأحزاب إكلينيكيا ، وكادت تتلاشى من الوجود ، وبداية حقيقيه للقضاء على ظاهرة الأحزاب العائليه ، والفئويه ، والباذنجانيه ، التى تعد سابقه فى المكون الحزبى لم ندركه فى كل العالم ، أو حتى لدى الأولين والآخرين منذ التدشين للأحزاب تاريخيا ، وجاء هذا الإندفاع الشعبى لعمل توكيلات لتأسيس الحزب بمثابة التنبيه بضعف الأحزاب القائمه ، وأن البروباجندا والضجيج الذى يصدروه فى كل فعالياتهم خاصة حزب السلطه ماهو إلا حاله تعترى المقربين من الأحزاب وحوارييهم لإيهام الشعب بأنهم ينتمون لأحزاب بجد ، بل إنه كشف العوار الذى طال أداء الأحزاب جميعها بلا إستثناء حتى الأحزاب التاريخيه نظرا لفرض الوصايه عليهم ، الأمر الذى معه إفتقدوا للحاضنه الشعبيه الحقيقيه ، كما كبح جماح حزب السلطه ، وحوارييه من الأحزاب التى يفخر كل من فيها ببجاحه منقطعة النظير أنهم أحزاب مدعومه من الأجهزه ، بلا ظهير شعبى ، فتعالوا على الناس ، وباتوا يعدوا عليهم أنفاسهم ، ويشوهوا القاده الطبيعيين بغية تقزيم المجتمع .
لعلها فرصه ينتبه فيها الأحزاب إلى أهمية تبنى قضايا المواطن ، والعمل على البحث عن حلول لمشكلاته اليوميه ، والإبتعاد عن الأداء الإستعراضى الممجوج ، وخطورة دكاكين الأحزاب التى قزمت الحياه الحزبيه ، وقتلت الإبداع ، بل إنها أضرت بقامات أمنيه كبيره وعظيمه ذا تاريخ أمنى مشرف ، حين أقنعتهم بالإنخراط فى منظومتهم الحزبيه بعد إنتهاء رسالتهم الأمنيه بكل أمانه وشرف ، دون إدراك أن شخص محظور عليه ممارسة السياسه طوال عمره بحكم موقعه الأمنى لايستطيع أن يعى دهاليز السياسه ، ولايدرك نجاستها ، الأمر الذى معه قد يغوص بعضهم دون إدراك منهم فى مستنقع السياسه العفن ، رغم أنه كان يمكن الإستفاده بخبراتهم فى مجالات أفضل بكثير من الزج بهم فى تلك المنظومه المترديه ، والباهته .
أختلف تماما مع ما طرحه الباحثين فى شئون الأحزاب من أن تلك الأحزاب ماتت بالسكته القلبيه ، بتدشين حزب الجبهة الوطنيه الجديد ، لأنه فى تقديرى أن تدشين هذا الحزب بما فيه من قامات هو بمثابة طوق نجاه للأحزاب بما فيهم الأحزاب التاريخيه التى فقدت القدره على التناغم مع الشارع ، وذلك لإعادة صياغه لخطابهم السياسى والمجتمعى ، وفرصه عظيمه لمراجعة أنفسهم ، وتنظيم صفوفهم ، والعوده للإراده الشعبيه ، بعد أن إعترى جميع الأحزاب حاله من الرحرحه ، والرتابه قزمت المنظومة الحزبيه برمتها ، كما يتعين على هذا الحزب الوليد أن ينتبه للمتسلقين ، والباحثين عن دور ، لأن تصدر أى شخصيه دون المستوى لمشهده حتى ولو فى قاع الريف المصرى إضعاف له بالكليه ورسالة إحباط لمن رأى فى هذا الحزب بعثا للحياه السياسيه بعد ممات ، لذا يتعين على القائمين عليه الدفع بطاقات سياسيه محترفه ، ومحترمه ، والتواصل مع الشخصيات ذات الثقل الشعبى تواصل مباشر فى كل مصر ، والإبتعاد عن الساسه الكيوت من الشباب ، الذين تم الدفع بهم لدخول البرلمان إكراما لبابى ومامى ، والإستعاضه عنهم بشباب لهم قدره على العطاء المجتمعى وجزء من كيان الشعب .
لعل تدشين حزب الحركة الوطنيه فرصه لتصويب التجربه الحزبيه ، إنطلاقا من حتمية غلق دكاكين الأحزاب ، والإكتفاء بثلاثة أحزاب أقوياء يتنافسون بحق ، شريطة أن تبتعد كل الأجهزه عن فرض وصايتها على أعمالهم ، أو حتى دعمهم ، لأن هذا الدعم يخلق حاله من الرحرحه ، ويقضى على الإبداع ، ويخلق حاله من الخيلاء والتعالى والوهم بأن لهم شعبيه ، وإنتهاء الظاهرة المريبه التى أساءت للتجربه الحزبيه فى مصر ، والقائمه تأدبا على أن يتصدر مشهد تلك الأحزاب المرضى عنها والمدعومه ، من يتبرع لتلك الأحزاب بالملايين بغية موقع نيابى ، فأصبحت أحزاب منطلقها الوجاهة الشخصيه وليس العطاء ، وخدمة الناس ، الوجهاء ولاعلاقة لها بالشعب ، وتعود الإجتماعات مره أخرى وتدب الحياه بداخل الأحزاب والتى أصبح لايجتمع من فيها إلا أيام الإنتخابات أملا فى الترشح تحت مظلتهم ، وبات اللقاء اليتيم يدركه الجميع فى الانتخابات التى تجرى داخل تلك الأحزاب ، ويكون الهدف شغل موقع حزبى يؤهل من يشغله للترشح ، بل وورقة ضغط ليكون مرضيا عليه وينجح ، كما أتمنى ان يكون تدشين الحزب الجديد منطلقا لتصحيح ماطال المفاهيم من خلط بينها وبين أداء الجمعيات الخيريه من توزيع للكراتين فى رمضان ، أو إحداث ضجيج فى فعاليات لاتئثر فى طفل صغير ، ولاتضيف للمجتمع غير الإحباط . يبقى السؤال الذي يبحث عن إجابه ، هل يستطيع حزب الجبهة الوطنيه إعادة الثقة في واقعنا السياسى .