صدرت تشكيلات حزب مستقبل وطن بالأمانه العامه وأتبعها تشكيلات الحزب بالمحافظات والمراكز والأقسام ، ونظرا لأن ذلك شأن عام يتعلق بحزب هو لاعب رئيسى فى الحياه السياسيه ، ويتصدر المشهد السياسى والنيابى والمجتمعى ، بالمجمل يتصدر كل شيىء ، ويقرر كل شيىء ، كان من الطبيعى أن أتوقف كثيرا وطويلا حول مضامين تلك التشكيلات ، ككاتب صحفى متخصص فى الشئون السياسيه والبرلمانيه والأحزاب ، وممارس للعمل السياسى منذ أربعين عاما مضت إنطلاقا من المعارضه الوطنيه الشريفه والنظيفه حيث الوفد فى زمن الشموخ ، متعجبا لماأحدثته تلك التشكيلات من زخم شديد ، وإبتهاج غريب وصل إلى درجة إستقبال بعض من ضمهم التشكيل لوفود المهنئين خاصة فى المدن الريفيه ، والقرى ، والنجوع ، والعزب ، وتغير طريقة حديثهم وتعاطيهم مع جيرانهم وأصدقائهم ظنا منهم أنهم بذلك أصبحوا هم الدوله والدوله هم وليسوا حزب ضمن منظومه حزبيه تتشكل من كافة أطياف المجتمع المصرى تؤدى دورها الوطنى فى خدمة الوطن والمواطن ، الأمر الذى معه أتصور أنه بات من الضرورى إخضاع مضامين التشكيلات وماصاحبها للدراسه وإستلهام العبر، فى محاولة للفهم ، لمايحدث من نمط سلوك عظمه الإنضمام لحزب هو كما أدركه الجميع حزب السلطه .
يقينا .. يضم حزب مستقبل وطن قيادات جديرة بالإحترام والتقدير سواء فى الأمانه العامه ، أو فى محافظة الغربيه ولى فيهم أصدقاء كثر ، ويحسب لهم أنهم يجتهدون للرقى بالتجربه الحزبيه ، يبقى أن النقد ليس له علاقة بشخوصهم إنما مرجعه النهج الذى رسخوه ، وتلك المنظومه الحزبيه التى ينطلقون منها ، وهذا طبيعى إنطلاقا من حوار محترم نصوب معا فيه الأداء من أجل النهوض بهذا الوطن الغالى وتقديم الخير لأبناء الوطن الأحباب ، ولنا أن نقر أن حزب مستقبل وطن يحظى بالدعم الكامل واللامحدود من كل مانتخيلهم من الأجهزه ، وقد يكون هذا طبيعى فى مرحله يمر بها الوطن ، لكن التوسع بعد الإستقرار فى هذا النهج وإقراره ليصبح من الثوابت يهدر قيمة التجربه الحزبيه برمتها ، ويقزم كل الأحزاب بما فيهم حزب مستقبل وطن نفسه وهذا من الطبيعى لأنه عندما لايجد أى شخص أو كيان منافس يتقزم لديه كل شيىء ، وأى شيىء ، بل ويتحلل ويضعف لإفتقاده الإبداع والعطاء .
إنطلاقا من ذلك ثمة ملاحظات أفرزتها تلك التشكيلات غاية فى الأهميه يتعين طرحها بشفافيه وبحث مضامينها بموضوعيه ، بغية إستلهام العبر منها ، لعل أهمها إستحواذ نواب البرلمان على 90% من أعضاء الهيئه العليا والأمانات المركزيه ، وهذا يعنى أنهم عائدون للبرلمان من خلال إعادة ترشحهم فى الإنتخابات البرلمانيه القادمه المقرر لها بعد أشهر بإعتبارهم المهيمنين عليه ، ومن الطبيعى ألا يسمحوا بأى بديل عنهم ، كائنا من يكون ، وهذا توجه لايدفع لتجربه حزبيه تتسم بالقوه ، وكذلك أجد من الخطأ الدفع ببعض نواب رؤساء المدن والأحياء فى صدارة التشكيلات الحزبيه كما فى بلدتى بسيون لأنه وبمنتهى الموضوعيه والشفافيه أيضا ولأننا بشر سيكون له تداعياته السلبيه ، أبسطها وجود حرج شديد فيما يتعلق بإقرار الحقوق إذا كان أحد الأطراف عضوا بحزب مستقبل وطن ، وآخر ليس له إنتماء حزبى أو حتى له إنتماء لحزب آخر ، وسيظل موقف هذا المسئول محاطا بالغيوم والتشكيك حتى ولو كان صائبا ، يضاف إلى ذلك عدم الإقتراب من الذين يرتكبون مخالفات خاصة فيما يتعلق بالإشغالات حتى لايؤججوا نار الغضب على الحزب ، فتتعاظم المخالفات حتى تصبح عصيه على التصويب ، يضاف إلى ذلك تغير نمط سلوكهم وطريقة تعاملهم مع الجميع حتى رؤسائهم والتى من الطبيعى أن تجنح للإستعلاء ظنا منهم أنهم أصبحوا لاسلطان عليهم من أى أحد ، فيقعوا فى المحظور ، ويرتكبوا الأخطاء الفادحه التى قد تجعلهم والحزب فى دائرة الإتهام ، ويزيد من خصومهم وخصوم الحزب .
ثمة أمر هام وخطير خلفته تلك التشكيلات مؤداها إعادة تكليف بعض أمناء الحزب بالمراكز والأقسام خاصة فى الريف إنطلاقا من خلافات أفرزت صراعات ندركها بين بعض القيادات الحزبيه والنواب ، كان بعضها فى العلن ، والبعض الآن رصده الجميع فى مناسبات عده ، المؤسف أن تعظيم إختيار البعض كأمين وحده حزبيه جاء منطلقه الإبداع فى إرتكاب خطيئة الكيد لدى الأجهزه بقيادات حزبيه تنتمى لأحزاب المعارضه ونواب سابقين بالبرلمان دفعا من بعض القاده فى محاوله لتشويههم ظنا منهم أن هذا سيساهم فى إفساح الطريق أمامهم من أى منافسين ، أو رموز مجتمعيه تنتمى لأحزاب أخرى ، وتلك مصيبه كبرى تعمق الآلام ، تلك الآلام التى تظل فى الوجدان حبيسه بداخل النفس ، ويكون نتيجة ذلك عدم توافق أو تقابل فى أى عمل مشترك لخدمة المجتمع ، بل قد يؤثر على الترابط الأسرى والعائلى الذى هو من ثوابت هذا المجتمع ، ويعظم من الإنحدار الشديد الذى مرجعه أننا وصلنا إلى أكثر من مائة حزب ليس بينهم أى تمايز فكرى أو عضوى ، من هنا كان من الطبيعى إدراك ماإعترى التجربه الحزبيه من تردى مؤداه إنتقال الأعضاء وتدويرهم من حزب لآخر، ومن تحالف لتكتل ، وهذا يعنى أنه غاب عن واقعنا الإنتماء فغابت الفاعلية ، وتعاظم ضحالة الإنتماء الحزبى .
يبقى على قادة حزب مستقبل وطن فى تشكيلاته الجديده العمل على تصويب تلك الأخطاء الفادحه ، وبناء جسور من الثقه مع مكونات المجتمع ورموزه منتمين للأحزاب أو مستقلين ، وإدراك أن بناء الأوطان عمل مجهد وشاق ، ولتحقيق ذلك يتعين الدفع فى أن تكون الأحزاب والمجموعات سياسية ذات رؤى فاعله ، تستطيع أن توحد أفكارها ، وتؤمن بها ، وتصمد لتطبيقها ، لتحقيق غايات الشعب ومتطلباته ، كما أن عملية بناء الثقة بين رؤساء وقادة الأحزاب وأعضائها تتطلب أيضا مزيدا من الجهد والطمأنة لمستقبل وطموحات كل الأعضاء ، وتفعيلهم داخل المنظومة الحزبية ، وهذا يتطلب آليه واضحه تنبع من ضمير وطنى وقناعه يقينيه بأهمية تعميق إيمان أعضاء الأحزاب بأهمية دورهم فى بناء الوطن ، واليقين بأن الأحزاب السياسية واحدة من أهم أشكال التنظيمات السياسية الرسمية ، ودعامة أساسية لنظام ديمقراطي سليم ، حيث أنها إحدى قنوات الإتصال بين الحاكم والمحكوم فهل نستطيع جعل ذلك واقعا فى الحياه ، يبقى أن واقعنا السياسى مؤلم والحزبى أكثر إيلاما بل إنه جعلنا نتندر على زمن مضى نعتنا فيه أكارم الساسه ورموزها بحق بالنقائص كيف تابعونى .