تاه الناس في الحياه حتى من أنفسهم ، تساوى في ذلك العظيم ومن لاشأن له ، والغنى قبل الفقير ، وصاحب السلطه ومن لاسلطه لديه ، بل إن الكيان بات يأخذ الوجدان حيث شرود الذهن تأثرا بمرض يعتري الإنسان يزلزل الكيان ، خاصة بعد أن أصبحنا نسمع الآن وقبل ذلك في زمن ليس بالبعيد عن أمراض فتاكه لم يدركها الأولين ولا الآخرين ، وكثيرا أتذكر إبتسامة صديقى الصدوق الدكتور عبدالهادى راضى وزير الرى لى رحمه الله وهو على فراش المرض ، إدراكا منه أن الغايه من محاولاتى المستمره أن أقول له مايبهجه أنه للتخفيف عنه ، وكانت مرافقتى الدائمه له بمستشفى الطيران حيث كان يعانى من السرطان وتوفى وهو يشغل الموقع الوزاري ، أحد أبرز المنطلقات التي نبهتنى لأهمية أن أحتضن أسيادى من المرضى ، وأكون خادما لهم ، وإدراكى اليقينى أن الحياه لاقيمة لأى شيىء فيها ، ولاتستحق أن يتجرد الإنسان من الأخلاق ، أو يتنازل عن مبادئه ، أو يمعن في النفاق بغية الحصول على تميز ، لأن الأمر في النهاية مرض وفقدان لكل شيىء بالموت الذى كتبه رب العالمين سبحانه على كل البشر . هكذا أستشعر ونحن فى نهاية الأسبوع .
عبر مسيرة حياتى المهنيه منذ وطأت قدماى بلاط صاحبة الجلاله الصحافه قبل أربعين عاما مضت ، عايشت بشرا كثر من ملاك الثروه ، والمنصب ، والجاه ، والسلطان ، وعايشت مراحل تجردهم منها ، وفقدانهم لها حتى أصبح كثر منهم نسيا منسيا ، اللهم إلا الذين إمتلكوا قلوب الناس بطيب نفوسهم ، وكريم صنائعهم ، وكنت أتعجب من الذين يمدحونهم حتى وإن كان البعض منهم يستحقون لكن تظلل تلك الريبه لإمتلاكهم هذا التميز ، ثم عندما فقدوها لم يعد يطرق بابهم هؤلاء ، بل وسمعت من الحواريين بشأنهم مايؤلم النفس ، ويقهر الذات ، ويجعلنى أدرك أن الشهاده الحقه بحق أى مسئول رفيع لاتتسم بالمصداقيه إلا بعد تجرده من المنصب ، أو فقدانه للمال .
إنطلاقا من ذلك بات من الضرورى أن يزجر الإنسان نفسه بين الحين والحين ، وينتزعها من وجدانه حتى لاتغوص في أتون الضلالات ، ويصيبها الهوس المجتمعى ، والإنحدار الخلقى ، والتردى السلوكى ، حيث الغفله وعدم إدراك أن دوام الحال من المحال ، وأنه في لحظه قد يكون نسيا منسيا ، إما بالرحيل عن هذه الحياه وفق مقدور رب العالمين سبحانه ، أو بالتجرد من المنصب ، وفقدان القوه التي عمقها موقع وظيفى ، أو تلاشى الثروة التي جعلته موضع ترحيب في المحافل والكيانات ، أو ذو مكانه إجتماعيه منطلقها القرب من السلطه .
خلاصة القول .. فى لحظة صدق مع النفس نتعايشها الٱن تأثرا بما يحيطنا من أحداث يتعين أن نعترف أننا جميعا جميعا أخذتنا دوامة الحياه فلم يعد الموت واعظا ، وفقدان الأحباب منبها ، والتجرد من السلطه رادعا ، وأصبحنا نعيش في مجتمع يعج بالمتناقضات ، رغم أن رب العالمين سبحانه يرينا كل يوم آياته لكننا في غفله ، الأمر الذى معه يجب أن يكون منطلقاتنا في الحياه تعميق المحبه ، وتأصيل الإحترام ، وقول الصدق ، وتقديم الخير للناس ، لعلنا نستطيع أن نعيد إلى النفس بعضا مما فقدته من إستقرار .