بالأمس فوجعنا بتصادم قطارى المنيا وإنقلابهما في البحر ومن لم يمت في التصادم مات غريقا في البحر ، يبقى أن تتوقف كل مظاهر ” الولوله ” ونهج طرح مبررات واهيه لاتقنع طفل صغير ، وألا يزايد أحدا على الحكومه أو الفريق كامل الوزير ونسمع ونقرأ مايؤلم النفس ، ويقهر الذات ، ويسبب الإحباط ، ونترك الأمر برمته للجهات المعنيه لكشف النقاب عن أسباب الحادث وملابساته ، وننطلق منها إلى دروس مستفاده بحق ليس في قطاع السكه الحديد والطرق وفقط بل في كل الحياه ، هذا إذا كنا نريد بصدق أن نرمم ماسيخلفه هذا الحادث المؤلم ، ونضع آليات بعدم التكرار ، وندعو الله تعالى أن يتغمد الشهداء الذين راحوا ضحية هذا الحادث بواسع رحمته .
لاشك أن لهذا الحادث الجلل دروس مستفاده ، يجب أن ننتبه لها ونتفاعل مع مضامينها ، ونتوقف عن مصمصة الشفاه ، وجلد الذات ، والطبل والزمر ، وكفى تهليل وتصفيق لما قيل أنه إنجازات غير مسبوقه في التاريخ ، ونعظم جميعا رؤيه وطنيه صادقه ، خاصه بحق ماهو مستور ، أو محظور الحديث فيه ، أو حتى تناوله همسا ، والكثير من الأمور منها ماهو صحى ومنها ماهو إدارى ، وجعل كثر يتحدثون فيما هو مسكوت عنه ، ولعلها فرصة نخرج فيها أحزابنا السياسيه من القبور التي دفنت فيها ، وتتوقف الأحزاب الأخرى عن مشاركة حزب السلطه في الطبل والزمر والبروباجندا ، بل ويغير حزب السلطه نفسه نهجه وإستراتيجيته ويتنافس الجميع من خلال مالديهم من خبراء بكافة المجالات والتخصصات في تقديم رؤيه حقيقه للقضاء على مشاكلنا وتطوير وطننا الغالى ، ونعظم لديهم فضيلة التنبيه بالقصور لتلافيها قبل وقوع الكوارث ، إنطلاقا من الموضوعيه والإحترام والحجه والبيان وليس المزايده والمطاحنه والهزل .
لعل هذا الحادث الذى أدمى قلوب كل المصريين مواطنين وأعضاء الحكومه يكون فرصه تنتبه فيها الحكومه لأهمية وجود صحافه حره مسئوله وواعيه ووطنيه تكشف النقاب عن مواطن الخلل ، ويتفاعل معها كل أعضاء الحكومه إما بالتوضيح والتصويب لو كان مايطرح يفتقد للرؤيه السليمه والمعلومات الدقيقه ، أو التجاوب مع مايطرح من خلل يقينى وحقيقى ومثبت والقضاء عليه ، والتوقف وفورا عن السياسه البغيضه الحادثه الآن والتي تقوم على عدم العنايه والإهتمام بما يقوله الساسه ، أو يطرحه مابقى بالأحزاب من كرام وطنيين لهم رؤيه ، وما يرصده الكتاب إنطلاقا من واقع الحياه ، وفرض الصمت على هؤلاء الساسه والنواب خاصة هؤلاء الذين ينتمون لأحزاب كانت تمثل المعارضه بصدق ، وتنبيههم بالتوقف وفورا عن سياسة الطبل والزمر والمديح في قطاع الطرق والسكه الحديد والقائمين عليه في القلب منهم الفريق كامل الوزير ، هذا المديح الذى واكب هذا الحادث المؤلم فبات محل سخريه وإستهجان وإستفزاز للناس .
يقينا .. يجب أن يكون تناولنا لمانراه من خلل إنطلاقا من محاوله للفهم ، بغية الإصلاح ، وليس إنطلاقا من التشويه ، أو النيل من الأشخاص ، أو حتى الكيان ، ولننتبه لهؤلاء المغرضين الذين يتاجرون بالشعارات من أجل تصفية الحسابات مع زملائهم ، أو القضاء على الكفاءات التي نحتاجها جميعا ، ولعل هجر كثر من الكفاءات تأثرا بالمناخ السائد خير دليل ، والذى ينطلق من هذا التحزب الواضح بين الأشخاص بما يشبه الشلليه ، يزيد على ذلك التصدى لما ندركه من تردى فى الأداء ، والمنظره فى العمل ، والتراخى فى إتخاذ القرار ، والذى من الطبيعى أن يتحمل الساسه الذين ينتمون للمعارضه ومعهم النواب تبعات هذا الإخفاق بحكم موقعهم الوطنى لذا يتعين على الحكومه ومعها كل الساسه والنواب في القلب منهم المنتمين للمعرضه أن يعيدوا حساباتهم في النهج والأداء وحتى الرؤيه أملا في الإنتباه لمواطن الخلل قبل وقوع الكوارث ، وأعتقد أن تلك الرؤيه لايختلف معى فيها إلا هؤلاء الذين لايريدون الخير لوطننا الغالى ومصرنا الحبيبه .