قبل أيام أبكتنى عندما إلتقيتها باللجنه الطبيه بطنطا حيث رأيتها حطام بشر نظرا لأنها تعانى من وهن عضلى ، وإسترجعت الذاكره لمايقرب من عشر سنوات عندما جمعنى بها القدر وهى مقبله على الحياه ، ومبتهجه ، وسعيده ، ولديها طموح أن تحصل على الدكتوراه وتكون ضمن أعضاء هيئة التدريس بالجامعه ، فهى وبحق من النابهات النابغات ببلدتى بسيون ، وهكذا والدها المهندس شفاه الله وعافاه ، وطلبت منى بحكم مسئولياتى النيابيه مساعدتها في تحقيق طموحها ، من خلال الحصول على حقها في التعيين بالشهر العقارى ضمن حملة الماجستير ، لتستكمل رسالتها العلميه ، فتواصلت مع صديقى العزيز معالى الوزير المستشار عمر مروان مساعد وزير العدل للشهر العقارى في ذلك الوقت ، ووزير وزارتى شئون مجلس النواب والعدل السابق ، ومدير مكتب الرئيس الآن ، والذى تربطنى به صداقه منذ ثلاثين عاما حيث جمعتنا محكمة جنوب القاهره أياما طوال عندما كان ممثلا للنيابه العامه في قضية الحباك الشهيره ، وكنت وقتها رئيسا لقسم القضايا والحوادث بجريدة الوفد ، فأكد على أحقيتها وتم تعيينها وزملائها بالشهر العقارى ، وتم توزيعها على الشهر العقارى بطنطا .
تمالكت نفسى وأنا أتابع قضيتها الإنسانيه مع الدكتور أيمن عابدين مدير اللجان الطبيه بطنطا ، والدكتور فؤاد صادق مدير إدارة اللجان الطبيه بطنطا ، حيث صدر لها قرار من اللجنه الطبيه بطنطا يتضمن منحها عجز جزئى حيث تعانى من وهن عضلى ، وذلك بعد أن سبق وتم منحها لمدة عامين أجازة مرضيه بأجر ، وكان يتعين إصدار قرار من اللجنه الطبيه بالعجز الكلى طبقا للماده 51 والذى بمقتضاها تستحق أجازه مرضيه بأجر كامل حتى المعاش ، خاصة وأنها فاقده حتى نعمة التعايش الأسرى والمجتمعى حيث اصيب والدها الحبيب بالسرطان ، وفقدت والدتها البصر وتم بتر جزء من قدمها لتنامى السكر ، وباتت الأسره جميعها كل منهم فى حاجه لعائل يعينهم حتى على التقل داخل مسكنهم ودخول الحمام ، الأمر الذى معه توقفت كثيرا وطويلا أمام قرار العجز الجزئى لإفتقاده للحجيه الإنسانيه قبل القانونيه بالنسبه لتلك الحاله المرضيه ، خاصة وأن الدكتور فؤاد صادق مدير إدارة اللجان الطبيه بطنطا أكد لى تفهمه لظروفها الصحيه ن وماتعانيه فى التنقل بين بلدتنا بسيون حيث مقر سكنها وطنطا حيث مقر عملها ، وخطورة ذلك على كيانها نظرا لطبيعة مرضها ، لكن القانون وبنوده ومواده لم ينتبه إلى عمق تلك المأساه ، فبكيت لإدراكى بإنتقال الإنسانيه من واقعنا إلى رحمة الله تعالى ، لذا لم ينتبه لها واضعى اللوائح وبنود القوانين من البشر لاسامحهم الله .
أصابنى الهلع وأنا أحاول الفهم ، والبحث عن الحقيقه ، وإستجلاء الأمر فيما يتعلق بتلك القضيه ، تعاظم الهلع عندما فهمت من الدكتور فؤاد صادق مدير إدارة اللجان الطبيه بطنطا أن اللجنه لاتمنح الموظف المريض أجازه مرضيه متصله لحين الوصول لسن المعاش إلا إذا كان حطام بشر ، ولاعلاقة له بكل مجريات الحياه ، وميئوس من شفائه ، ومغيب عن الوعى ، وفاقد الإحساس بالوجود ، لأنه بذلك تكون حالته قد وصلت إلى العجز الكامل ، لذا فإن المريضه وإن كان ثبت يقينا وبالتقارير الطبيه الرسميه أنها تعانى من وهن عضلى ، وهذا مرض يستحيل الشفاء منه طبقا للرأي الطبي ، إلا أنه طالما تنتبه وتدرك من حولها لايمكن منحها تلك الأجازه ، لذا تم إعادتها للعمل حتى وإن كانت جثه تتحرك على الأرض تذهب لينظر إليها زملائها والمترددين على محل عملها بمزيد من الشفقه ، ويطلبوا لها الرحمه ، وعليها أن تنتظر أن تمنح القرار عندما تصل إلى تلك الحاله التي تكون فيها لاإنسانه .
أبكانى كثيرا هذا التصور الطبي الذى يفتقد لكل الإنسانيه ، ويعمق لدينا القهر بحق ، ونظرا لأننى مازلت متمسكا بكونى إنسان أتصور أن أى قرار يجب أن يكون مبنيا على أسس موضوعية ، خاصة مايتعلق بالحالات المرضيه ، وإلا يكون منعدم الجدوى خاصة فيما يخص اللجان الطبيه الذى لها علاقة بتحديد معالم المرض ودرجات العجز ، وكذلك تحديد دقيق لتصنيفات المرض ، وهذا أمر يتفق مع المنطق والعقل ومقتضيات الأحوال المرضيه ، لذا عند الخروج عن تلك الٱليات يتعين أن يكون هناك رؤيه لتصويب ذلك خاصة وأن له علاقة بصحة المرضى وظروفهم الإنسانيه ، يبقى الأمل في الله تعالى رب العالمين سبحانه رب الأرباب مالك الملكوت ، والرحيم بعباده ، ثم الدكتور كريم بركات وكيل وزارة التأمين الصحى الجديد بالغربيه الذى سبقه إلينا سيرته الطيبه وكفاءته ، وكذلك من تبقى لديهم ولو ذرة من الإنسانيه من القائمين على تلك المنظومه ، أن يكون لهم قرار بشأن مريضتنا العزيزه ينطلق من إنسانيه قبل أن نترحم على مابقى من تلك الإنسانيه بل وعلى كل الحياه .