إنتابتنى حاله من الإنزعاج الشديد على واقعنا السياسى ، والبرلمانى ، وحتى المجتمعى ، وذلك تأثرا بطريقة تناول اللجنه التشريعيه لرؤية نقيب الصحفيين فيما يتعلق بقانون الإجراءات الجنائيه ، ومستوى فهم أعضاء اللجنه لمضامين ماطرحه نقيب الصحفيين ، لسبب بسيط أن هؤلاء من المفترض أنهم صفوة المفكرين ، وخلاصة رجالات التشريع في هذا الوطن الغالى ، فإذا كانوا بهذا المستوى عند الخلاف خاصه وأنه ليس خلاف شخصى إنما يتعلق بمضامين تشريعيه الخلاف فيها طبيعى للوصول لمستوى فهم دقيق للمواد الخلافيه ، تنامى الإنزعاج لأنه كيف إذن أطمئن على التشريعات التي تحدد معالم الحياه وهذا النهج منطلق تعامل ، أقول ذلك بصراحه شديده كنائب سابق بالبرلمان ، ومحرر برلماني يمتلك من الخبرات مالم يصل إليه أعضاء اللجنه التشريعيه ، وبمنتهى الإحترام ليس لنقيصه لديهم إنما لحداثة تجربتهم البرلمانيه ، وتلك سنة الحياه .
بوضوح .. في سابقه أعتقد هي الأولى في تاريخ الحياه النيابيه إتهمت لجنة الشئون الدستوريه والتشريعيه بمجلس النواب نقيب الصحفيين المحترم خالد البلشى في بيان رسمي أصدرته أن حديثه ” يفتقر إلى الدقة ، ويعتمد على مغالطات فجة وتضليل للرأي العام ، وتحويل الخلاف التشريعي إلى خلاف سياسي ، ومهاجمة مشروع القانون ؛ لعدم خروجه للحياة العملية ” ، وجاء في بيان إتهام اللجنه الموجه لنقيب الصحفيين القيمه والقامه أن هذا النوع من الخطاب يعمد إلى تضليل الرأي العام بتصوير البرلمان كجهة تعمل ضد مصلحة المواطنين ، بينما الحقيقة طبقا لما جاء بالبيان أن مشروع القانون يأتي إستجابة للتحديات المجتمعية والمتطلبات الدستورية ، مبتغيًا تطوير منظومة العدالة لضمان حقوق الأفراد ضمن إطار قانوني عادل ؛ في تأكيد أيضا إلى أن استخدام نقيب الصحفيين لغة التحريض في كلمته لا يخدم مصلحة الحوار البناء ، بل يعزز مناخ التشكيك ، لذا وفى إفتقاد للحكمه ، هددت اللجنه في بيانها نقيب الصحفيين المحترم بوضوح وصراحه بأنها « لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ادعاءات مغرضة تهدف إلى إرباك الرأي العام وزعزعة الثقة في مؤسسات الدولة المصرية ، حتى ولو صدرت من أناس يستترون خلف جدار حرية الرأي » ، هكذا جاء بيان اللجنه .
بحق الله كلما راجعت البيان التحريضى والتهديدى والإنبعاجى للجنه التشريعيه بمجلس النواب قلبى يعتصره الألم ، وتنتابنى الأوجاع حزنا على هذا المستوى الذى وصل إليه تعامل النواب مع المختلفين معهم في الرأي ، لكننى أحمد الله أنهم لم يتهموه بالإرهاب ، أو دعم الإرهابيين ، بل إننى ظننت تأثرا بثورة رئيس وأعضاء اللجنه الدستوريه والتشريعيه بمجلس النواب وما تضمنه بيانهم من تجاوزات ، ممزوجه بإتهامات فظيعه ، أن نقيبنا المحترم خالد البلشى نقيب الصحفيين طالب بما يدفع في إتجاه هدم الدوله المصريه ، أو التحريض عليها ، أو النيل من مقدراتها ، أو تعاون مع مجرمين من أجل إضعاف الوطن ، وكأنهم لم يدركوا ما جاء بوضوح على لسان نقيب الصحفيين خالد البلشي في المؤتمر الصحفى الذى عقده ، من أن «مشروع القانون لا يلبي كثيراً من المعايير لوجود نصوص تخالف الدستور، بالإضافة إلى نيله من مواد الدستور الخاصة بالتقاضي ونظام العدالة ». وإعلانه أن نقابة الصحفيين أعدت ملاحظات على مشروع القانون تضمنت « التأكيد على ضرورة مراجعة المشروع بشكل عام من قِبَل لجنة خبراء القانون الدستوري والجنائي والقانون الدولي العام ، مع الإشارة إلى أهمية إجراء حوار مجتمعي قبل مناقشته في مجلس النواب ». وضرورة وضع قواعد واضحة للتظلم من قرارات أو إجراءات يتم اتخاذها من إحدى السلطات ، على أن يكون التظلم لجهة خارجية عنها ورقيبة عليها ، كما جددت نقابة الصحفيين على لسان نقيبها خالد البلشى مطلبها بضرورة وقف مناقشة هذا المشروع الذي وصفته بالكارثي ، والبدء في حوار مجتمعي حقيقي لوضع قانون جديد يستجيب لتطلعات المجتمع ، ويراعي مطالب مختلف الأطراف ، ويحافظ على ثقة المواطنين في نظام العدالة ، ويكرس لحقوقهم وحرياتهم ، أو الاستجابة للمطالب المرفوعة ، كما أكدت النقابه التي أتشرف بعضويتها ، وأن خالد البلشى نقيبى ، أن ماطرحته من رؤيه كان منطلقها مشاركتها في الحوار الوطنى ، والذى كشفت فيه أن 41 مادة من مواد المشروع تخالف مواد الدستور، كما كشفت عن وجود 44 مادة تحتاج لتعديلات جذرية ، بينها مادتان على الأقل تتعلقان بعمل الصحافة . ولاأعتقد أن هناك ولو مغرض ، أو شخص فقد القدره على الفهم يمكن أن يرى فيما جاء ببيان نقابة الصحفيين ، أو على لسان النقيب شطط يستدعى أن يطاله كل تلك الإتهامات .
بحق الله إنطلاقا مما حدث من النواب بحق نقيبنا المحترم تملكتنى حاله من الخرص الشديد تأثرا بما تمخض عنه من حوارات كثيره مع من تبقى من أصحاب الرأي والفكر والرؤيه من أبناء جيلى ، الذين إنزوا إلى ركن ركين ، إحتراما لتاريخهم ، والذين إنتهى بهم القناعه أن نقيب الصحفيين الزميل خالد البلشى أخطأ خطأ جسيما وأعضاء مجلس نقابة الصحفيين عندما طرحوا تلك الرؤيه شديدة الإحترام ، ظنا منهم أننا نعيش أجواء ديمقراطيه حقيقيه ، أو حياه حزبيه سليمه ، أو أن لدينا أحزاب يرتقى مستواها حتى ولو لأضعف حزب فى زمن عايشته نائبا بالبرلمان ، وسياسيا ينتمى لأكبر أحزاب المعارضه المصريه ، وتتلمذ وجها لوجه على أيدى فؤاد باشا سراج الدين أخر الزعماء التاريخيين بمصر ، وصحفيا على أيدى عظماء الصحافه شردى ، وبدوى ، والطرابيلى ، وعبدالخالق ، أو أن الحوار الوطنى يكتنفه المصداقيه حتى وإن كان ذلك تأثرا بما صاحبه من ضجيج ، لذا لم يشاركوننى الإنزعاج مماطال نقيبنا المحترم خالد البلشى ومجلس النقابه الكرام من اللجنه الدستوريه والتشريعيه بمجلس النواب ، ليقينهم أننا أصبحنا فى من ثوابته أنه ليس بمستغرب أن يطال الكبار ماهو خارج سياق المنطق والعقل ، لذا كثيرا ماأحمد الله على ماإنتابنى من زهد فى هذا البرلمان لدرجة رفضى الترشح أكثر من مره رغم ماتعرضت إليه من ضغوطات شعبيه للترشح للعوده للبرلمان ، وكيف أتحمس وضميرى ويقينى أننى لن أفعل كما فعلت ، ولن أشعر بالفخر نائبا كما كنت .
خلاصة القول .. الٱن قد يتفهم زملائى الأعزاء فى القلب منهم الكاتب الصحفى الكبير صالح شلبى أحد قدامى المحررين البرلمانيين والمثقفين من قرائى الأعزاء لماذا أبتعد كثيرا عن تناول الواقع السياسى ، والتركيز على هموم الناس وقضاياهم ، وتناول مشكلات بلدتى بسيون ذا التاريخ المشرف أشخاصا وكيانا ، لأن واقعنا السياسى والحزبى وتنامى ظاهرة الفزلكه والحنجله الممزوجين بالهزل باتوا جواز الإستمرار فى المعترك السياسى ، الأمر الذى معه وجدنا العجب العجاب ، وسحق هؤلاء كل ثوابتنا إلى الدرجه التى معها يستفز الحليم وقد يدفع للشطط فى التناول ، يبقى أن هذا الهجوم البغيض الذى طال نقيبنا القيمه والقامه جعل كثر يدركون أهمية أن يكون للإنسان موقف ويكفيه هذا الموقف أن يسجله التاريخ بأحرف من نور ، ويعيد إلى الأذهان ماسجلناه من مواقف نقابيه شبابا خاصة فيما يتعلق ، بإنعقاد الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين في 10 يونيوعام 1995 للاحتجاج على القانون رقم 93 لسنة 1995، والذى تضمن تغليظ العقوبات فى جرائم النشر وألغى ضمانة عدم الحبس الاحتياطى للصحفيين فى هذه الجرائم ، وعقب التصدى لذلك القانون ، اختارت الجمعية العمومية هذا اليوم ليكون عيدًا سنويًا لحرية الصحافة ، بإعتباره رمزا لحرية الصحافة ، ويأتى ضمن تاريخ من معارك كبرى سطرها الشعب ولى الشرف المشاركه في هذا اليوم والإعداد له ويكفى تلك المنشوره مع المقال للدلاله ، ويكفى الساده أعضاء البرلمان الموقرين أن ينتبهوا إلى أن هجومهم على نقيبنا المحترم أزعج كل الشعب لإدراكهم أنه لم يخرج عن ملة الإسلام عندما أكد على تلك المطالب المشروعه ، كما يبقى أن أتصور أن تصرف اللجنه التشريعيه بمثابة ترسيخ اليقين بأن هذا المستوى البرلمانى فى الأداء أراح نفسى بأن موقفى بشأن عدم الترشح كان صائبا لأن عودتى للبرلمان وبه هذا المستوى من النواب يعنى أننى سأموت كمدا وحسره ، بل أصبحت أترحم على من زاملتهم بالبرلمان حتى الذين نعتهم البعض بالنقائص لمجرد أن البعض منهم كانوا ينتمون لحزب النظام ، والٱخرين كانوا ينتمون لليسار فى القلب منهم الدكتور زكريا عزمى ، والوزير كمال الشاذلى ، والدكتور عبدالأحد جمال الدين ، والوزير فتحى البرادعى ، وأمين مبارك ، وخالد محيى الدين ، وكمال أحمد ، وأبوالعزالحريرى ، ومحمد البدرشينى ، يكفى أن البسطاء من الناس وهم المكون الحقيقى للشعب المصرى لم يعد أحدا فيهم يهتم بأمر البرلمان ولو بالإدلاء بالصوت . على أية حال يبقى السؤال الذى يبحث عن إجابه .. هل ستظل تلك قناعات رئيس وأعضاء اللجنه الدستوريه والتشريعيه بمجلس النواب ونهجهم مع الرأي الآخر ، أم أن هناك من الكبار من سينبههم لخطورة هذا النهج الإستقوائى على الآخر .. تابعونى .