أخذتنا الحياه حتى من أنفسنا ، وتاه منا كثر فى دروبها ، وغاص جميعنا في أعماق واقعها نبحث عن السعاده بأى شكل وصوره ، لذا شغلتنا مباهجها ، ونسينا جميعا أننا عبيدا لله رب العالمين ، فتجبر بعضنا على بعض ، إلى الدرجه التي فيها سحق القوى الضعيف بلا رحمه ، وظلم الإنسان أخاه الإنسان بلا شفقه ، فتعاظمت الخصومات ، وأصبح من الطبيعى أن نرصد صراعا داميا حتى بين الأخوه الأشقاء ، وهذا يقين أننا فى غفله ، نسينا أن للكون رب عادل كريم ، لايقبل بالظلم ، ولايرضى بالقهر ، فكان من الطبيعى بذل كل الجهد للإستحواذ على المناصب ، والإبداع فى جمع الأموال لايشغلنا إن كان من حلال أو حرام .
تأثرا بذلك أجدها فرصه فى نهاية الأسبوع أخلد فيها إلى نفسى ، أزجرها ، وأردعها حتى تنتبه أننى إلى زوال ، وكذلك كل البشر ، صاحب المنصب ومن لامنصب له ، الغنى والفقير ، القوى والضعيف ، جميعا جميعا راحلون ، لتعميق ذلك كثيرا ماأستحضر الأحباب الذين رحلوا عن عالمنا ، لأنبه نفسى أننى لاحق بهم لامحاله ، ومن تأنس بهم الروح في الدنيا من الأكارم الفضلاء ، الذين يحتضنهم الوجدان ، بغية بث الطمانينه والشعور بالأمان .
لن أنسى ماحييت اليقين بأن دخول الحمام نعمه للإنسان ، فلا عجب من ذلك ولاغرابه ، لأنه لو إحتبس في الإنسان البول لتم تدمير كل أعضاء جسده ، ولإعتراه الهزال ، وبات يستعد للرحيل عن تلك الحياه .. لن أنسى هذا اليوم الذى إستنجد بى فيه صديق فجرا للبحث له عن طبيب ، لأنه لم يدخل الحمام لأيام وكانت ليله مشهوده ، عندما إنتهى به الأمر دخول الحمام بعد محاولات للطبيب إستغرقت ٧ ساعات ، ولم يجد مايقدمه للطبيب من تقدير إلا تقبيل يديه فى تصرف أذهل الحضور ، وصديقى هذا هو من هو ، أحد العمد الكرام ، الذين يشار إليهم بالبنان ، ويشغل أولاده مواقع وظيفيه رفيعه ، هذا الحبيب الغالى عرض أن يتنازل عن بعضا من أرضه لمن يساعده من الأطباء أن يدخل الحمام .. حقا ماأضعفك أيها الإنسان .
تعاظمت فواجع الأقدار وأصبحنا نستيقظ كل صباح على حادث جلل ، تزهق فيه أرواح أحباب كرام ، وأخذتنا دوامة الحياه وباتت الأمنيه لأسيادى من المرضى أن يعينهم رب العالمين على مرضهم ويلهمهم الصبر الجميل ، لذا يتعين أن ننتبه أننا فى لحظه سنكون ذكرى ، وأننا جميعا راحلون ، فالنتسابق للطاعات ، ونتنافس فى فعل الخيرات ، وتعظيم جبر الخاطر ، ونحتضن الأحباب ونزود عنهم كل مكروه وسوء ، وندخل السرور على البسطاء ، والفقراء ، والمهمشين ، وذوى الحاجه .
ياأيها الأحباب .. جميعا سنرحل .. جميعا إلى زوال .. جميعا سيوارى أجسادنا التراب .. جميعا سينسانا حتى الكرام لأنهم سيلحقون بنا وسيأتى جيلا لايعرف عنا إلى ماتواتر عنا من الأثر ، ومانقله أصحاب الفضل لأحفادهم من مواقف هي فخر وعزه وشرف ، جميعا سنترك خلفنا أثر ، فاليكن مانتركه من الأثر جميلا طيبا ، يسعد النفس ، ويجعل هناك من يدعون لنا بظاهر الغيب ، إياكم أن تجرحوا القلوب ، أو تبثوا في النفوس الآلام والأحزان ، تعالوا نجبر الخاطر ونحتضن الأحباب مابقى لنا من عمر في هذه الحياه ، هل نستطيع؟ أم أنه بات من القدر أن تأخذنا دوامة الحياه .