يقينا .. عراقة النظام المحلي في مصر ثابت ثبوت اليقين بالوجود ، خاصة وأنه قديم قدم نشأة الدولة المصرية ذاتها ، ففي عام 3200 قبل الميلاد نجح الملك مينا في توحيد القطرين ليضع أسس الدولة المصرية كدولة بسيطة واحدة ، لكن هذا لم يمنع من تقسيم البلاد إلى وحدات على أساس جغرافي في إطار الدولة الموحدة وتحت السيطرة المباشرة للحكومة المركزية منذ العصر الفرعوني ، كما أن مصر تعد من أعرق الدول التي عرفت الإدارة المحلية منذ تقسيم أرض الدلتا إلى قسمين رئيسيين هما الريف والحضر وذلك في أعقاب فتح مصر عام 641 ميلادية ، ومع تولي محمد علي الحكم قُسمت البلاد إلى 14 مديرية وقسم المديريات إلى مراكز ، كما أن تطبيق مصر لأول نظام للإدارة المحلية كان بمقتضى القانون في مايو 1883 .
تمخض عن النظام المحلى العتيق والعريق ماسمى في العصر الحديث بدولاب العمل الإدارى وهو من أعرق النظم منذ التاريخ والذى سجل في صفحاته الخالده أنه حمى الوطن من الإنهيار فى 2011 ، فيما سميت بثورة يناير ، والتى كانت محل خلاف دراماتيكى حيث سجلت في دستور الدوله على أنها ثوره ، وأكد البعض على أنها مؤامره على الوطن تأثرا بما بدر بعد ذلك من الشاب وائل غنيم الذى إعتبره بعض الشباب أيقونتها من أمور مخجله ، ومذريه ، كشف عن تدنى أخلاقى غير مسبوق لذا شاركت العقلاء من الشباب رؤيتهم في هذا الشأن وإنتابنى حاله من الذهول مثلهم وشاركتهم الهواجس ، والتي منها كيف خدع هذا الشاب عموم الشباب ، وماذا لو نجحت الثوره وتولى هذا الشاب منصب رفيع كيف سيكون حال الوطن وهو بهذه الأخلاق ، وكذلك مابدر من بعض قادتها من الشباب من حرق للمجمع العلمى الثابت بالصوت والصوره وليس إنطلاقا من مزاعم وإفتراءات ، والعبث بتاريخ الوطن ، حتى أننى محاوله للفهم قلت مثلهم كيف لثائر أن يهدم تاريخ وطنه ، لذا قال المنصفون أي ثورة تلك تهدم تاريخ وطن ، وسجلها المؤرخون بأنها مؤامره على مقدرات الدوله ، وسجلها الواقع بأنها أرجعتنا للوراء سياسيا ومجتمعيا وحزبيا وديمقراطيا لسنوات طوال .
قد أتفهم ضرورة جعل التكنولوجيا الحديثه منطلقا في إدارة شئون البلاد ، والتعامل اليومى في كافة الوزارات والهيئات ودواوين المحافظات ، بل ونهجا لكل دواوين الدوله ، لكن ليس معنى ذلك إلغاء خبرات طويله ، تتميز بها مصرنا الحبيبه ، دون إدراك أو حتى إنتباه أنها من تغذى تلك التكنولوجيا بالمعلومات والتحليلات ، والتي من الطبيعى أنها لاتعمل من تلقاء نفسها ، يبقى أن التحديث والتكنولوجيا والدوله الحديثه كلمات جميله وغايات نبيله ، لكن ليس تحقيق التقدم منطلقه تلك الغايات ، أو التوسع في الشعارات الممزوجه بالبلاغه في الكلمات .
خلاصة القول .. هذا التاريخ العظيم لدولاب العمل الإدارى مهدد الآن بالإنهيار ، الأمر الذى معه نكاد ندرك حدوث خلل جسيم في كافة نواحى الحياه ، قد يعرقل مسيرة التنميه ، لإفتقاد الخبرات ، بل لإنعدامها بالكليه لعدم إعداد أجيال متعاقبه من الموظفين كتواصل أجيال ، الأمر الذى معه بات دولاب العمل الإدارى هش ، وضعيف ، ولايستطيع تجاوز الأزمات ، وهذا أمر شديد الخطوره . يكفى للدلاله على ذلك أنه تم الإستعانه بالكرام الأفاضل من ذوى الإحتياجات الخاصه المعينين ضمن نسبة الـ 5% ، وذلك لسد العجز الناجم على خروج عدد كبير للمعاش رغم أن قرار تعيينهم يتضمن مراعاة ظروفهم عند تكليفهم بالأعمال ، ستتجلى تلك المصيبه العام القادم بإذن الله لأنه من المتوقع خروج أعداد كبيره على المعاش ، فهل تنتبه الحكومه لمضامين ماطرحت ، وهل يخضع مسئول وطنى وكل المسئولين وطنيين ماطرحته للدراسه والفحص . أتمنى ، يبقى إبراءا للذمه وأمانة القلم ، والرغبة الصادقه أن يكون وطننا الغالى أعظم الأوطان كان هذا الطرح . اللهم بلغت اللهم فاشهد .