المعاش هذا الملف المسكوت عنه طويلا وكثيرا رغم الأضرار الجسيمه التي ألحقها نظامه العقيم بكل المصريين الذين يخرجون على المعاش كل يوم ، لذا بات يمثل المعاش في هذا الزمان خطيئة مجتمعيه كارثيه ، بل أصبح إسم بغيض ومستهجن لواقع مجتمعى أليم ومرير ، يتعايش مرارته بصدق كل من وصل لعامه الستين من الموظفين ، وهو نظام أقل مايمكن وصفه به أنه نظام إجرامى وضعه من يريد إذلال المواطن المصرى صاحب هذا الوطن ، وسحق إرادته ، بل إستقر اليقين أن من وضعه في سالف العصر والأوان يضمر الشر للمصريين ، وكأنه يخطط على المدى البعيد إلى تدمير المجتمع المصرى عن آخره ، ومحو من الأذهان ماقيل من أن المصرى مصدر الإبداع ، ومنطلق التقدم ، وجعله فاقد القيمه ، منعدم النخوه ، عديم الشرف ، بعد أن فرض عليه أن يكون ذليلا منكسرا في سن حرج تحاصره فيه الأمراض وتزداد عليه الأعباء .
ستظل اللعنات تلاحق من وضع هذا النظام وجعله من المكونات المجتمعيه ، بل لو كان الأمر بيدى لقدمت من عظم منه في عصرنا الحديث لمحاكمه تاريخيه نظرا لرحيل المجرمين الذى وضعوا ملامحه ، وأسسوا نهجه ، لما سببه هذا النظام اللعين من إنهيار فى مكون الأسره المصريه ، لأن من خرجوا على المعاش باتوا فى وضع معيشى ومجتمعى ليس صعب بل كارثى ، يتغافله عن عمد مسئولين كثر أصحاب قرار لكنهم لايتعايشون تلك المأساه الحقيقيه لأنهم في تقديرى ليسوا من نسيج الشعب ، ولايشعرون بآلام المواطن ، ولايعيشون مع أرباب المعاشات تبعات هذا النظام البغيض ، لإنفصالهم عن واقع الحياه لأنهم يعيشون في برج عاجى فلا يدركون تلك الكارثه التى حلت بالموظف المصرى ، لأنه ليس من بينهم أحدا من أقاربهم حتى الدرجه المائه ، حيث تم تسكينهم جميعا في مواقع وظيفيه رفيعه ، لايطبق على من فيها هذا النظام البغيض ، فأى منطق يقول أن موظف ضاع عمره في الوظيفه ، يتقاضى ألفين من الجنيهات شهريا ، أو ثلاثه بعد أن كان يتقاضى ثمانيه ٱلاف جنيه ويزيد من خلال الحوافز والبدلات ، في الوقت الذى معه أضيفت عليه أعباء العلاج حيث أصبح فى سن يحتاج بحق للرعاية الصحيه التي لم تعد متوفره الآن بالشكل اللائق نظرا لأنه أصبح من أرباب المعاشات ، وحاجة أولاده للمال الذى يساعدهم على الزواج ، ومواجهة أعباء الحياه ومتطلباتها ولو من خلال مشروع ولو صغير بعد أن توقفت التعيينات بالكليه ، وبات المؤهل الجامعى منتهاه أن يعلق على الحائط .
بشفافيه .. أتفهم أن هذا الملف الخطير ليس وليد اليوم ، أو أن نظامه اللعين وضعه المسئولين في هذا الزمان ، لكن ليس معنى ذلك أن نلتمس لهم العذر على صمتهم وعدم التفاعل مع تداعياته ، بل كان يتعين عليهم أن ينتبهوا لخطورته على المكون المجتمعى ، ويعملوا على التصدي لتبعاته ، قبل أن يصبح عصيا على العلاج ، وهذا من صميم عملهم ، ومع ذلك لايجب أن يتحملوا كل المسئوليه بل يجب أن يتحملها معهم النواب المنوط بهم التشريع ، والمفروض أنهم ممثلين عن الشعب ، والمعبرين عن تلك الفئه التي يتم الدفع بها للضياع بسبب نظام المعاش اللعين .
إنصافا .. هناك من المسئولين من أدركوا خطورة هذا النظام على المكون المجتمعى ، فعملوا على علاج آثاره بالنسبه للموظفين الذين يعملون تحت ولايتهم ، ولأنهم أصحاب قرار في هذا الوطن ، ويمثلون ركيزه مجتمعيه أساسيه ، عالجوا بعض جوانبه ، يتجلى ذلك بالنسبه للعاملين بقطاع البترول والكهرباء ، والبنوك ، وبعض الفئات كالقضاه ، وهذا أمر محمود لاغضاضه فيه حتى وإن عالج أزمة شرائح معينه بالمجتمع ، حيث يحصل كل منهم على مكافأة نهاية خدمه كبير يمكن إستثمارها ، لتدر عليهم دخلا ، ومعاش يجعلهم يعيشون حياه كريمه ، يضاف إلى كارثة البعد المالى ، مأساة البعد الإدارى لأن هذا النظام للمعاش بات يهدد كيان الدوله المصريه بعد خروج كثر على المعاش ووقف التعيينات فضاعت الخبرات ، وإنعدمت الكفاءات .. كيف ؟ تابعونى .