جديدنا…قديم
بقلم/ د. مصطفى رجب
قد يصادفك وزير تحبه وتحترمه ، ووزير لا تحبه ولكنك تحترمه ، وثالث لا تحبه ولا تستطيع احترامه ، ولست مضطرا لإعطاء أمثلة للحالات الثلاث ، لأنها تختلف من فرد إلى غيره .
وزير تعليمنا الحالي طارق شوقي – عندي – من النوع الثاني ، فهو يجتهد وبهذا الاجتهاد يستحق الاحترام ، لكن له مثالب قاتلة تجعل من العسير على مثلي أن يحبه .
أقول هذا بمناسبة ما اتُّخِذ حاليا من إجراءات حول امتحانات طلاب نقل الثانوي . وسوَّقوه لنا على أنه أحدث ما توصل إليه العقل ” الذري” لموظفي التعليم !
مع أنه سبق تداوله من 70 سنة !!! :
ففي عدد مجلة الاثنين والدنيا رقم 884 الصادر يوم 21مايو1951كلمة للأستاذ توفيق الحكيم رحمه الله عنوانها : ” ألغوا الامتحانات ” يقول فيها : ” ….فالامتحانات ليست المقياس الصحيح لكفاءة الطالب أو ” الترمومتر” الذي يُعَوَّل عليه في معرفة مَن يستحق الانتقال ممن لا يستحق ، ولا أرى إلا أن تُلغَى الامتحانات مع الاكتفاء بالتقارير التي يقدمها حضرات الأساتذة عن طلبتهم ، والمحاولات الناجحة التي يقوم بها الطلبة من تلقاء أنفسهم خلال العام الدراسي ،كالأبحاث العلمية والأدبية ، والتجارب الفنية والعملية ،والمؤلفات الصغيرة ،وإلى حد بعيد يمكن أن تكون هذه بمثابة المقياس الذي ينتقل الطالب على أساسه من مرحلة إلى مرحلة أعلى ، وعندئذ يكون من حق الوزارة أن تشرف إشرافا تاما على الأساتذة لضمان سلامة التقارير ”
وقد عرضت المجلة هذا الرأي على د. طه حسين باشا وزير المعارف فتفضل بالرد قائلا :
” لا شك عندي أنه اقتراح له وجاهته …ويستأهل البحث الوافي ، وستتولى في القريب لجنة من كبار موظفي الوزارة ، دراسة نظم الانتقال في العالم كله ، لاقتباس اقربها إلى طبيعتنا ، وأكثرها تمشيا مع عقليتنا ، وذلك تمهيدا للتخلص من كافة عيوب النظام الحالي …”
ولكن القدر لم يمهل د. طه حسين رحمه الله لاستكمال تنفيذ مشروع إلغاء امتحانات آخر العام تلك التي ما تزال حتى الآن مسوَّغا للدروس الخصوصية ولغيرها من آفات التعليم .
فلعل الله يوفق الوزير الحالي في عبور هذه الأزمة بحلّ ينتهي به كابوس الامتحانات من حياتنا وحينئذ …سأحبه وقد أتغزل فيه !!