لاشك أن المناخ السياسى العام جعلنا نشتاق للتعايش مع الكرام ، ولو عبر إستحضار الذكرى العطره للقامات بهذا الوطن خاصة هؤلاء الذين تعلمنا منهم كثيرا ، وتعايشنا معهم طويلا ، وتشرفت بأن جمعتنى بهم صداقه قويه ، أستحضر في رحابهم زمن شرف الكلمه ، خاصة بعد أن دفع المناخ السياسى الآن بأصحاب الخبرات والكفاءات أن يلزموا منازلهم ، وينكفئوا على ذاتهم ، فى محاوله منهم للإبتعاد عن أتون الصراعات التى قد يتمخض عنها أن تعصف بهم وشايه ، أو يدمرهم وأولادهم تصرف حاقد ، خاصة وأنهم رأوا بأعينهم مصير المحافظ الأخ والصديق الغالى الوزير المهندس محمد عبدالظاهر ، أحد أبرز رموز العطاء بهذا الوطن ، والذى يعد من القامات المجتمعيه الرفيعه التي جعلته أبوالحكم المحلى ، وصاحب رؤيه وطنيه حقيقيه تصب فى صالح الوطن ، لكنه تم العصف به على أثر وشايه ، والعزاء الوحيد أنه رسخ لزمن شرف الكلمه ، وقول الحق ، لذا ظل متربعا فى قلوب مواطنين وساسه وكذلك مسئولين كثر ، ورحل الوزير الذى وشى به بل ونسيه كل الخلق ، لكنه وكأن الله تعالى أراد أن يطيب خاطره بما هو أسمى وأجل من المنصب وهو حب الناس ، والذكرى العطره .
قبل ذلك قال القيمه السياسيه الرفيعه الوزير كمال الشاذلى الذى ظلمه كثر أن السياسه نجاسه ، ولم ندرك مضامين ومبتغى ذلك إلا الآن عليه رحمة الله ، خاصة بعد أن تمخض عن تلك النجاسه التي أيقنها كثر الآن هذا العزوف الجمعى والطوعى عن أى مشاركه سياسيه أو إنتخابيه أو حتى مجتمعيه ، وسط بهجة المغرضين بذلك دون إدراك أن هذا يضر بالمكون المجتمعى للوطن ، والذى جاء أحد جوانبه أن بات يتصدر المشهد الوظيفى والنيابى كثر من قليلى الخبره ، منعدمى الكفاءه ، عمق ذلك تنامى آلية إختيار القاده الجدد فى كل موقع سياسى كان أو حزبى ، أو حتى وظيفى ، أونيابى ، والذى جاء وفقا لآليه محدده ، وتلك الآليه لاعلاقة لها من قريب أو بعيد بالكفاءة ، أو الإراده الشعبيه ، بل يحكمها الواسطه والمحسوبيه ، ومن يدعمها ويدفع خلفها ، ولامانع من الهبات حتى ولو كانت تلك الهبات مغلفه بغلاف التبرع ليضعه حزبه فى القائمه الإنتخابيه المحظوظه المضمون نجاح من فيها جميعا ، وكذلك أصبحت ألمس فيما هو قادم من الأيام بعد تنامى ظاهرة الكيانات القبليه ، ودخول المعترك المجتمعى والسياسى كيانات معروفه سلفا بالجموح ، ويكفى تحصيلها رسوم بالبلطجه من أبناء غزه عند دخولهم وطننا الغالى توضع في جيوب القاده ، وليس في خزينة الدوله أو وفق آليه قانونيه منضبطه ولها حجيتها ، الأمر الذى أفرز معه ظهور طبقة تسعى إلى تصدر المشهد السياسى والنيابى بحثا عن الوجاهة الإجتماعيه ، وليس عبر رسالة وطنيه حقيقيه قائمه على العطاء ، وأهداف نبيله ينشدها كل الشرفاء ، ومبادىء ينطلق منها الكرام إلى وجدان الناس ، وثقافه يحاول تأصيلها مجموعات شبابيه ، والمثقفين ، وممارسة سياسيه حقيقيه ، كل ذلك رسخ فى الوجدان حاله من فقدان الثقه فى كل شيىء حتى فى السياسه نفسها .
قد يتوقف البعض بتحفظ أمام ماطرحت نظرا لإختفاء فصيل السلفيين ، وإنزوائهم إلى ركن ركين لايتحدثون إلا تنفيذا للتعليمات التى ترد إليهم بحذافيرها ، بعد أن صدعوا أدمغتنا فى الماضى بشعارات صدقها البعض عبر الخداع على أنها ثوابت دينيه ، وعودة ساسه ينتمون للمعارضه فى عهود سابقه لممارسة السياسه الآن فى أريحيه تامه ، لكن إذا أمعنا النظر وركزنا الإنتباه سنرى أن هؤلاء وأولئك إختفوا أو عادوا عبر بوابة الإمعان فى تصدير صورة غير واقعيه لوجود الرأى الآخر ، والمعارضه الوطنيه ، وهؤلاء قبلوا لعب هذا الدور رغم أنه إنقلابا على ماسبق وأن صدعوا به أدمغتنا تأكيدا على أنهم مناضلين ثوريين أصحاب فكر ، ولديهم رؤيه ، والآخرين أنهم من أهل الله ، الأمر الذى معه قبلوا بسحق كل تاريخهم مقابل أن يكونوا جزءا من المشهد السياسى ، ولعب دور مجتمعى دون إدراك منهم أنهم أصبحوا بلا أى قيمه ليس فى نظر أنفسهم عند إستحضار المصداقيه ، إنما فى نظر أقرب الناس إليهم ، وحتى من سمحوا لهم بتصدر المشهد من تلك الزاويه التى أنهت أى وجود حقيقى لهم فى وجدان الناس .
حبا فى هذا الوطن الغالى كان يمكن لهؤلاء وأولئك أن يعودوا لصدارة المشهد ، بالتواصل مع قادته وهم وطنيين لاشك فى ذلك ، ولن يقبلوا إلا بما يصب فى صالح الوطن ، ومنه أن يكون تواجدهم تواجد كريم ، عبر تفاوض وطنى يحافظ لهم على مساحه من الحريه التى تضيف كثيرا للوطن سياسيا ، ومجتمعيا وواقعا وحتى أمام العالم الخارجى ، ولاأتصور أنهم كانوا سيلقون معارضه لهذا النهج ، لأن بالوطن وطنيين كثر ، لكنه الحرص على الوجود فى صدارة المشهد والسلام ، حتى ولو كان ذلك إنطلاقا من توازنات ، حتى صدق عليهم القول ، الذين يريدون أن يعرفهم الناس ولو بالسوء من القول .
قولا واحدا تلك الأجواء التى صنعها البعض حتى وإن كانت عبر إجتهاد شخصى ، وحسن نيه ، إلا أنها لايمكن لها أن تساهم مساهمه فعاله فى بناء الوطن ، والنهوض به ، ولايمكن أن يتحقق بها تقدما حقيقيا إنطلاقا من هذا المناخ الذى يرسخ لتراجع الكفاءات ، لأن النهوض بالوطن لايمكن أن يتحقق إلا بتكاتف الجهود ، والمشاركة الفعاله ، والإستفادة بطاقات الجميع فى إطار مشاركه محترمه ، تحترم قناعات الناس ، ولاأعرف كيف يمكن لوطن أن يتقدم والجميع يعطون ظهورهم لبعضهم البعض ، والآخرين الذين إلتزموا بيوتهم وتركوا الأمور تسير فى إتجاه المجهول الذى يروج له المنافقين على أنه نجاحا غير مسبوق لم يشهده أى عصر ، أو حتى يحدث فى أوروبا ، الأمر الذى أصبح معه تتجلى الحقيقه اليقينيه التى سبق وأن أكدها بخبرته الكبيره الوزير كمال الشاذلى رحمه الله تعالى الذى ظلمه الناس قبل التاريخ ، والتى مؤداها أن السياسه باتت نجاسه فى العصر الحديث ، الأمر الذى معه بات من الأمانى أن نعيد السياسه إلى شموخ الماضى الجميل ، وأرى أن ذلك ليس مستحيلا لأن كثر بالوطن أصحاب قرار وطنيين بحق ، لكن يتعين لتحقيق ذلك تناول السياسه بين شموخ الماضى ، وغموض الحاضر ، وضبابية المستقبل . وهذا ماسأتناوله لاحقا .. تابعونى .