\
سعدت كثيرا لردة الفعل التي صاحبت مقالى بالأمس والذى كان بعنوان ” سقوط أفكار وإنهيار قناعات رؤيه من العمق ” ، وطلب كثر من الأصدقاء وكذلك العقلاء من الساسه ، والواعين من الشباب ، ورموز بالأحزاب المزيد في طرح مثل تلك التصورات التي غابت عن فهم وإدراك أجيال متعاقبه لم يمارسوا السياسه إلا من باب الوجاهة ، ولم يجلسوا مع عظماء السياسه لحداثة سنهم ، بل إنهم يتتلمذون على أيدى من لاخبرة لهم ، ولارؤيه لديهم ، مكنونات شخصيتهم تدفع إلى القبول بأى شيىء وكل شيىء بلا نقاش ، وقد يكون لديهم العذر لأنهم لاحاضنه سياسيه مجتمعيه كانت تظللهم ، ولاتربيه سياسيه نهلوا منها ، ولامناخ سياسى عام محترم عاشوا في كنفه ، لذا يبقى عليهم أن يراجعوا حساباتهم ويفهموا ، وهذا ليس نقيصه بل تصويبا للخلل ، الذى كان يمكن لى أن أكون على نفس دربهم ، وأحتاج لناصحين كثر ، لكن بفضل الله أن عافانى من ذلك لأن نشأتى لم يكن منطلقها الإستكانه ، لذا فأنا عصى على الترويض ، وأبدا لايستهوينى النفاق ، ولعل مرجع ذلك نشأتى فى كنف عائله كان لها دور سياسى محورى عبر التاريخ ، وما عايشته طالبا فى نهاية السبعينات والثمانينات كأحد رموز الحركه الطلابيه على مستوى الجمهوريه فى المرحله الثانويه والجامعه والتى لم تنشأ فى حضن الإداره التى توازى السلطه الآن ، وقبل أن يهيمن عليها نظاما إداريا جعلها مسخا بلا قيمه ، لذا لم تعد تصلح كحاضنه لتفريخ قيادات تتولى مستقبلا مسئوليات بالوطن .
من أجل ذلك كان المناخ العام يلعب دورا أساسيا في الكيان السياسى لأى سياسى ، لذا كان هذا نهجى من الأساس حيث توافرت إرادتى فى عدم الإقتراب من أى نظام حكم منذ عهد مبارك مع إرادة القائمين عليهم فى عدم منحى الفرصه من الإقتراب منهم من خلال لعب أى دور محورى فى رحابهم ، وإمعانا فى الشفافيه والإنصاف قد يكون لذلك حجيه ، ورؤيه موضوعيه ، مؤداها أن هناك من هم أفضل منى ، ويدينون بالولاء عنى ، يمكن أن يستعينوا بهم ، ويقدمونهم فى صدارة المشهد السياسى ، ولم أغضب أو أحزن لأن هذا حق من ظلوا بالحكم ثلاثين عاما ، والآخرين الذين يبحثون عن معاونين ثقاه ينتمون لفكرهم حتى النخاع ، وتلك رؤية هؤلاء وأولئك التى ماكان لى إلا أن أحترمها ، وإن كان لى عليها كثيرا من التحفظات ليس من اللائق أخلاقيا طرحها الآن بالنسبه لكل تلك الأنظمه وهم فى غياب كامل عن واقع الحياه .
ليس سرا أنه تم حذف إسمى فى اللحظات الأخيره والقاتله وقبل الإعتماد بلحظات من ترشيحات التعيين بمجلس الشورى عن الصحفيين والإعلاميين إنطلاقا من عضويتى بنقابة الصحفيين ، حيث كان قد تقرر تعيين مرشحين من قبل النقابات في مجلس الشورى ، وذلك بعد أن تلقيت التهانى ليوضع مكانى أحد أبرز القيادات الذين يدينون بالولاء ، الأمر الذى أثار إستغراب من كانوا قريبين من المطبخ السياسى وتلك الترشيحات ، تعاظم ذلك إعتراض بعض كوادر هذا النظام حيث كانوا يرون أن دعم رجاله أفضل بكثير من إفساح المجال لى حتى بالتصدى للمشكلات المجتمعيه من خلال البرلمان إنطلاقا من الهجوم على الحكومه ، حتى أن أحدهم إعترض علانية أن يتم تشكيل لجنة تقصى حقائق برئاسة الدكتور حمدى السيد رئيس لجنة الصحه بالبرلمان لبحث مشكلة تلوث مياه النيل ببلدتى بسيون إستجابة لطلب إحاطه تقدمت به وزميلى النائب طلعت عبدالقوى فيما يخص كفرالزيات ، وإستجابة الحكومه لى بمنحى من وزارة التخطيط مبلغ مائتى مليون جنيه لإنشاء محطة مياه الشرب وإنتهت بفضل الله ، وإدخال الصرف الصحى لقرى صالحجر والفرستق وقرانشو وكتامه خارج الموازنه وتكليف المقاولون العرب للتنفيذ بالأمر المباشر ، مطالبين أحمد عز بردعى .
ماأشبه اليوم بالبارحه ، فجر ذلك ماألمسه اليوم تأثرا بتلك الحاله من التنمر التى يمارسها أعضاء حزبيين صغار فكرا وموقعا ينتمون إلى حضن السلطه الدافىء ، والساسه الجدد الذين يتم إعدادهم عبر كيانات قبليه لإضفاء مزيدا من الهزل على واقعنا السياسى والإنتخابى ، وغيرهم يطيب لهم أن يروجوا مرارا وتكرارا وكل الوقت أنهم قريبين من السلطه وأحد أدوات الأجهزه ، بل ويفتخرون بأنهم منوط بهم أن يعدوا على الناس أنفاسهم ، ويرصدون حركاتهم حتى ولو كانوا يهمون لدخول دورة المياه ، الأمر الذى دفع بحق لحياه مجتمعيه تفتقد للمحبه ، وممارسه سياسيه لاقيمة لها على الإطلاق بعد أن أصبحت مسخا بلا قيمه ، لأنه لايجدى معها أى حوار وطنى أو حتى تقارب مجتمعى ، الكارثه أنهم يحاولون ترسيخ أن من ليس معهم فكرا ونهجا وسلوكا وتطبيلا يجب أن ينقبوا عن ماضيه ، دون إدراك منهم ومن غيرهم أنه مخطأ تاريخيا من ترسخ فى وجدانه تناول الناس من منظور قالب جامد ، ومحاسبتهم على قناعات كان يحكمها مناخ وتصرفات شهدها زمن بعينه دون إدراك أن ذلك لايحمل القداسه ، أو الثبات الراسخ لأنها الحياه التى يتبدل فيها كل شيىء ويتغير ، ويكفى للدلاله مالمسته قدرا فى تغيير كثير من المفاهيم لدى البعض دون عناء من أحد ، لأن المنطلق هذا الواقع الذى عايشوه وأدركوا مضامينه ، وهذا ماكان له أن يتحقق حتى ولو بمليون خطبه ، وإبداع فى الحوار ، إلا أن ذلك يأخذنا للدلاله على ثبوت خطأ منهج المحاسبه الأبديه للناس على الأفكار ، أو يتم سحقهم عبر تقارير ظالمه وكل من يلوذ بهم إنطلاقا من قناعات سابقه من الطبيعى أن تتغير وتتبدل وتتحور بحكم الزمان وتغير المعطيات ، وكأن هؤلاء يتمسكون بدفع مثل هؤلاء على الشطط فى أفكارهم بعد التغول الذى يتم التعامل به معهم .
خلاصة القول .. بعد كل ماذكرت بشفافيه ممزوجه بخبرة السنين وتجارب الحياه ، وقد مضى قطار العمر وأصبح يقترب من محطته الأخيره ، يتعين أن أترك تلك الرؤيه للتاريخ وكل عقلاء الوطن وهم كثر بفضل الله تعالى ، وكذلك الأجيال القادمه لعلهم يصوبون الأفكار ، وتتبدل لديهم القناعات ، كما يترسخ فى وجدانى أن طرحى لهذه القضيه كافى ، وشافى ، خاصة اليقين بأن المواقف الوطنيه النبيله لاعلاقه لها بتصفية الحسابات ، أو النيل من الخصوم كما يقول رجال الساسه ، وأن الخوف من الله رب العالمين سبحانه أهم وأجل من الجميع ، وأختتمها بأن الأمر لاعلاقة له بالإصطفاف مع أى فصيل سياسى ، إنما له علاقه بالثوابت الوطنيه والمواقف التى يتخذها الإنسان فى حياته والتى تحتمل الصواب والخطأ لذا يكفيه شرف المحاوله ، وصدق السريره ، ونبل المقصد ، وسمو الغايه . خلاصة القول بالصدق أتناول زمن مضى وحاضر مؤلم ومستقبل بلاملامح ، ومازال للرؤية مضامين تابعونى .