


مرارا وتكرارا يطيب لى التأكيد على أننى ككاتب متخصص لم يعد يستهوينى تناول واقعنا السياسى ، أو الحزبى ، أو حتى الإنتخابى بعد أن أصبح الهزل منطلقا للتعايش الذى فرضه البعض من الباحثين عن دور على أعمالهم ، لكننى أحيانا أضطر لهذا التناول إنطلاقا من الزمن الجميل لإستلهام العبر ، وتنبيه الغفلى بالحفاظ على شموخ زمن مضى وعراقة أمه ذات حضاره وتاريخ لعل ذلك يردع التنطع الذى ألمسه كلما إقترب موعد كل إستحقاق إنتخابى ، والذى من المفترض فيه والطبيعى أن يقدم النواب لأبناء دوائرهم كشف حساب عما قدموه وجميعا بالتأكيد قدموا كل بنسبة إنجاز مختلفه عن الٱخر ، وهذا نهج شديد الإحترام ، وضرورى للحفاظ على الكيان المجتمعى للنواب ، ودرأ لأى محاوله من بعض المغرضين لتشويههم ، وهذا النهج المحترم تعلمته من نواب عظماء من أمثال أستاذى العظيم مصطفى شردى نائب بورسعيد ، والنائب الوفدى علوى حافظ لذا ألزمت به نفسى أثناء تشرفى بعضوية البرلمان ، وثبت يقينا أنه أفضل ملايين المرات من تبرع الحواريين ، أو من يبحثون لدى النواب عن خدمه عظيمه قبل إنتهاء الدورة البرلمانيه ، من تشويه الشرفاء والهجوم بغباء شديد على كل من يدركون أنه يمكن لهم أن يرشحوا أنفسهم منافسين ، أو حتى يخدم الناس إبتغاء مرضاة الله خشية ترشحهم ، المصيبه أنهم يمعنون فى تشويههم لدى الأجهزه حتى وصل الهزل بهم منتهاه عندما جاء فى عريضة التشويه التى تبناها هؤلاء بحق الٱخرين أنهم شوهدوا يلعبون فى الشارع عندما كانوا أطفالا ويذهبون للمتنزهات فى العيد عندما كانوا صبيه ويصلون بالمساجد عندما كانوا شبابا وكأن كل ذلك باتت من النقائص بدل أن يطرحوا على الناس ماقدمه النواب بصوره محترمه لاإسفاف فيها ولاتنطع ، يبقى التأكيد كناصح أمين على أن هذا النهج بصراحه شديده لاعلاقة له بالعمليه الإنتخابيه برمتها بل إنه يستفز حتى من ليس لهم علاقة بالإنتخابات ويترك أثرا سلبيا لديهم حتى وإن لم يتحدثوا بما لديهم من تحفظات على هذا النهج والذى لاشك قد يؤجج نار الفتنه ويزيد الصراعات تأثرا بردات الفعل والتي قد تكون عنيفه وغير مأمونة العواقب مجتمعيا وهذا طبيعى تأثرا بهذا التنطع ، يضاف إلى ذلك ماإنتابنى من تصرفات تتسم بالغباء الشديد أدركتها فى صلاة العيد والمتمثله في نهج بعض الأشخاص الذين يحاولون من خلف ستار تحقير المكون المجتمعى من خلال الدفع بشخصيات هزليه لإحداث زخم سياسى ، وإنتخابى شديد البغض ، دون إدراك منهم أنهم بذلك يصدرون صورة كارثيه عن المجتمع ويأصلون لمستوى متردى من الفهم تتعلق بأفراده وثقافتهم خاصة في الريف ، فى رهان بأن ذلك سيكون له ضحايا مجتمعيه شديدة السلبيه قد تدفع الناس بالإبتعاد عن الجميع تأثرا بما قد يحدث من تدنى ، كما سيجعل كل من يحترم نفسه ألا يقترب من تلك الأجواء المأساويه ، ويكون الخاسر الوحيد هو الوطن الغالى ، لذا يتعين على من تبقى من عقلاء بالأحزاب وضمن منظومة الساسه وهم بفضل الله كثر أن ينتبهوا لذلك جيدا ويتصدوا له بكل قوه .
أعتقد أن ماطرحته لايختلف عليه إلا مغرض أو عديم الفهم ، أو جاهل بواقعنا السياسى والحزبى والمجتمعى ، أو باحث عن مصلحه لدى النواب فيورطهم في معارك هم في غنى عنها تماما لأنها تقلل من رصيدهم ، ومحاولة للفهم ، وردع التنطع ، يتعين تصحيح المفاهيم ، وترسيخ اليقين بأن السياسه ليست كما يصدرون لنا اليوم بروباجندا ، وهجص ، وطبل وزمر ، وضجيج في الفارغ والمليان ، وإجتماعات في القاعات المكيفه منبثقه عن إجتماعات ، وتصدير صوره أنهم الجهابزه الفاهمين في كل شيىء وأى شيىء سياسه كانت أو انتخابات ، وغيرهم مجرمين ملاعين ، وليس تقديم الخير للناس ورفع المعاناه عن الشعب ورفع مستوى المعيشه والتصدى لجنون الأسعار . إنطلاقا من ذلك لمن يبحث عن الحقيقه وينشد الحق ، ويتمنى الخير للوطن ، والتقدم للشعب ، يطيب لى أن أعرج على الماضى وأقلب صفحات التاريخ لعل ذلك ينبه الغفلى ، ويعمل على إستلهام العبر ، وتصويب الخلل ، وذلك إنطلاقا من التأكيد على أن الإنسان موقف ، والتاريخ يرصد بدقه تلك المواقف خاصة بالنسبه للساسه ، والشخصيات العامه ، والنواب ، ويبقى الحكم على تلك المواقف له علاقه بتطور الأحداث ومرور الأيام ، والذى لاشك من الطبيعى أن يتعلم الإنسان من تلك المواقف ويجعل مادفعه منها إلى الفشل نقطة إنطلاق للنجاح ، والأخرى التى حققت نجاحا تستلزم ترسيخا حقيقيا يستفيد منه الأجيال القادمه ، من هنا كان من الطبيعى أن تتغير المواقف وتتبدل القناعات ، وتتواصل المراجعات ويبقى من أعظم الأخطاء أن يتوقف الجميع عند كل المواقف ويحاسب أصحابها عليها حتى الممات .
لاشك أن الجدل المحمود الذى ينشد الحقيقه هو أحد مكونات مرحله هامه من التاريخ ، بل إنه أحد منطلقات الحياه لدى أفراد كثر ، خاصة وأنه يتكرر كثيرا فى حوارات جانبيه مع معنيين بهذا الأمر وغير معنيين ، إنطلاقا من ذلك يطيب لى مرارا وتكرارا التوضيح من أرض الواقع وذلك من خلال تجربتى البرلمانيه والسياسيه والحزبيه ، حيث أننى كنت ومازلت مستقل الفكر ، والرؤيه ، والتوجه ، متمردا على مايسمى بالإلتزام الحزبى عندما يخرج عن نطاق المنطق ، والعقل ، أو يحيطه الريبه ، ويكتنفه الغموض ، هذا وإن كنت في زمن مضى أشخاصا وكيانا ونهجا وفكرا وسلوكا أمارس السياسه والصحافه من خندق المعارضه الليبراليه المحترمه ، التى تعلمتها من عمالقه كرام حيث مدرسة ” الوفد ” الوطنيه يوم أن كان يقودها ساسه عظام من أمثال فؤاد باشا سراج الدين آخر الزعماء التاريخيين بمصر ، ومن أبرز مكوناتها العمالقه أساتذتى الأجلاء الفضلاء مصطفى شردى ، وجمال بدوى ، إلا أننى لم أستطع الخروج عن هذا السياق الذى بات أحد مكونات شخصيتى التي أعتز بها والذى أرى الخروج عنها نقيصه وتنازل على كل القناعات والثوابت السياسيه والمجتمعيه التي رسخها لدى هؤلاء العظماء .