كتبت ريم سمير
عقب صلاة التراويح.. ملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية يناقش الغلو وخطره على استقرار المجتمع
د. حمدي الهدهد: الإسلام دين الوسط والإفراط والتفريط ليسا من الدي
د. أحمد الشرقاوي: ما يحقق مصالح العباد معتبر شرعًا ولو لم يرد صراحة في القرآن أو السنة
عقد الجامع الأزهر اليوم السبت في الليلة الرابعة عشرة من شهر رمضان المبارك، عقب صلاة التراويح «ملتقى الأزهر.. قضايا إسلامية»، بمشاركة فضيلة الدكتور حمدي الهدهد، عميد كلية البنات الأزهرية بالعاشر من رمضان، وفضيلة الدكتور أحمد الشرقاوي، أستاذ بكلية الشريعة والقانون ووكيل قطاع المعاهد الأزهرية لشؤون التعليم، وقد أدار الملتقى الشيخ أحمد الطباخ، عضو المكتب الفني بالجامع الأزهر، وذلك بحضور جمعٍ من علماء وقيادات الأزهر الشريف، والمصلين الذين حضروا إلى الجامع الأزهر من شتى ربوع مصر ومن مختلف الدول العربية والإسلامية من المقيمين في مصر، هذا، وقد ناقش الملتقى اليوم موضوعا مهما بعنوان : « الغلو وخطره على استقرار المجتمع».
وقال الأستاذ الدكتور حمدي الهدهد، إن الغلو هو تجاوز الحد، فكل ما تجاوز الحد فهو غلو، ولكن بداية لا بد من تحديد الحد المقصود تجاوزه، وهنا ينبغي التفريق بين مصطلحين مهمين لأن التفريق بينهما يحل مشكلات متعددة، المصطلح الأول مصطلح «الدين» والمصطلح الثاني «التدين»، فالدين هو النصوص المقدسة الثابتة الصحيحة، والتدين هو تطبيق هذه النصوص في واقع عملي وممارسة عملية، ولذلك عندنا قضايا دينية وقضايا تدين، ولا ينبغي أن يختلط هذا بذاك أو ذاك بهذا، فكل ما ثبت بنص قطعي الدلالة فهو دين لا يجوز الخروج عنه بأي حال، والتدين ممارسات قد نختلف فيها ولكن الاختلاف فيها اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد، ولذلك وُصف هذا الدين وصفًا دقيقة في القرآن في قول الله سبحانه: {وَكَذَ ٰلِكَ جَعَلۡنَـٰكُمۡ أُمَّةࣰ وَسَطࣰا}، فهو الدين الوسط، والإفراط والتفريط كلاهما ليس من الدين في شيء.
ومن جانبه، أكد الدكتور أحمد الشرقاوي، أن الوسطية والاعتدال من سمات هذا الدين الحنيف الذي نزل من السماء على نبينا محمد ﷺ، وكما نعلم جميعا أن مقاصد الإسلام خمسة منها حفظ العقل، وهناك قاعدة تقول إن العوارض لا تزيل القواعد، فعارض الإلحاد لا يزيل قاعدة حفظ الدين، وعارض القتل لا يزيل قاعدة حفظ النفس، وعارض السكْر لا يزيل قاعدة حفظ العقل، وعارض الزنا لا يزيل قاعدة حفظ العِرض، وعارض السرقة لا يزيل قاعدة حفظ المال، وهذه الأمور هي أرقى ما يتمتع به أي مجتمع إنساني، وبناء عليه فإن كل تشدد وكل تطرف ينحرف عن رسالة الإسلام الأصيلة ليس من دين الله في شيئ، وكل ما حقق مصالح العباد وجلب النفع للعباد هو معتبر شرعًا ولو لم ينزل به قرآن أو تصرح به سنة؛ لأنه يدخل في القواعد الكلية التي يتسم بها هذا الدين في مقاصده المعتبرة في الدين والدنيا معا.
وقد أشار فضيلته إلى أن الحقوق الإنسانية المعتبرة في الدين والدنيا، إنما تنطلق من ثلاثة محاور رئيسة ، الأول: محور التكريم والتشريف والتفضيل للإنسان على سائر المخلوقات، ويمثل هذه المنظومة من التكريم والتفضيل قوله تعالى: {وَلَقَدۡ كَرَّمۡنَا بَنِیۤ ءَادَمَ وَحَمَلۡنَـٰهُمۡ فِی ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ وَرَزَقۡنَـٰهُم مِّنَ ٱلطَّیِّبَـٰتِ وَفَضَّلۡنَـٰهُمۡ عَلَىٰ كَثِیرࣲ مِّمَّنۡ خَلَقۡنَا تَفۡضِیلࣰا}، والمحور الثاني: وتمثله المنظومة الحقوقية التي تجري بين الناس في تصرفاتهم وممارسة شعائرهم وهذه المنظومة تندرج تحت مظلة قوله تعالى: {إِنَّ ٱللَّهَ یَأۡمُرُكُمۡ أَن تُؤَدُّوا۟ ٱلۡأَمَـٰنَـٰتِ إِلَىٰۤ أَهۡلِهَا وَإِذَا حَكَمۡتُم بَیۡنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحۡكُمُوا۟ بِٱلۡعَدۡلِۚ إِنَّ ٱللَّهَ نِعِمَّا یَعِظُكُم بِهِۦۤۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ سَمِیعَۢا بَصِیرࣰا}، المحور الثالث وتمثله منظومة التكليف المتعلق بـ « إفعل ولا تفعل»، وهذه المنظومة إنما تنطلق من قول الله تعالى : { إِنَّا عَرَضۡنَا ٱلۡأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱلۡجِبَالِ فَأَبَیۡنَ أَن یَحۡمِلۡنَهَا وَأَشۡفَقۡنَ مِنۡهَا وَحَمَلَهَا ٱلۡإِنسَـٰنُۖ إِنَّهُۥ كَانَ ظَلُومࣰا جَهُولࣰا }، وبها يصبح الإنسان مهيئًا لأن يتلقى التكليف الرباني بمحض اختياره دون إكراه، وهذه منظومة متكاملة تقرر استبقاء الحرية الإنسانية والدينية التى تقوم على محض اختيار العبد بإرادته المنفردة دون أن تكون هذه الإرادة سببا في إكراه الغير على اختيار أمر معين، وهذه المنظومة يحكمها قول الحق سبحانه وتعالى{فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ} وقوله تعالى : { لَكُمۡ دِینُكُمۡ وَلِیَ دِینِ }.