نحن بشر ولسنا جلادين أوقضاه ، فلما التعامل بقسوة المتعالي وغلظة المتكبر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إنتبهوا .. المواقف السياسيه المتغيره هي من الطبيعى لأنه يحكمها معطيات متغيره ، وكذلك الحياه المجتمعيه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلـم :
#الكاتب_الصحفى
#النائب_محمود_الشاذلى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجمعه يوم مبارك من أيام الله تعالى ، وفيه يتعين أن نتصارح ونتناصح ، ونعلى القيم الإنسانيه النبيله ، والأخلاق الحميده ، والإحترام المنشود ، ونبنى على كل عمل طيب يحدث تقاربا بين الناس ، ويخلق روحا من الموده والرحمه ، ونجتهد أن نسمو بالنفس مبنى ومعنى ، ونأخذ من عند كل إنسان الجانب الطيب وننميه ، ونعظمه ، ونعلى من شأنه ، ليدحض الجانب السيىء الذى فرضه واقع الحياه ، ونتسابق فى فعل الخيرات خاصة فى تلك الفتره الصعبه التى يمر بها الناس ، يكتمل ذلك كله بالعمل على توضيح المفاهيم ، ومد جسور من الثقه تهدف إلى إنصهار الجميع فى المجتمع .
إنطلاقا من ذلك يطيب لى التأكيد على أنه من أهم القضايا الحياتية المحوريه هذا الموروث البغيض القائم على أبدية الأحكام خاصة تلك التى تتعلق بالسلوك البشرى ، فى القلب منه هذا الذى فيه منعطفات تجعل الإنسان موصوما بالنقائص ، يأتى ذلك إنطلاقا من العمل على توضيح المفاهيم ، وتصويب مسلك الشاردين ، وإنتزاع الإنسان من طريق الغوايه إلى حيث الهدايه ، وهذا لن يتأتى إذا ظل المجتمع ينظر إلى مرتكبى الأخطاء فى السابق نظره سيئه طوال العمر تأثرا بخطأ صدر منه ، أو حتى جريمه إرتكبها ، أو سلوك مشين أتى به ، أو فهم خاطئ يكون قد إعتراه في مرحله سنيه معينه يكون فيها الإنسان غير كامل النضج الفكرى ، والفهم الحياتى ، والوعى بما يدور حوله .
ياأيها الناس .. ” من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر ” كلمة رواها أحد الأناجيل عن السيد المسيح عليه السلام ، في قصة إمرأة متهمة بالفاحشة ، وأرادوا رجمها ، وإحراج السيد المسيح بأن يشارك هو في رجمها ، أو أن يقف موقف المعترض على شريعة سيدنا موسى عليه السلام . فقال لهم تلك العبارة ، عندما رآهم يتعاملون معها بقسوة المتعالي وبغلظة المتكبر . فلما قالها لهم ، رجعوا ، فلم يرجمها أحد ، لأنهم قالوا لأنفسهم : من منا بلا خطيئة؟! من منا الذي لا ينعم إلا بستر الله عليه؟! ، للأسف في مجتمعنا المسلم غالبا ما تتسارع الأيدي ، والألسن ، لنهش لحم أي شخص يخطئ ، أو تصدر حوله شائعة ، أو تصدر منه زلة ، ويستسهل الحديث عنه لكلمة أو مقولة لربما لم تفهم كما يقصد أو لفقت له . وهذا ينبهنا إلى أننا جميعا بشر ، لذا كان من الطبيعى أن لكل منا أخطاء إرتكبها عبر مسيرة حياته ، ومع ذلك جعل رب العالمين سبحانه بابا للتوبه ولم يغلقه ، ومن يقول إنه بلاأخطاء لايجانبه الصواب ، لأن الملائكه فقط هم الذين بلا أخطاء ، ولايوجد من بين البشر ملاكا واحدا . لذا كانت الأخطاء وارده ولكل نسبته من تلك الأخطاء .
سد باب الرحمه أمام الراغبين فى إستقامة سلوكهم ، وضبط مجريات حياتهم للأحسن والأفضل ، جريمه يتضاءل أمامها كل الجرائم ، ولذلك مرجعيه دينيه يعظم ذلك حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( كان رجل فيمن كان قبلكم قتل تسعاً وتسعين نفساً ، فقال : دلوني على أعلم أهل الأرض ، فدلوه على راهب ، فقال له : إني قتلت تسعة وتسعين نفساً ألي توبة؟ فقال له : لا، فقتله ، ثم أذن الله تبارك وتعالى له بتوبة ، فقال : دلوني على أعلم أهل الأرض ، فدلوه على راهب عالم ، فقال : إني قتلت مائة نفس ألي توبة؟ قال: نعم ، ومن يحجب عنك باب التوبة ، اخرج إلى أرض كذا وكذا فإن فيها قوماً صالحين يعبدون الله فاعبد الله معهم ، فإتجه الرجل بصدره إلى الأرض التي أمر بها ، فما إن خرج غير بعيد حتى قبض ، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ، فأرسل الله تبارك وتعالى إليهم حكماً : أن قيسوا المسافة بين الأرضين ، فإلى أيتها كان أقرب فهو من أهلها . ثم أمر الله تبارك وتعالى الأرض فأوحى لهذه : أن تقاربي ، ولهذه : أن تباعدي ، فقاسوا المسافة بين الأرضين ، فوجدوه أقرب إلى أرض المغفرة بشبرٍ واحد ؛ فغفر له فدخل الجنة ).
هذا المفهوم الطيب ننطلق منه فى حياتنا ، وتعاملاتنا ، وقناعاتنا الشخصيه ، ومواقفنا السياسيه ، بل وكل مجريات الحياه المجتمعيه ، فالمواقف السياسيه متغيره ليس فيها قداسه لأنه يحكمها معطيات متغيره ، والحياه المجتمعيه تقوم على المد والجزر ، وصديق اليوم عدو الغد والعكس ، بل إن التغيير فى المبادئ ، والأفكار وحتى التصورات ، يشمل حياة الناس كل الوقت ، وحتى الكتاب الصحفيين المتخصصين ، لأن المعطيات متغيره ، ولاتتسم بالثوابت ، أو يخيم عليها القداسه ، فكم من سياسى كفر بالسياسة بعد أن غاص فى أعماقها ، وتعايش مع أكاذيب من فيها ، وكم من شباب إنتقلوا من النقيض إلى النقيض تأثرا بما إرتكبه من كانوا يظنون أنهم قديسين ، وكم من كاتب صحفى متخصص طرح عكس ماطرحه فى السابق إنطلاقا من معطيات جديده جاءت كاشفه داحضه لما سبق وأن طرحه .
خلاصة القول يتعين أن نتريث فى الحكم على الأشخاص إنطلاقا من ماضيهم خاصة الذين تابوا عما سبق وأن إرتكبوه من أخطاء ، أو حتى خطايا ، أو ماإقتنعوا به من أفكار ، نظرا لأنهم أحدثوا الكثير من المراجعات لنهجهم ، ومسلكهم فى الحياه ، وأصبح يتعاظم لديهم الخير ، وعادوا إلى المسلك القويم ، والأفكار المتزنه ، وباتوا يبذلون جهدا كبيرا فى طريق الإصلاح ، وكذلك الساسه الذين أحدثوا مراجعات لمواقفهم ، وممارساتهم السياسيه ، ونفس الأمر ينطبق على الكتاب الصحفيين الذين حرصوا على طرح قناعاتهم حتى وإن جاءت عكس ماسبق وأن طرحوه ، بل إنه يحسب لهم الشجاعه فى إحداث تلك المراجعه ، وبغير ذلك والإصرار على تعاطى البعض خاصة الأجهزه المعنيه مع الأشخاص إنطلاقا من ماضيهم ، سيخلق حاله من الإحباط ، وسيحرم المجتمع من إبداع كثر من الكفاءات ، وسيوصم الجميع بالنقائص ، وحتى من يرسخون لهذا النهج البغيض سيأتى من بعدهم من سيتناولونهم إنطلاقا مما سبق وأن رسخوه ، لذا يتعين أن يدرك الجميع أننا بشر لاجلادين أو قضاه .