كتب – رفعت عبد السميع :
وسط حضور دبلوماسي كبير لسفراء العالم ألقى ميروسلاف سيتوفتش سفير صربيا لدى القاهرة كلمة بمناسبة الإحتفال باليوم الوطني جاء فيها :
“معالي السيد احمد سمير وزير التجارة والصناعة
أصحاب السعادة،
السادة أعضاء الحكومة، والسادة أعضاء البرلمان،
الضيوف الأعزاء،
أولًا، اسمحوا لي أن أتقدم لكم بجزيل الشكر لتشريفكم لنا بحضوركم احتفالنا بيوم الدولة لجمهورية صربيا، الموافق 15 فبراير، كما أرحب بكم ترحيبًا حارًا بالنيابة عن مكتبنا العسكري وملحق الدفاع المقدم زدرافكو بيريتش، حيث نحتفل مساء اليوم أيضًا بيوم القوات المسلحة.
واسمحوا لي أن أقدم لكم نبذة تاريخية عن هذا اليوم.
يعتبر الخامس عشر من فبراير، الذي يُعرف أيضًا في تقويم كنيستنا بـ”يوم الشموع”، يومًا يتلاقى فيه الشتاء والربيع وفقًا لتراثنا السلافي.
ومع ذلك، فإن له مكانة مميزة في التاريخ المضّطَرِب لصربيا الحديثة، حيث بدأت في هذا اليوم عام 1804 انتفاضة تاريخية ضد الإمبراطورية العثمانية.
وأدى هذا النضال من أجل التحرير والإستقلال إلى إنشاء إمارة صربيا وإعتماد أول دستور في الخامس عشر من فبراير عام 1835، والمعروف أيضًا بـ”دستور الشموع”.
في كلمتي، العام الماضي، أبرزت على وجه التحديد أهمية شهر فبراير في سياق العلاقات بين صربيا ومصر.
وكان ذلك لأسباب وجيهة، حيث كنا نحتفل بمرور 115 عامًا على خطاب الإعتماد، المؤرخ في الأول من فبراير 1908، الذي أرسله الملك بيتر الأول، ملك صربيا، إلى الخديوي عباس حلمي الثاني،
والذي تضمّن تعيين أول قنصل دبلوماسي صربي في مصر. هذه المرة سأعود أبعد في التاريخ، على أمل ألا يفقدكم ذلك انتباهكم.
نحتفل هذا العام بالذكرى الـ790 للقاء القديس سافا، أول رئيس أساقفة للكنيسة الأرثوذكسية الصربية، وهو دبلوماسي وأمير من سلالة نيمانيا الصربية في العصور الوسطى، مع السلطان الأيوبي العظيم الملك الكامل.
وفقًا لشهادات مكتوبة، إستقبل السلطان العظيم القديس سافا في القاهرة عام 1234، خلال رحلته الثانية إلى الأراضي المقدسة التي شملت زيارات إلى الإسكندرية ودير سانت كاترين، الذي يحتفظ بسجل إقامته في مكتبته الشهيرة.
على مر التاريخ، توطدت روابط متنوعة وقوية بين العاصمتين – القاهرة وبلغراد، بدايًة من العصر الذهبي للصداقة والتعاون داخل “حركة عدم الانحياز”،
وصولاً إلى إطار الشراكة الإستراتيجية التي تم تدشينها خلال زيارة فخامة السيد عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، في يوليو 2022.
نحن سعداء أن من بيننا الليلة عدد من الدبلوماسيين المصريين السابقين الذين خدموا في السفارة المصرية في بلغراد وأسهموا بشكل شخصي كبير في تعزيز علاقاتنا الثنائية والذين أود أن أشيد بهم بهذه المناسبة.
أشارت الزيارة التاريخية لفخامة الرئيس السيسي إلى بدء مرحلة جديدة ومزدهرة في علاقاتنا. إنها بمثابة شهادة قوية على أن الصداقات القائمة على الاحترام المتبادل لها قيمة لا تتأثر بمرور الزمن.
وبالمثل، فإن العلاقات بين الدول التي تقوم على المبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، مثل المساواة وعدم التدخل والفض السلمي للنزاعات وإحترام سلامة الأراضي والسيادة،
كما هو الحال مع مصر وصربيا، ستستمر في مواجهة التحديات والأزمات التي يفرضها عالم “دَخَل حالة فوضى” ( على حد تعبير الأمين العام للأمم المتحدة السيد جوتيريش).
أعتقد أنه على الرغم من الفوضى التي ألمَّت بنا هذا العام، والتي أشرت إليها سابقًا، استمرت مصر وصربيا في جني ثمار أسسها التاريخية الراسخة، والأهم من ذلك، زيارة فخامة الرئيس السيسي.
شهدنا زيادة ملحوظة في الإتصالات الثنائية،
حيث سأذكر منها ثلاثة زيارات لمسؤولين صربيين رفيعي المستوى إلى مصر – نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع، ووزير التجارة، ووزيرة الأسرة والديموغرافيا.
ومن جانبنا، استقبلنا رئيس البرلمان المصري ومفتي الديار المصرية، بالإضافة إلى وفد مجلس العلاقات الخارجية المصري برئاسة معالي السيد محمد العرابي.
وعلاوة على ذلك، إتفاقية التجارة الأساسية التي ستكون ذات أهمية قصوى لمجتمعات الأعمال لدينا والتعاون الشامل، والتي في طور المراحل الأخيرة. وبالتالي، أنا على ثقة بأن أعوام العلاقات المتميزة بيننا لم تأتِ بعد.
وكتأكيد على ذلك، أود أن أذكر التوقيع منذ أيام قليلة على اتفاقية للتعاون ونقل التكنولوجيا في مجال الأدوية، بين شركة “نيوميديك” الصربية، وشركة “الهدي” للتجارة والتوريدات، تحت رعاية الهيئة المصرية للشراء الموحَّد ورئيسها، لواء طبيب بهاء الدين زيدان.
اسمحوا لي أن أرحب وأعرب عن ترحيبي الحار بأبناء جاليتنا والمواطنين المصريين ذوي الجذور الصربية، الذين وجدوا وطناً وأنشأوا أسرهم في هذا البلد الجميل بتاريخه العريق.
وأخيرًا،
بصفتي سفيراً غير مقيم لجمهورية صربيا لدى دولة فلسطين، وكدبلوماسي وإنسان، أشعر بالتزام نحو معالجة مأساة إنسانية ضخمة تتكشَّف على بعد ساعات قليلة بالسيارة من القاهرة،
وهو طريق استخدمه موظفو سفارتنا كثيرًا خلال الأشهر الأربعة الماضية لتسهيل إجلاء مواطنينا من أصل فلسطيني المحاصرين في أهوال الحرب في قطاع غزة. الوضع الإنساني في قطاع غزة لا يُحتَمَل ويفوق التحمُّل.
نحن نُثني على مساهمة مصر الجوهرية في الجهود المنسقة الرامية إلى إنهاء جميع أعمال العنف وإطلاق سراح الأسرى وتقديم المساعدة الإنسانية اللازمة لبدء تلبية الاحتياجات الماسَّة للسكان في غزة وإنهاء كابوسهم المستمر.
تحقيق السلام أمر بالغ الأهمية لكل من الشعب الفلسطيني والإسرائيلي.
إن الإعتراف بالمصالح والحقوق المشروعة للفلسطينيين كما أكدته قرارات الأمم المتحدة مرارًا وتكرارًا هو السبيل الوحيد لتحقيق ذلك ” .