كثيرا أتذكر هذا العظيم الذى بات جسدا حركته الأيدى برفق ، ووارت جسده التراب .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النبيل جمال الفاره زلزل صوته الأعماق وكل الوجدان وهو يهمس لى بوصيته .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلـم :
#الكاتب_الصحفى
#النائب_محمود_الشاذلى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجمعه المباركه يوما أراه فرصة لمراجعة النفس ، والخلود إلى الذات ، وتصويب المواقف ، والإنتباه لحقيقة الدنيا قبل أن تجرفنا للأوهام ، وتخدعنا بما فيها من بريق ، ووهج ، لذا أحاول فيه مخاطبة الوجدان ، والوقوف أمام النفس للمراجعه ، لعل ذلك يجعلنى أنتبه مما أنا فيه من غفله فى تلك الحياه ، ذات يوم إنتابتنى حالة من فقدان الإدراك بمن حولى فى جنازة إبن عمتى الحبيب الغالى فضيلة الشيخ صبرى الشرنوبي ٱخر الرجال الأكارم ، أدركت نفس الشعور منذ أيام في عزاء إبن عمى الدكتور ياسر الشاذلى بمسجد المشير ، حيث كان قد تواصل معى قبل وفاته بخمسة أيام ملحا في اللقاء ، متعجبا من أحوال البشر ، وماهم فيه من تردى ، وعدم إدراك حقيقة الموت ، فتعاظم لديهم الجبروت ، وقهر النفس ، والتجاوز فى حق الخلق ، ونسيان أن للكون رب .
أدركت يقينا مايدركه من هم فى خريف العمر مثلى ، خاصة من تعايشوا مثلى مع أنماط مختلفه من البشر ، وإقتربوا من وهج السلطه ، وبريق المناصب ، والزهو الذى ينتاب الجالسين على الكراسى ، وعايشوا مثلى أيضا تبدل أحوال كثر منهم بعد أن تجردوا من السلطه ولم يبقى لهم إلا صنيع أعمالهم ، وماقدموه من خير حتى على مستوى التعامل مع الناس ، وكيف أن من تجبروا باتوا أسرى منازلهم التى تحولت طواعية لزنازين ، لأنهم ليس لهم رصيد عند أحد حتى من صنعوهم تنصلوا منهم لأنهم رسخوا لديهم تأثرا بعشق الذات وعبادة الأنا أن طريقا واحدا يجعل لهم مكانه هو طريق الجبروت .
تكرر هذا الشعور الوجدانى تأثرا بوصيه أوصاها لى الخلوق المحترم أخى العزيز الأستاذ جمال الفاره رحمه الله وهو على فراش المرض بمستشفى الفرنساوى بطنطا ، حيث زلزل صوته الأعماق وكل الوجدان تأثرا بطيب مايقول وعمق مايطرح وروعة مايحرك به الفؤاد ، ويهتز له الكيان ، حتى أننى تعجبت من أمر كل البشر بما فيهم أنا كيف لاندرك اننا سنكون ذكرى ، وكيف لاننتبه أن صفحاتنا جميعا ستطوى إلى الأبد ، نودع فيها كل البشر ، وحتى الأحباب من الناس ، وكيف سنفارق الأحباب الذين يمثلون لدينا كل الحياه ، ونبع الحنان ، ومنطلق السكينه والراحه ، وكيف أننا يتعين علينا أن نترك ذكرى طيبه تكون سببا لدعوات الطيبين ورحماتهم بحقنا ، وكيف أنهم سيخاطبوننا من طرف واحد حيث نكون بقبورنا فى حاجه لدعواتهم والأنس بهم .
كثيرا أزرف الدمع وأنا أقف أمام قبر أستاذى العظيم الكاتب الصحفى الكبير والمؤرخ العظيم جمال بدوى ، أتذكر هذا العظيم الذى بات جسدا تحركه الأيدى برفق ، ووارى جسده التراب تلاحقه الدعوات الطيبات ، وأخذت أتذكر هذا العظيم الذى في القبر وكلماته التى كانت توزن بماء الذهب لمن يعى مضامينها ، وصديقى الغالى الحبيب الدكتور عبدالهادى راضى وزير الرى رحمه الله وأنا أرى النور يشع من وجهه وهو في مستشفى مصر للطيران ، يأبى أن أقوم وأتركه ليستريح مؤكدا أن الراحه في رؤية الأحباب ، ماأحوجنا أن نكون مثل هؤلاء الأكارم الفضلاء أصاحب المواقف الرجوليه ، وصانعى البهجه في قلوب الناس ، وجابرى خاطر المنكسرين ، عشرتهم كانت طيبه ، ومواقفهم كانت مشرفه ، ولهم لدى كثر مواقف مشرفه وذكريات طيبه ، حتى أنا . يبقى أسئله عده كثيرا ماتراودنى منذ رحيل رحيل الأحباب مؤداها .. لماذا بعد رحيل تلك الأجيال العظيمه من البشر ينحدر الناس وتتنامى الجهاله ؟ ، هل عقمت الأرحام أن تلد مثلهم ؟ ، لماذا يتعاظم الهزل ويتنامى وينحصر الإحترام ويتقزم الناس بعد فقدانهم ؟ ، هل إقتربت الساعه وتلك علاماتها ،