الزواج المثلى
بقلم: أ.د/ عبدالغني الغريب راجح
الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف
الإسلام دين الفطرة، يلائم دائما طبيعة الإنسان وغرائزه، ويلبى هذه الغرائزبوضعها فى إطار مشروع. وغريزة الجنس من أقوى الغرائز البشرية،لذلك اهتم الإسلام بها ووضع لها الطريق الطبيعى والأمثل للتنفيس عنها وهو : الزواج.ومن هنا أمر القرآن بالزواج( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة).
كذلك حث الرسول صلى الله عليه وسلم على الزواج وجعله نصف الدين، فقال : من أحب فطرتى فليستن بسنتى وإن من سنتى النكاح. وقال صلى الله عليه وسلم: إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف دينه، فليتقِ الله فى النصف الباقى .. ويسّرَ الرسول طريق الزواج، فقد زوّج أحد الصحابة على ما يحفظه من كتاب على أن يحفظه لزوجته بعد ذلك. وإذا كان الإسلام قد شرع النكاح فقد حرم السفاح وحذّر من مجرد الاقتراب منه فقال فى الإسراء:( ولا تقربوا الزنا)، وقال فى الفرقان :(والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التى حرّم الله إلا بالحق ولا يزنون).
إذا كان هذا هو أهم مظاهر نظام الأسرة فى الإسلام، فإن أعداء الإسلام قد نادوْاْ على النقيض بما دعا إليه الإسلام، فبينما دعا الإسلام إلى العفة، والطهر، وتقديس العِرْض والشرف، دعا أعداء الإسلام إلى الزواج المثلى،والزمالة ، والصداقة، والتحرر من قيود الزواج، والانطلاق في خلق علاقات جديدة. ولذلك لاعجب أن وجدنا بعض التنويريّات عندنا تنادى وتقول : ليس المهم أن يكون المرء مخنّثاً أو جنساً ثالثاً، إنما المهم أن يكون مبدعا حقيقاً وأصيلاً. أخرى تقول: إن مجتمعاتنا العربية لن تتطور ما دمنا نشغل أنفسنا بقضايا تافهة مثل الشرف والبكارة وغير ذلك.
بسببنا ياسادة انتشر الإلحاد، وزاد عدد الشواذ والملحدين ،ونحن كل رأس مالنا – كما قال البعض-الخوف من أن يتهم الدين بكذا، أو أن يغضب بعض الكيوتيّين اللطفاء من كذا.
الدين واضح المعالم ، مكتمل الأركان،والتلطف فى موضع الشدة – كما قالت دار الإفتاء- يغرى بإضاعته . نحن كمسلمين مطالبون بالشفقة حتى على الملحد والشاذ،وجميع الضلّال من الخلق، والدعاء لهم بالهداية، وحسن عرض الدين عليهم، لأن الإلحاد والشذوذ مرض نفسى، لأنه مناقض لطبيعة التكوين البشرى، ومُؤدٍ إلى الخلل فى كيانه.
والقرآن الكريم يعبر عن هذه الحالة النفسية التى يعيشها أصحاب الإلحاد والشذوذ، من الخوف ، والقلق، والتردد، والشك، فيقول( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصّعد فى السماء). وهكذا تعبر هذه الآية عن حالة القلق الرهيب التى تُؤرق حياة الملحد – مهما كان تقدمه المادى- لأنه لم يحقق الانسجام بين نفسه والكون الذى يعيش فيه،وذلك لايكون إلا بالإيمان بالله، واتباع منهجه. وقد وصف القرآن ما يحدثه الإيمان وذكر الله وطاعته من أمن وطمأنينة فى نفس المؤمن فقال سبحانه وتعالى:( الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب). ربنا يسعدكم.