كتبت :هاجر الطاير
دعت مصر إلى قمة دولية لبحث مستقبل وتطورات القضية الفلسطينية في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على القطاع وارتكابه مجازر عدة بحق المدنيين، ما أدى لاستشهاد أكثر من 2600 وإصابة 10 آخرين غالبيتهم من النساء والأطفال.
تأتي دعوة مصر لدول العالم لحضور هذه القمة لإعادة الزخم العالمي للقضية الفلسطينية بعد تهميش دام لعدة عقود نتيجة عدم قبول الجانب الإسرائيلي بالحل التفاوضي القائم على تفعيل عملية الشرق في الأوسط على أساس حل الدولتين، فضلا عن استمرار الجانب الإسرائيلي في استفزازاته ضد الفلسطينيين باقتحام المسجد الأقصى المبارك وبناء المزيد من المستوطنات وشن عمليات عسكرية على غزة والضفة والتنكيل بأهالي القدس.
ولبت عدد كبير من الدول دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي لحضور قمة القاهرة للسلام 2023 التي ستكون بمثابة البوصلة التي تحدد مسارا واضحا ومحددا لإرساء السلام والاستقرار في المنطقة المعرضة لصدام كبير وأزمة ، يمكن أن تعصف حالة بالاستقرار وتدفع نحو مزيد من العنف والقتل في الشرق الأوسط.
تأتي قمة القاهرة ضمن الجهود المكثفة التي تبذلها الدولة المصرية مع أطراف إقليمية ودولية لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ووضع حد للتصعيد الجاري لحقن دماء المدنيين الأبرياء، والدفع نحو إرساء هدنة إنسانية يتم فيها إرسال المساعدات إلى المحاصرين في غزة ومحاولة الدفع لاحقا نحو إقرار تهدئة كاملة.
تحشد القاهرة الدول الغربية والإقليمية الفاعلة لدعم التحركات المصرية التي تهدف من خلالها مصر، لتوفير ممر آمن وعاجل لتقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في قطاع غزة، التأكيد على الرفض القاطع لأي محاولات ترمي لتصفية القضية الفلسطينية على أساس دعوات النزوح أو سياسات التهجير.
ويعد السبب الرئيسي لوصول الفلسطينيين لحالة الصدام هو الإحباط الكامل وعدم وجود أفق للسلام وتجاهل الأطراف الدولية للآلية الناجعة التي يجب أن تتعامل مع جذور الأزمة الراهنة والعمل علي استئناف عملية السلام، وصولاً إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وهي الخيارات التي أكدت عليها مصر دوما في كافة المحافل الإقليمية والدولية وضمن مسارات وإطارات متعددة منها إطار ميونخ الذي تم تشكيلها قبل سنوات ويضم مصر والأردن وألمانيا وفرنسا.
في المقابل تشدد مصر على أهمية العمل لإدخال المساعدات وخروج حاملي الجنسيات الأجنبية، وعمل معبر رفح بالوتيرة الطبيعية له لإدخال الاحتياجات الطبية للإخوة الفلسطينيين، حيث تسعى مصر منذ بداية الأزمة في غزة بأن يظل معبر رفح البري مفتوحا للتخفيف عن الفلسطينيين ونقل المساعدات الإنسانية إلى أهالي قطاع غزة، وتنسق القاهرة بشكل كامل مع منظمات الأمم المتحدة والصليب الأحمر لتضمن وصول المساعدات وتوزيعها على المستحقين بشكل كامل.
لا شك أن “قمة القاهرة” التي تعد أحد حدث دولي لتناول القضية الفلسطينية ستشكل نقطة فارقة في تاريخ القضية التي تعرضت لانتكاسات عدة منذ 2011، وغياب أي آفق لإرساء السلام والاستقرار في المنطقة وعدم اعتراف إسرائيل بأي حقوق للفلسطينيين على الأراضي المحتلة، وممارسة سياسة التهجير القسري وقضم الأراضي وبناء المزيد من المستوطنات، فضلا عن انصياع رئيس وزراء حكومة الاحتلال لدعوة متطرفة تنفي الاعتراف بأي حقوق للفلسطينيين.
من المتوقع أن توفر “قمة القاهرة” سندا قانونيا لقيام دولة فلسطينية معترف بها من الامم المتحدة ومن الدول الأعضاء بها وكذلك من المنظمات الإقليمية والدولية الفاعلة في السياسية الدولية، ويأتي هذا الحرص عن اقتناع تام بأن تحقيق هذه الخطوة هامة جدا لتحقيق سلام عادل وشامل ودائم.
ويطالب أبناء الشعب الفلسطيني إنهاء حالة الاحتلال بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 4 يونيو 1967، عودة اللاجئين، ومنح الفلسطينيين حقوقهم المشروعة وتفعيل القرارات الأممية ذات الصلة خاصة القرار 242.
يعد ارتباط مصر بقضية فلسطين ارتباطا دائما ثابتا تمليه اعتبارات الأمن القومي المصري وروابط الجغرافيا والتاريخ والدم والقومية مع شعب فلسطين، لذلك لم يكن الموقف المصري من قضية فلسطين في أي مرحلة يخضع لحسابات مصالح آنـية، ولم يكن أبداً ورقة لمساومات إقليمية أو دولية، لذلك لم يتأثر ارتباط مصر العضوي بقضية فلسطين بتغير النظم والسياسات المصرية.
وخلال تولي الرئيس السيسي مقاليد الحكم ظلت القضية الفلسطينية قضية مركزية بالنسبة لمصر وبذلت مصر العديد من الجهود لوقف إطلاق النار لتجنب المزيد من العنف وحقن دماء المدنيين الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني الذين يدفعون ثمن مواجهات عسكرية لا ذنب لهم فيها، فضلاً عن الجهود الإنسانية التي قدمتها مصر من خلال فتح معبر رفح لاستقبال الجرحى والمصابين الفلسطينيين والمساعدات الغذائية والدوائية للشعب الفلسطيني، تخصيص منحة تقدر بـ 500 مليون دولار لإعادة الاعمار في غزة، فضلا عن التحركات السياسية والدبلوماسية التي تجري على قدم وساق منذ عقود لنصرة الفلسطينيين وتعزيز صمودهم.