علاج الإحباط وعدم الرضا عن النفس
بقلم الدكتورة / هدى عبد الهادي
استشاري الصحة النفسية والإرشاد الأسري
الإحباط هو الحالة التي تواجه الإنسان عندما يعجز عن تحقيق أهدافه أو رغباته النفسية أو الاجتماعية بسبب عائق ما أو مجموعة من العوائق، أو بسبب تعرضه لضغوط اجتماعية أو نفسية أو مادية لا يستطيع مواجهتها، أو بسبب تراكم المشاكل والعقبات والحواجز التي يفشل الإنسان في التوصل إلى حلها..
وقد يحدث الإحباط أيضاً بعد الخروج من تجربة صعبة ومؤلمة.. ومن الطبيعي أن كل هذه الأسباب تؤدي إلى التوتر والقلق ثم الاستسلام والشعور بالعجز وبالتالي إلى الإحباط … و بالطبع الإحباط شعور سلبي على نفسية الإنسان يؤدي إلى عدم شعوره بالرضا عن النفس … والرضا عن النفس من أهم الاحتياجات التي يجب على الإنسان الوصول إليها لكي يعيش الحياة بطريقة إيجابية … وهذا الرضا يتطلب قبول الذات، وتحقيق المحبة، وتحقيق القيمة الشخصية.
- – وعدم الرضا عن النفس يُعد مشكلة يعاني منها كثير من الناس، وعلاج هذه المشكلة يكمن في عدّة خطوات أبرزها:
1- تقبُّـل الذات كما هي:
فقبول الذات يعتبر مفتاحاً لتقبّل الآخرين وتقبل الاختلاف الذي هو من سنن الحياة ؛ فعلينا بتقبل الذات كما هي – مثل تقبـّل الشكل ولون البشرة؛ فهذه الأشياء لا يمكن تغييرها – والشيء المُريح إنك لو تأملت ستجد كثيرا من المشاهير يشبهونك! وهم محبوبون جدا عند الناس؛ وستجد أن الجمال الحقيقي هو جمال الروح الطيبة والأخلاق الحميدة.
2 – تجنّب مقارنة نفسك بالآخرين:
تُعتبر مقارنة النفس بالآخرين سبباً لعدم الرضا عن النفس، وسبباً في التأثير السلبي بعدم الثقة بالنفس؛ حيث ستجد دائمًا من هو أقوى أو أذكى أو أكثر جمالًا منك، و قد تشعر بأن الجميع من حولك لديهم أشياءً أفضل منك. قد يكون ذلك صحيحًا على نحو أو آخر، وهذا يجعلك تنسى نقاط قوتك الشخصية وتُـصاب بالإحباط .. لذلك يتوجّب عليك أن تبحث عما يميّزك عن الآخرين. هذا كفيلٌ بأن يُشعرك بالرّضا عن نفسك؛ لأنّك ستشعر أنّك تمتلك شيئاً لا يمتلكه غيرك … وتجنب المقارنة لأنها تتسبب دائمًا في جعلك عاجزًا عن الشعور بالرضا عن نفسك.
3- ابحث عن نقاط قوتك:
يجب الأخذ بالاعتبار أنّ كلّ إنسان لديه نقاط قوّة ونقاط ضعف، وأنّ الشخص العاقل هو من يبحث عن نقاط قوّته ويبرزها، ويؤمن بها، ولا يسمح للآخرين بأن يشككوا بها، ويحاول في نفس الوقت معالجة نقاط ضعفه، علماً بأنّ الإنسان عندما يفكر بنفسه بطريقةٍ إيحابية فإنه يعتز بنفسه أكثر، ويرضى عنها.
4- كن عمليّاً وواقعياً:
لا تكن خياليّاً ولا تسجن نفسك في أوهام العالم الافتراضي بل اجلس مع نفسك وفكر في عدة حلول وبدائل عملية لمشاكلك، وتأكد: مهما مررت بلحظاتٍ صعبةٍ فهي ستصبّ في مصلحتك وتجعلك قويًا إن أحسنت مواجهتها… وعليك بتبسيط الأمور ولا تركز تفكيرك على الجانب الفارغ من حياتك، أي لا تركز على الأمور التي تعجز عن تحقيقها أو عن تغييرها؛ فهذا يخلق بداخلك الشعور بالإحباط .. بل عليك أن تعدد كل الجوانب المُتاحة والإيجابيّة في حياتك، وما تملكه من مميزات ومهارات.
5- لا تندم على شيء فكل قدر الله خير:
سامح نفسك على أخطاء الماضي فالماضي لا يمكن تغييره .. ولكن يجب أن تفكر في المستقبل وأن تمنح نفسك الفرصة للتطور والتقدم.. سامح نفسك عن كل ما فات؛ لأنّ مسامحتها يمنحها القوّة على الاستمرار مع الأخذ بالاعتبار أن جلد الذات وتأنيبها لا يُغيّـر من الواقع شيئاً سوى أنّه يؤخّر الإنسان، ويؤثر على إنتاجيته.. فأخطاء الماضي لا يجب ان تندم عليها؛ لأنها تشكّل درساً بالنّسبة لك لكي تنضج أكثر وتكتسب خبرات أكثر.. كما يتوجب عليك أن تواجه أخطاءك، ومشاكلك، وألا تتهرّب منها، وتبحث عن شماعة لتُعلّق عليها إخفاقاتك، بل عليك أن تبحث عن حلول عملية تنهي المشكلة، وتغيّر الحال نحو الأفضل، كما لا يجب الاكتفاء بالتأسف على ما حدث، وإنّما محاولة التغيير للأفضل لأنّ ذلك سيزيد من الرضا عن النفس.
6- حاول أن تتسم بالمرونة والتأقلم مع المتغيرات المفاجئة في الحياة:
فمن الطّبيعي أن تحدث أمورٌ مفاجئةٌ تتسبّب في تشويش كلّ مفاهيمك في الحياة .. وقد تتسبب في هزة نفسية عنيفة؛ فكن مرناً لكلّ المتغيّرات التي قد تواجهك فجأة. ودائماً قل: ( لعله خيرا ) ولا مفر من مرور بعض الأيام السيئة.. فمن الضروري أن تتجنب إحباط نفسك والنظر للأمور بشكل سلبي أكثر من اللازم.. عليك أن تعرف أن هذه الفترة الصعبة سوف تمر وكل ما عليك هو أن تتماسك .. لكن إذا كنت تشعر بالاستياء والحزن لدرجة شديدة، فعليك أن تشارك أفكارك مع أحد الأشخاص الجديرين بالثقة في حياتك، الذي يهتم بأن يستمع إليك ويحاول مساعدتك فى حل مشكلاتك .. أما إذا كان إحساس الشعور بالحزن الشديد مستمرًا لفترة أكثر من 6 أشهر، فيجب هنا أن تلجأ إلى مختص في الاستشارات النفسية.
7- اعلم أن إرضاء الجميع أمر مستحيل:
يعتبر عدم إرضاء جميع الناس أمر مستحيل، فلا أحد يحظى بالقبول التام من جميع الناس، لذلك يتوجّب على الشخص أن يتقبل آراء الناس، وألا يأخذ منها السلبي؛ لأنّ ذلك لن يغير شيئاً، وإنّما سيزيد من إحباطه، وسيحدّ من إبداعه، لذلك يفضّل الأخذ بالآراء الإيجابية ومحاولة تطوير النفس، لزيادة الشعور بالرضا.
8- لا تعطي انتباهاً لما يظنه الناس عنك:
اهتم بما تعتقده عن نفسك بدلًا من التفكير فيما يظنه الناس عنك. ركز على الأفكار الإيجابية عن نفسك، التي ترفع من معنوياتك، بدلًا من الانشغال بآراء الآخرين عنك.
واسأل نفسك: ما هو الغرض من محاولة إرضاء الآخرين؟ هل يستحق الأشخاص الذين يتسببون في أذية مشاعرك أن تعمل على نيل إعجابهم؟ ! بالطبع لا يستحقون.. فكن واثقاً من نفسك ولا تهتم بما يظنه الناس عنك.
9- انفتح على الآخرين وعلى الحياة:
اخرج من التمحور حول الذات وانفتح على الآخرين؛ اهتم بهم ومد يد العون لهم بالعطاء، وبأعمال تطوعية طيبة، كقضاء حوائجهم سواء المعنوية أو النفسية أو المادية؛ ولن تصدّق النّتيجة التي ستتلقّاها في المقابل .. ستشعر بالثقة بالنفس والرضا عنها وتحقيق الذات والسعادة، واعلم أن لديك الكثير من الأشياء التي يمكنك تقديمها للآخرين وللعالم.
10- صادق الأفراد الذين يجعلونك تشعر بالرضا عن نفسك:
اسأل نفسك إذا ما كان أصدقاؤك يوفرون لك الدعم والمساندة والثناء والمدح، أم أنهم لا يتوقفون عن نقد كل شيء تقوم به. إذا كانوا أصحاب نظرة سلبية دائمة تجاهك فأنت بحاجة للتخلص من وجودهم في حياتك بأسرع شكل ممكن… قد تكون هذه الفكرة قاسية بعض الشيء؛ لكن قد يكون أحيانًا ذلك هو الحل الوحيد من أجل الشعور بالتحسن والرضا عن نفسك والتصالح مع الحياة.
11- وأخيراً – عليك أن تلتزم بأخلاقياتك الخاصة وقيمك الذاتية ومبادئك السامية في كل يوم من حياتك؛ سوف يساعد ذلك في بناء شعور الثقة بالنفس واحترام الذات.