د / إســلام جـمـــال الــدين شـــوقي
خـبـيـر اقــتصــــــادي عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي
المقاطعة الاقتصادية هي أحد أهم الأسلحة الفعالة في وقت أصبحت فيه الحروب تُدار بأدوات أخرى
غير السلاح التقليدي حيث يجب التصدي للهجمة الشرسة التي يتعرض لها الإسلام فما قام به المتطرفين
من حرق وتدنيس للمصحف الشريف في السويد هو فعل لا يتم السكوت عنه ولا بديل عن استخدام
المقاطعة كأحد الحلول فالمقاطعة الاقتصادية هي استراتيجية يتم استخدمها من قبل الدول والأفراد تتمثل
في الامتناع عن التعامل أو الشراء لمنتجات أو خدمات معينة لتحقيق هدف معين.
وفي الحالة التي نحن بصددها حيث يجب اتخاذ موقف جماعي من الدول الإسلامية والدول العربية من
أجل مقاطعة السويد بسبب حرق وتدنيس المصحف الشريف، والهدف من هذه المقاطعة الاقتصادية هو
اتخاذ اجراء حاسم تجاه دولة السويد لوقف هذه الممارسات المسيئة وغير المقبولة والتي لا يمكن
تبريرها بأي شكل من الأشكال أو حتى فكرة السماح بها تحت زعم دعاوى حرية التعبير والرأي.
وهنا يتم طرح سؤال هل مقاطعة الشركات السويدية كمثال في الدول العربية فعال أم له انعكاسات على
العاملين في تلك الشركات والضرائب التي تدفعها؟
والإجابة أنها سلاح ذو حدين فعلى مستوى الأفراد للمقاطعة الاقتصادية تأثير إيجابي على الشعور
بالانتماء بالرغم من التحديات التي ستحدث مثل عدم توفر بدائل للمنتجات والخدمات أما بالنسبة
للشركات، فقد يكون للمقاطعة تأثير كبير على فقدان العملاء والإيرادات، أما عن تأثير المقاطعة على
الاقتصاد تؤثر بشكل غير مباشر على الاقتصاد عندما يتراجع الطلب على منتجات أو خدمات معينة
بسبب المقاطعة، فقد تضطر الشركات المتعرضة للمقاطعة إلى خفض الأسعار أو تقليص الإنتاج وقد
تسهم المقاطعة بإحداث تأثير إيجابي عندما تتحول قوة الاستهلاك إلى سلاح مؤثر يستخدمه الأفراد
والدول للتعبير عن صوتهم بوضوح وتوصيل رسالة الغضب في معركة الاقتصاد وبالتالي لا يمكن
تجاهل مضمون هذه الرسالة.
ولنتحدث بلغة الأرقام فإذا تناولنا حجم التجارة بين السويد وغالبية الدول العربية كالسعودية والإمارات
وقطر والكويت والعراق وسلطنة عُمان ومصر وتونس والمغرب والجزائر فنجد أن حجم الصادرات
السويدية لهم وفقًا لقاعدة بيانات الأمم المتحدة لسنة 2022 بلغت 3,947 مليار دولار والسعودية في
المرتبة الأولى للدول المستوردة بقيمة تبلغ حوالي 1,280 مليار دولار أمريكي يليها مصر في المرتبة
الثانية 803 مليون دولار أمريكي ، وصولًا إلى المرتبة العاشرة دولة العراق ب 75 مليون دولار
أمريكي، هذا من جانب ناهيك عن حجم التبادل مع الدول الإسلامية وغير الإسلامية إذا اتخذت موقفًا
مماثلاً ووقفت مع المقاطعة الاقتصادية وبالتالي فإن حجم التجارة بين الدول العربية والسويد لا يستهان
به وقوة مؤثرة في حال تفعيل سلاح المقاطعة الاقتصادية.
ولكن على الجانب الآخر هناك تأثير سلبي على الشركات الموجودة في الدول نفسها حيث سيتأثر
العاملين بها بسبب المقاطعة حيث انه من الممكن في حالة استمرار المقاطعة لفترة زمنية طويلة أن
يفقدوا وظائفهم بسبب تأثر الإيرادات وتحقيق خسائر كما ستقل الحصيلة الضريبية أيضًا في الدول
المقاطعة وهذا بمثابة الدواء المر ولكن في حالة اتحاد الدول العربية ستحقق المقاطعة الاقتصادية صداها
المطلوب سريعًا وعندما تعترف السويد حكومة وشعبًا بالخطأ المرتكب فعندها سيتم الرجوع للشراء مرة
أخرى ولن يفقد العاملين وظائفهم وستدور العجلة في الشركات مرة أخرى سريعًا.
والآن نطرح سؤال آخر هل حققت المقاطعة الاقتصادية في حالات سابقة نتائج جيدة تجعلها سلاحًا
فعال في مثل هذه القضايا؟
بالفعل حققت سابقًا نتائج جيدة جدًا تجعلها السلاح الفعال والمناسب لمعالجة مثل هذه القضايا ولنضري
مثلًا على ذلك فعندما حدثت حادثة مماثلة العام الماضي أعلنت شركة إتش آند إم، انها حققت خسائر في
الربع الرابع من عام 2022 علاوة على انخفاض كبير في الأرباح خلال العام نفسه كما انخفضت
أسهمها في البورصة الأوروبية بحوالي 4% وأغلقت الشركة 336 متجرًا في أنحاء العالم، وبالتالي
فإنه من المتوقع، أن يظهر تأثير هذه المقاطعة خلال الفترة المقبلة، مع تفعيل المقاطعة وامتدادها في
معظم أنحاء دول