مسقط، خاص:
يأتي قرار السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان بإنشاء جهاز الاستثمار العُماني، في إطار المبادرات العُمانية المبتكرة لمواجهة التداعيات الاقتصادية التي ترتبت على جائحة كورونا، وتمكين الدولة من استثمار الموارد المتاحة لإستدامة البناء والتنمية الشاملة.
يقضى المرسوم بأن تكون للجهاز الشخصية الاعتبارية، مع تمتعه بالاستقلال المالي والإداري، ويتبع مجلس الوزراء، وتنقل إلى جهاز الاستثمار العماني من وزارة المالية ملكية كافة الشركات والاستثمارات الحكومية، مع بعض الاستثناءات الواردة.
ويأتي المرسوم تماشيا مع القرارات الأخيرة التي اتخذتها القيادة السياسية العُمانية، وفاءً بالوعود التي قطعتها، من أجل بث قوة دفع جديدة في شرايين النهضة العُمانية لمواصلة تقدمها وبسط المزيد من مفردات التنمية في الاقتصاد الوطني، من أجل مستقبل مشرق ونهضة متجددة لعُمان.
ووفقاً للدراسات والتقارير الاقتصادية، فإن إنشاء جهاز الاستثمار العماني، يعمل على توظيف الموارد والمقومات الطبيعية التي تتمتع بها السلطنة أفضل توظيف واستغلالها اقتصاديا استغلالا جيدا.
فعُمان تتمتع بموارد اقتصادية متجددة، وأخرى غير متجددة، فالأولى تعبر عنها الشواطئ الممتدة من بحر العرب جنوبا حتى الخليج العربي شمالا، والمساحات الشاسعة المؤهلة للإعمار وترابها القابل لاستيعاب الابتكار، بخلاف الطقس والموقع الجغرافي والقيمة التاريخية، أما الثانية فيعبر عنها النفط والغاز والثروات الطبيعية الأخرى.
إن زيادة الناتج المحلي الإجمالي لن يتأتى إلا بتنويع مصادر الدخل بالاعتماد على الموارد المتجددة وغير المتجددة، وذلك بعد نجاح الخطة الخمسية الأولى لتنويع مصادر الدخل عام 1976، أما مسألة استمرار الناتج الإجمالي في الزيادة فيكون بالاعتماد على الموارد المتجددة بالدرجة الأولى؛ لأنها لا تنضب ولا تحمل مخاوف اقتصادية.
ما يبعث على التفاؤل بمستقبل واعد لمسيرة البناء والتنمية في عُمان، هو التوجه الرشيد الدائم صوب استغلال موارد السلطنة المتجددة، حيث تطوير أنشطة الصيد والاستزراع السمكي، والاهتمام بالأنشطة السياحية المرتبطة بشواطئ المياه، والتركيز مع الأنشطة الصناعية خصوصا التعدين واستغلال المحاجر.
إن السلطنة ليست من الدول الغنية بالنفط مثل بقية دول مجلس التعاون الخليجي، كما أن النفط له عمر افتراضي، وبالتالي يجب أن يكون هناك تحرر من بند الاعتماد على منتجات تعتمد على قرارات دولية بشأن أسعارها، حيث تسبب انخفاض قيمة النفط الخام إلى انخفاض قيم الأنشطة النفطية كلها باستثناء الغاز الطبيعي الذي تحتل السلطنة مكانة مميزة فيه في المنطقة، وتعتمد عليها دول آسيوية كبرى في هذا الشأن.
وسواء كانت الموارد متجددة أو غير متجددة، فهي بحاجة لإدارة اقتصادية مدروسة ولاستثمارات فيها، وبالتالي يجب استقطاب الشركات الكبرى وتقديم التسهيلات لها لضخ استثماراتها، وخلق فرص عمل جديدة للمواطنين، واستقطاب الكفاءات والخبرات اللازمة، وتغيير التركيبة السكانية لمليونين و936 ألفا وافد يمثلون 7ر41 بالمائة من إجمالي عدد سكان السلطنة (بنهاية الربع الأول من العام الحالي 2020)، من درجات محدودي الدخل إلى قوى بشرية أجنبية لديها قوة شرائية عالية.
إن زيادة الناتج الوطني العُماني، لن يتم إلا من خلال دراسة ونجاحا إداريا ووظيفيا لتنفيذ خطة طويلة الأمد موضوعة مسبقا، ولعل الخطوات والسياسات التي يوجه بها السلطان هيثم بن طارق تحمل الأمل بمستقبل واعد نحو تحقيق التنمية المستدامة ونهضة متجددة.