بقلم / أمــل شاكــر
لسْتُ أَنَا
في أحيانٍ كثيرة حين أرى شخصًا مرفوضًا بين الناس ،استرجع تلك اللحظات القاسية التي شعرت فيها بالكره لا لأحد كما ظننتم ولكن لنفسي.
أجل.لا تتعجبوا من قولي هذا ؛ فقد كنتُ وأنا صغير أكره ذلك الضعيف الذي بداخلي وخاصةً حين كان يتفنن الآخرون في إظهاره لم انسى يوم اتفق رفاقي في الصف الابتدائي على إقامة حفل عيد ميلاد للفتاة الأولي التي تعلق بها قلبي .
اتفق الجميع على إحضار قالب الكيك بلونه الأبيض ونصفه المغمور بالشوكولاته، وعلقوا الزينة والهدايا ، فقد كان الموعد ساحة الفصل في أثناء الفسحة المدرسية ولكن بقى شي واحد أطفأ كل هذه البهجة وهي أنهم لم يخبروني بهذا الحفل.
كنت أعلم يوم ميلاد فتاتي الجميلة نور صاحبة الضفائر الذهبية والعيون الخضراء وجمعت مصروفي طول الشهر لشراء ألوان خشبية لها فقد كانت تعشق الرسم مثلي تمامًا.
وجاءت اللحظة الفارقة في حياتي حين اجتمع الطلاب جميعا فلم أعد اعتبرهم أصدقائي منذ هذه اللحظة، فأخرجت هديتي وهنا قابلني أحدهم بالزجر
والطرد قائلًا: لست مدعوا لهذا الحفل.
غضبتُ واشتعل قلبي وجسدي نارًا، وخاطبتُه بكل عنف، ولكن جاءت عيونهم القاسية المتنمرة تحطمني وأصواتهم تزلزلني – لا نرغب في وجودك معنا- فاضت عيون فتاتي بالدموع وشعرت يومها بأني فريسة تكالب عليها الوحوش وضاق بها السبيل إلى النجاة
إلى أن حضر منقذي الأول مدرس الرسم الذي تبني موهبتي أولا وتبني قلبي المكسور ثانيًا؛ ليدعوني للمشاركة في مسابقة الرسم للموهبين على مستوى الدولة
فاحتضنني كي يطفئ لهيب قلبي وصراخ عقلي في الألوان وقال لي جملته الشهيرة والخالدة.
إن لم تجد نفسك بين الناس موضع ترحيب فهذا ليس لإنك لا تستحق ولكن لأن هؤلاء الناس لا يليقون بقدرك، ولأن الله اختار لك الأفضل
لم يستوعب عقلي كلماته كلها، ولكن كان لدعمه أكبر الأثر في تفجير طاقتي في هذا اليوم ليخرج من بين يدي لوحة فنية مشبعة بكل عواطف الحزن والتحدي ويكون هذا اليوم شهادة ميلادي كفنان ورسام.
وبقي من هذا اليوم حديث تردده روحي: إن رفضك الآخرون فإن هذا ليس إلا فرصة لك لتتعرف على نفسك مع وجوه أخري وقلوب أفضل.
قد يبعث الرفض في الروح شجاعةً لا تبعثها الانتصارات الكبرى، فإن شعرت يوما أنك لستَ أنْتَ، فاعلم أنك تستعد لتحميل النسخة الأفضل منك.
ولكن بعد حديثٍ صادقٍ بينك وبين روحك