خطوات عملية لخلع عباءة الانتماء إلى الجماعات، لمن ابتلي بها من الأزهريين!
بقلم : أد / محمد إبراهيم العشماوي
أستاذ الحديث الشريف وعلومه في جامعة الأزهر
نحن لا ننكر تغلغل فكر الجماعات في نفوس بعض الشباب؛ تغلغل الدماء في العروق؛ لأنها اقتنصتهم صغارا، فنقشت في قلوبهم وعقولهم ما شاء الله أن تنقش، والتعليم في الصغر كالنقش في الحجر، فصار من الصعب عليهم التخلص منها إلا بمعونة إلهية!
ونحن نذكر لك أيها المبتلى بتلك الجماعات من الأزهريين؛ خطوات عملية تساعدك على الانخلاع منها، والعودة إلى منهج الأزهر، فدونك فالزم!
1- الزم شيوخك في الأزهر، واقترب منهم أكثر، وأزل العوائق التي وضعتها في طريقك تلك الجماعات كي يحولوا بينك وبينهم، فصورت لك شيوخ الأزهر في صورة أصحاب العقيدة الأشعرية الباطلة، والمذاهب الفقهية المبتدعة، والتصوف الشركي القبوري المخرج من الملة، وحاول التعرف على شيوخك من جديد.
2- أقبل على مناهج الدراسة الأزهرية بحب وشغف، وإن استطعت الدراسة الحرة في الجامع الأزهر، حيث تقرأ كتب المتون على كبار الشيوخ؛ فافعل، واعلم أن كثيرا من الشباب يتمنى أن يجلس مكانك لينعم بالدراسة في الأزهر على أيدي شيوخه وعلمائه، ومن خلال كتبه ومناهجه، فهي نعمة عظيمة لا يعرف قدرها إلا من حرم منها.
3- فكر بعقلك أين كانت تلك الجماعات حين كان الأزهر يقف وحده في خندق الدفاع عن الدين، ونشر الإسلام الوسطي في ربوع العالمين، ولتعلم أن بعض الدول التي تتبنى فكرا غير فكر الأزهر؛ لا تأتمن على أبنائها إلا رجال الأزهر، ولا يسافر الأزهري خارج وطنه لأكل العيش إلا لأنه أزهري، لا لأنه ينتمي إلى الجماعة الفلانية، وهذا وحده كاف لبيان الفرق بين مكانة الأزهر ومكانة هذه الجماعات.
4- عليك أن تعلم أن الأزهر يعلم ويربي وينفق لوجه الله، فليست له مصالح يسعى إليها سوى الدعوة إلى الله، ابتغاء وجه الله، وإرضاء لرسول الله، والجماعات تعلم وتربي وتنفق لمصالحها الأيديولوجية الضيقة، فافهم هذا الفرق جيدا.
5- ثم تأمل كيف كتب الله القبول العام لمنهج الأزهر الشريف في العالمين، بينما اختلفت وجهات النظر حول هذه الجماعات، فما اتفق عليه أولى بالقبول مما اختلف فيه.
6- اعلم أن أكابر علماء الأمة على مر القرون كانوا على منهج الأزهر الشريف الاعتقادي والفقهي والسلوكي، فمحال أن يجمع هؤلاء على باطل، فأما هذه الجماعات فهي محدثة، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، فأين كانوا حين كان الأشعري والباقلاني والفخر الرازي والجويني والغزالي والنووي والسبكي والعراقي وابن حجر والسيوطي والسخاوي، وهؤلاء كلهم أشاعرة شافعية صوفية على منهج الأزهر الشريف، وما انتسب إلى هذه الجماعات أحد ذو بال من العلماء؛ إلا في الأعصار المتأخرة، اغترارا منهم بظاهرها الحسن، فلما انكشف لهم باطنها القبيح تركوها بلا رجعة.
7- ستجد عندنا في الأزهر ما وجدته عند هؤلاء وما لم تجده، ولن تجد عندهم ما عندنا، فعندنا في الأزهر رحابة الفكر، وانفساح الرأي، واتساع الأفق، وتعددية المصادر، والتماس الحكمة من معادنها وإن خالفت منهجنا، وقبول أعذار المخالفين، حتى إننا ندرس كتب أئمتهم ولا نهدرها، ونأخذ منها ما وافق الحق، أما هم فيهدرون أئمتنا وكتبنا جملة وتفصيلا، فأيهما أكثر إنصافا، وأولى بالقبول؟!
8- انسحب برفق من تلك الجماعات، وتعلل بالأعذار، حتى يملوك فيتركوك، ولا تعد تنظر في كتبهم، ولا تحضر دروسهم، ولا تشهد مجالسهم؛ فإن من أسباب الشفاء البعد عن مواطن الداء.
وافعل كما فعل إمامك الأشعري، حين خلع ثوبه على المنبر، وقال: أنخلع مما كنت فيه – يعني من منهج الاعتزال – كما أنخلع من ثوبي هذا!
فكافأه الله على صدقه، وجعله إمام هدى للمسلمين!
9- استمع إلى تجارب إخوانك السابقين، الذين انفصلوا عن تلك الجماعات من الأزهريين، وعادوا إلى رحاب الأزهر تائبين؛ فإنها لك خير معين.
10- تأن، واصبر، واستعن بالله، ولا تعجز، ولا تتعجل الثمرة؛ فأنت تعاني من جرح عميق، وداء عضال، يحتاج إلى زمن طويل، وصبر جميل، وحكمة في العلاج، حتى يبرأ.
والله يتولى هدانا وهداك، وعلى الله دوانا ودواك!