في ديسمبر 2019 الماضي، غزا العالم عدو لا يُرى، “متلازمة تنفسية حادة شديدة سارس كوف 2″، والمعروفة الآن بـ”فيروس كورونا”، بدأت بغزو ووهان الصينية، وفي 11 مارس 2020، صنفته منظمة الصحة العالمية “جائحة”، لغزوه العالم دون تفرقة، وتسببه في رحيل الآلاف عالميًا.
إن هذه الجائحة التي أصابت العالم، وتسببت في حزنه، استطاعت فعل ما لم يستطع فعله قادة العالم، ومدعي القوة والمُلك في الأرض، كم من مؤتمرات دولية، ومعاهدات، ومواثيق، وقمم حاولت في ظاهرها أن تضع رواسخ السلام الدولي، ليعم العالم، وفشلت؟!، منذ مطلع البشرية ويتناحر العالم فيما بينه، مستعرضًا كل ذي قوة قوته، والآن ماذا تجدي تلك القوة؟، لا شيء بالطبع.
لكن “كورونا” هذا الوباء القاتل، الذي لم يفرق بين ملك ومملوك، بين سيد ومسود، بين متقدم ونامٍ، بين عظيم وصغير، استطاع أن يفعل ذلك.. شاهد تلك المراكز البحثية الدولية التي تتعاون الآن فيما بينها لمحاولة كبح انتشار هذا الوباء.
شاهد مثلًا هذه المساعدات التي تبادر بها الدول فيما بينها وبعضها البعض، شاهد هذا الهدوء الذي يسود سماء الأرض دون صخب الصواريخ والطائرات وصوت المدافع والبنادق، هل رأيت دماءًا منذ ذلك الحين؟!، هل رأيت صراعًا دينيًا أو جنسيًا أو عرقيًا أو اقتصاديًا على عكس أي أزمة قد تصيب العالم فإنه من المفترض أن يحارب ويصارع كل مجتمع بمفرده من أجل البقاء؟، هل سمعت عن صراع نووي في بقاع الكوكب مثلًا؟،، هل رأيت بطشًا من ملوك وحكام منذ ذلك الوقت؟، لم نسمع حتى عن ضرب جيش الصهيون لإخواننا في فلسطين!، شاهد أيضًا هؤلاء حتى وإن كنت تشك في نواياهم التي تبحث عن مطامع السياسية مستقبلًا، لا يهم لكن المهم أن هناك إنسانيات ظهرت على المستوى الواسع امتدت من شرق الأرض إلى مغبها، ومن شمالها إلى جنوبها.
إن هذا العدو الغاشم، استطاع أن يرسخ مفهوم السلام العالمي، في أن يعم التعاون والتضامن ومحاولات صون الكوكب بتحمل المسؤولية، استطاع أن يرسخ نبذ العنف والحرب والنزاعات، وتغلب الإيجابيات بما يضمن تحقيق التوازن بين الأطراف وتفعيل المساواة والعدل والعدالة الاجتماعية وتنحي الخلافات.
إننا نأمل أن يعافي الله عز وجل العالم من هذا الوباء، ونظل في وحدة دولية كما نحن متحدون في حربنا على هذا الفيروس، على أن يستمر ما نحن عليه من سلام بين العالم وتعاون وتماسك لمحاربة كل ما قد يغزو أمننا واستقرارنا وهدوءنا وانسجامنا وتوافقنا، لنحيا في رخاء يحفظ للجميع إنسانيته وآدميته.