بقلم – مدحت محي الدين :
سؤال تسأله كل طفلة قاصر وجدت أهلها و قد قرروا إنهاء فترة طفولتها الطبيعية ليسلموها للعريس، لمسئولية زوج و بيت، طفلة تجد نفسها و قد تحولت لامرأة غير مكتملة النمو رغما عنها بزواج عرفي بمخالفة القانون و مباركة أهلها،
طفلة بدلا من أن تلعب و ترسم و تتعلم و تحلم بالمستقبل المشرق مثل بقية الأطفال تجد نفسها في مواجهة صعوبات امرأة ناضجة كالحمل و الرضاعة
و تربية أطفال و هي نفسها مازالت تحتاج للتربية و الإهتمام…..ظاهرة موجودة ببعض القرى ببعض المحافظات المصرية يعاني منها الكثير و تعاني منها الدولة، عواقبها وخيمة على أصحابها و على الأطفال ثمرة هذه الزيجات الغير طبيعية
و إلى الآن و رغم القوانين و العقوبات التي نصت عليها هذه القوانين مازالت بعض القرى مبتلاه بهذه الظاهرة.
“الدوافع”
حاولت عزيزي القارئ أن أفهم دوافع الجميع لعلنا نجد حل لهذه المشكلة فبدأت بإلقاء الضوء على أهل الفتاة القاصر،
فوجئت بأن بعض الآباء يعتبرون إنجاب الفتيات كمصدر من مصادر الدخل أو الكسب المادي؛ فهناك من يزوج ابنته القاصر مقابل أن يبني العريس دور بمنزل أو مقابل قطعة أرض و هكذا،
و هناك من يحرص على تزويج ابنته من ثري عربي، و هناك من يقبل بتزويج ابنته من من هو بمثل عمره أو أكبر منه،
هناك أيضا من تحجج بالفقر و قرر أن يلقي بمسئولية ابنته القاصر على عاتق رجل آخر.
ومن الأشياء الملفتة للنظر فيما يخص الأهل هو أم الطفلة فتجد بعضهن عزيزي القارئ موافقات على مايفعله الآباء بحجة أنهن أيضا تزوجن قاصرات،
و بدلا من أن يشفقن على بناتهن من أن يخضن نفس المعاناة تجدهن في حالة مزايدة و فخر بأنهن مروا بهذه التجربة من قبل حتى و لو كانت تجربة سيئة و مدمرة.
حاولت أيضا عزيزي القارئ أن أفهم دوافع العريس الذي قرر أن يترك الآنسات الناضجات ليبحث عن طفلة قاصر! و أثناء البحث تحدثت إلى أطباء نفسيين و أساتذة بعلم الإجتماع أجمعوا على أن الرجل الذي يقرر الزواج من طفلة لابد و أن به خلل؛
إما خلل عضوي يخاف أن يتزوج من ناضجة فتكشفه فيعيش معها بعين مكسورة، و إما خلل نفسي ك”البيدوفيليا” أي الرجل المنحرف الذي يرغب بالتزاوج من طفل بدلا من فتاة ناضجة.
بالإضافة لخرافة ابتدعها البعض بأن الزواج من طفلة يشكلها الرجل كيفما يشاء أسهل من الزواج من فتاة قد تشكلت بالفعل!
“أين القانون من هذه الظاهرة؟”
القانون موجود عزيزي القارئ و لا يسمح بتزويج قاصر و لا حتى بموافقة ولي أمرها، فإذن كيف يتم الزواج؟
يتم بالتحايل على القانون عزيزي القارئ حيث يقوم المأذون بالتزويج عرفيا بلا إثبات على الزيجة، يعتمد فقط على الإشهار
و يظل الوضع كذلك غير مثبت بأوراق رسمية و غير معترف به قانونا لحين بلوغ الزوجة القاصر للسن القانوني حينئذ يقوم المأذون بعقد الزواج رسميا.
و ماذا يحدث لو أنجبت الزوجة قبل بلوغ الزوجة للسن القانوني و قبل عقد القران رسميا؟ لا يسجل هذا الطفل بشهادة ميلاد
فبالتالي يفقد الكثير و الكثير من حقوقه مثل التطعيمات و اللبن الصناعي المدعم الذي يصرف للأطفال الرضع من خلال الوحدات الصحية، و مثل حقه بالعلاج المجاني بنظام التأمين الصحي الشامل الجديد المطبق ببعض المحافظات،
أيضا يفقد ذلك الطفل حقه بالتموين إذا كانت الأسرة من مستحقي الدعم، كما يفقد حقه بالإلتحاق بمدرسة فيخسر حقه بالتعليم، ……إلى آخره من خسائر يتكبدها طفل لا ذنب له جنى عليه أهل لم يصبروا على تزويج طفلة.
بالإضافة إلى العديد من قضايا إثبات النسب التي تضطر بعض الفتيات لرفعها أمام المحاكم في حالة لو قام الزوج بتطليق الفتاة قبل إتمام الزواج الرسمي و رفض الإعتراف بنسب أطفاله له.
اسأل مجرب”
في جلسة انتظار بعيادة أحد الأطباء كانت تجلس “م.ع” فتاة بمقتبل العمر تزوجت و هي قاصر و أنجبت ثلاثة أطفال، كانت تنتظر دورها للكشف لأنها كانت تعاني من ألم بالعامود الفقري و كانت تشكو لسيدة جالسة بالقرب منها من ألم بالأسنان و أخبرتها أنها فقدت بعض الضروس بعد ولادة أطفالها،
لفت نظر طبيبة الأسنان عدم توقفها عن الكلام و كأنها تتوسل لأن يستمع الجميع لمعاناتها لعلها تجد الراحة في الفضفضة،
أخبرتها الطبيبة بأنها تبدو صغيرة جدا على أن تعاني من مثل هذه الآلام و على أن تكون أما لثلاثة أطفال،
فقالت بالنص “أنا اتجوزت و أنا عيلة، كنت لسة بألعب مع العيال في الشارع لما جه جوزي أتقدم لأهلي،أمي قالت لي خلاص ماعادش فيه لعب،
اللي قدك تتجوز و تفتح بيت، كنت عيلة مش فاهمة حاجة ولا فاهمة يعني إيه جواز من أصله، كنت فاكرة روحي رايحة أتفسح و ألبس فساتين و أحط روج،
ماتخيلتش أبدا إن حياتي كلها هتتدمر كدة! عمري اتسرق و كبرت قبل أواني، اتبهدلت و اتهديت و شوفت أوجاع شيبتني،
و لقيت في ديلي عيال المفروض يكونوا أخواتي مش عيالي، راحت معاهم صحتي و جسمي اللي باظ، المفروض كمان إني أربي العيال دي! طب أربيهم إزاي و أنا كنت لسة مااتربتش؟!!!”