كتب- أحمد نورالدين:
ارتأى مدير عام مركز لندن للبحوث والاستشارات د . محمد عبد العزيز أن معظم بلدان العالم العربي لا تهتم بالبحث العلمي ولا تستفد من ثقافة المؤتمرات العلمية بالقدر الذي يسهم في نهضتها والعمل على انتاج معارف جديدة من بنات أفكار الباحثين العرب رغم نبوغهم ، مشيراً إلى الأرقام المخجلة لميزانية البحث العلمي في غير قطر عربي تلقي بظلال قاتمة على المستقبل العربي لان من أراد ازدهاراً في المستقبل عليه رعاية البحث العلمي وتوفير بيئات حاضنة للباحثين ، مشيراً الى ان فرنسا تضم الفي مركز بحثي بينما الدول العربية مجتمعة لا يوجد بها سوى 600 مركز ما يؤكد الفجوة العلمية الهائلة بين الغرب والعرب .
وتؤكد تقارير عملية أن نسبة الإنفاق المحلي الإجمالي للدول العربية كافة على البحث العلمي والتطوير لا تزال متدنية، إذ تتراوح النسب في الغالبية العظمى من البلدان العربية بين 2.0 و5.0 %.
وفي سياق اخر أعلن في حوار صحفي عقب نجاح مؤتمر الاعلام الجديد ودوره في التنمية الاقتصادية الذي نظمه اتحاد الجامعات الافرواسيوية وكان يديره أن عام 2023 سيشكل نقلة نوعية لمركز لندن للبحوث الذي تترأس مجلس ادارته صاحبة السمو الملكي الأميرة منال بنت مساعد ال سعود وذلك بتنظيم ثلاث مؤتمرات علمية حول فريضة الزكاة والذكاء الاصطناعي والوقاية من الإدمان مشيراً الى دولتين عربيتين ودولة اوربية مرشحة للتنظيم .
وأشار إلى ان المؤتمرات العلمية من أنفع ما أنتجته الحضارة المعاصرة، إذ أن تلاقح أفكار العلماء والمتخصصين مدعاة إلى بلوغ انتاج معرفي قوي يشكل سلاحاً لمجتمعات تواجه به تحدياتها المستقبلية والمتنوعة ويسهم في حلحلة المشكلات التي تواجه أفرادها وتعيق تقدمها .
وحول البحث العلمي العربي أكد عبد العزيز ان العالم العربي يشهد عدم اكتراث بالبحث العلمي ووفقاً لدراسة مسحية حديثة لمخرجات البحث العلمي، أظهرت فقر الإنتاج البحثي العربي في العقدين الأخيرين ، في وقت أولت الدول الراغبة في نهضة مجتمعاتها اهتماماً كبيراً بدور العلم في الاقتصاد والرفاه والأرقام خير شاهد .
وبات مطلوباً من الدول العربية تحقيق تحول جذري من الاقتصاد السياسي السائد إلى اقتصاد المعرفة للعبور بالمجتمعات نحو مستقبل أفضل عبر ربط العلم ومخرجاته بالاقتصاد والمجتمع مع ضرورة التخلص من التبعية العلمية للغرب والتحول من الاستهلاك إلى الإنتاج. وبحسب ما ورد في كتاب الدكتور أحمد زويل «عصر العلم» أن مساهمة الدول العربية في البحوث العلمية العالمية لا يتجاوز 0.0003% مما تسهم فيه المؤسسات البحثية العالمية.
وأضاف أن نسبة الإنتاج العلمي العربي إلى العالمي حوالي 2.35 % علماً بأن نسبة عدد سكان الوطن العربي لسكان العالم حسب احصائيات البنك الدولي هي حوالي 5.2 %، وهو ما يدل على ضعف في الإنتاج العلمي بالنسبة للعالم. وللمقارنة، فإن انتاج جامعة كاليفورنيا فقط يفوق انتاج الدول العربية جميعا.
وقال عبد العزيز: للإشكالية عدة أسباب من أهمها ضعف حجم الإنفاق الحكومي على البحث العلمي وفق منظمة اليونسكو يتراوح من 0.1 % إلى 0.4 %، فيما تنفق الدولة المتقدمة على البحوث العلمية 2.5 % إلى 5% من الناتج المحلي. ومعدل تكلفة الباحث العربي قرابة 34 ألف دولار، وأن هذا الرقم لا يقارن بما يتقاضاه العالم في الدول المتقدمة، مما خلق حالة من العزوف في البحث العلمي لدى الدول العربية، وقلة في عدد العلماء والباحثين، حيث تشير الإحصاءات إلى أن هناك 500 باحث لكل مليون نسمة في الوطن العربي كمعدل، مقابل 5000 باحث لكل مليون نسمة في الدول المتقدمة. في الغرب ينظر للبحوث العملية كاستثمار وتنمية اقتصادية مما دفعهم إلى العمل على رفع مستواها، من خلال الدعم المادي والتدريب عالي الجودة واستقطاب العقول المبدعة من شتى دول العالم للمؤسسات البحثية.
ولفت الى تأثير العوائق التي تواجه البحث العلمي على نقص في إنتاجية البحوث المنشورة في المجلات العلمية المحكمة.
وحول الفوارق بين العالم العربي والغرب أشار تقرير اليونسكو الصادر عام 2019 تحت عنوان «نحو عام 2030» إلى أن مصر زادت من حجم إنفاقها على البحث والتطوير، ووصل إلى 0.8 % من الناتج المحلي الإجمالي، ومثلها فعلت المغرب، فيما خصصت السعودية 0.82 % من ناتجها المحلي الإجمالي للبحث والتطوير، بينما خصصت الإمارات 1 % من ناتجها المحلي لهذا الغرض. في حين يصل إجمالي الإنفاق على البحث العملي في اليابان مثلًا إلى 3.26 %، وفي أمريكا إلى 2.84 %، وفي الصين إلى 2.19 %، وفي فرنسا إلى 2.2 %، وفي المملكة المتحدة إلى 1.7%. وما يثبت الفارق الشاسع في الاهتمام بالبحث العلمي عربيًّا وعالميًّا، ففي عام 2020 كان هناك في فرنسا على سبيل المثال 2000 مركز ومعهد للبحث العلمي والتطوير، مقابل 600 مركز ومعهد أبحاث في الوطن العربي.
وأكد ان الثروات المتوفرة في العالم العربي ومعها العقول العربية الفتية كافية لإحداث انطلاقة علمية كبيرة في الوطن العربي، تؤسس لمستقبل متميز للأجيال القادمة والحل يكمن في ضرورة الاستثمار الأمثل للموارد البشرية من جانب وللثروات من جانب اخر للإنفاق على البحث العلمي بشكل يتوافق مع أهمية مخرجاته وتوفير بيئات علمية وحواضن جاذبة للباحثين مع اتباع الإستراتيجيات التي تؤدي الى زيادة حجم تمويل البحوث لتحقيق غايات التطور المجتمعي .
وفي سياق اخر عرج عبد العزيز الذي أدار ثمانية مؤتمرات علمية دولية في السنوات الخمس الأخيرة في عدة دول مختلفة على ماهية المؤتمرات العلمية وسبل انجاحها فقال : العالم العربي لا يعرف كيفية الاستفادة من ثقافة المؤتمرات ، مشيراً إلى أن أي عمل في الدنيا عبارة عن مشروع أهم خطواته التخطيط لاسيما المسارات الحرجة في الخطط لتقليل المفاجئات مع الاستعداد المبكر والتحذير من هدر الوقت ، مشيراً إلى أن نجاح المؤتمرات العلمية الدولية مرهون بتطبيق جيد لمراحل ثلاث ( قبل وأثناء وبعد ) المؤتمر وكل مرحلة لا تقل أهمية عن الأخرى
ويجب أن يكون موضوع وهدف المؤتمر واضح ومعاصر Up to Date Subject لضمان المشاركة الفاعلة ، وأن يكون أحد الأهداف الرئيسة رفع مستوى المعرفة و تحقيق الانفتاح العلمي من خلال الاستفادة من جلسات عصف الذهن و ما قد ينتج عنها من أفكار جديدة. كما لابد أن تبرز نتائج المؤتمر المتوقعة مع توضيح المنفعة للمشاركة من الناحية المعلوماتية . ويجب أن تكون فكرة المؤتمر الرئيسة ملفتة ويكون تصميمها جذاب وعلى مستوى عالي من الجودة . مع حسن انتقاء الشخصيات القيادية التي تدير المؤتمر ” إن خير من استأجرت القوي الأمين”.