حلقة مفقودة في تاريخ كليات المعلمين
بقلم/ د. سعيد إسماعيل علي
قادتنى الصدفة البحتة، صيف عام 1951، أن أذهب إلى أحد المعارف ، من عائلة( أبو سيف) بالمرج للتهنئة بتخرجه من كلية المعلمين، تخصص : علوم..حيث كان مكانها هو مبنى كلية التربية النوعية بالعباسية، جامعة عين شمس الآن..
بالصدفة البحتة.. لاحظت، أن شهادة التخرج مكتوب عليها أنها من كلية العلوم بجامعة ( إبراهيم باشا) – عين شمس الآن، فلما سألته عن تفسير ذلك.. عرفت جوهر الموضوع، الذى استكملت جوانبه المجهولة بعد ذلك عندما اهتممت بالتأريخ لإعداد المعلم فى مصر.. فما الحكاية؟
عداء الدكتور طه حسين للتربية وإعداد المعلم شهير، يحتاج حديثا منفردا..
لقد نجح الرجل، بعلاقاته بأولى الأمر السياسى أواخر العشرينيات أن يَصدر قرار بإلغاء مدرسة المعلمين العليا، وجعل إعداد المعلم، بعد التخرج من الجامعة، من خلال معهد عال، وفقا لتقرير خبيرين أجنبيين ، تم الاستعانة بهما من أجل ذلك..وكان وفق نموذج معهد التربية بجامعة لندن، حيث كان أحد الخبيرين إنجليزيا ، وهو المستر” مان “..
لكن رجال وزارة المعارف، لم يرتاحوا لهذا، حيث إيمانهم بنموذج الإعداد التكاملى، أربع سنوات..
وما أن تركت حكومة الوفد كراسى الحكم، عام 1946، وكان طه حسين، مستشارا لوزير المعارف فيها ” أحمد نجيب الهلالى” ، حتى سارع ” محمد كامل النحاس” ، وكيل الوزارة القوى بإعادة الحياة لمدرسة المعلمين العليا، فى العام نفسه، فى مبنى نوعية العباسية الآن..
عندما حان وقت تخرج طلاب المعلمين، تولت وزارة الوفد الحكم عام 1950، لحصوله على الأغلبية فى الانتخابات، وجاءت بطه حسين وزيرا للمعارف( التربية ).
ووفقا لتوجهات الرجل فى معاداة النموذج التكاملى، استطاع أن يضرب عصفورين بحجر واحد ، كما يقولون..
استصدر مرسوما ملكيا بإنشاء جامعة ثالثة ( الأولى: بالقاهرة/ فؤاد، والثانية بالاسكندرية/ فاروق) اسمها جامعة إبراهيم باشا..( عين شمس بعد ذلك)..
ثم رأى أن يجعل من القسم العلمى بالمعلمين نواة كلية العلوم ، والقسم الأدبى نواة كلية الآداب، ليكونا ساقى الجامعة الوليدة..
وما أن ذهبت حكومة الوفد، بعد حريق القاهرة فى يناير 1952، سارع محمد كامل النحاس، رجل المعارف القوى، بإحياء النموذج التكاملى، فى صورة جديدة: كلية المعلمين، التى بدأت بمبنى نوعية العباسية أولا، إلى أن تم تنفيذ مخطط مبانى الكلية بروكسى، بمصر الجديدة الآن..