كتبت-سعاد احمد على:
تشهد باكستان أسوأ موجة فيضانات في هذا القرن، تسببت في غرق ما لا يقل عن ثلث مساحة البلاد، بسبب انهيار ضفاف الأنهار، والفيضانات المفاجئة، واندفاع البحيرات الجليدية، حيث جاءت مشاهد الفيضانات الموجعة التي تعكس مدى حدة الأزمة غير المسبوقة، التي يعانيها غالبية السكان في الدولة الآسيوية الفقيرة، فما الذي جعل الفيضانات في باكستان بكل هذا العنف غير المسبوق؟
يرى العلماء أن عدة عوامل ساهمت في هذا الحدث المتطرف، الذي أدى إلى نزوح نحو 33 مليون شخص، وإزهاق ما يزيد على 1200 نفس، حيث يعتقد البعض أن الكارثة ربما بدأت بموجات حر هائلة في أبريل ومايو الماضيين، إذ وصلت درجات الحرارة إلى أكثر من 40 درجة مئوية لفترات طويلة في العديد من الأماكن، بل تجاوزت درجة الحرارة في مدينة «جاكوب أباد» 51 درجة مئوية، لم تكن هذه موجات حارة عادية، بل كانت الأسوأ في العالم
وقال مالك أمين، الوزير السابق لتغير المناخ: «لدينا أكثر الأماكن سخونة على وجه الأرض في باكستان»، فيما حذر علماء الأرصاد الجوية، في وقت سابق من هذا العام، من أن درجات الحرارة القصوى من المحتمل أن تؤدي إلى مستويات أعلى من المعتاد من الأمطار خلال موسم الرياح الموسمية من يوليو إلى سبتمبر
وقد تسببت الحرارة الشديدة في ذوبان الأنهار الجليدية في المناطق الجبلية الشمالية، مما زاد من كمية المياه المتدفقة إلى الروافد التي تشق طريقها في النهاية إلى نهر «السند»، وفقاً لما أكد آثار حسين، عالم المناخ بجامعة «كومسات» في إسلام أباد.
ويُعد نهر السند هو أكبر نهر في باكستان، ويمتد على طول البلاد من الشمال إلى الجنوب، ويغذي القرى والمدن ومساحات شاسعة من الأراضي الزراعية على طول الطريق، وقد انفجرت العديد من البحيرات الجليدية عبر سدود الجليد، التي عادة ما تكبح جماحها، مما أدى إلى اندفاع كميات هائلة من المياه، جرفت الأخضر واليابس في طريقها وأغرقت مساحات شاسعة من البلاد.
ووفقاً لتقرير نشرته مجلة «نيتشر»، فقد تزامنت موجات الحر مع حدث غير معتاد آخر، وهو منخفض جوي شديد في «بحر العرب»، أدى إلى هطول أمطار غزيرة على المقاطعات الساحلية الباكستانية، في وقت مبكر من شهر يونيو الماضي، ثم تفاقمت هذه الظواهر غير العادية، مع الوصول المبكر للرياح الموسمية، في أواخر نفس الشهر، بحسب أندرو كينج، عالم المناخ في جامعة ملبورن بأستراليا.
نتيجة لكل هذه العوامل، فقد استقبلت باكستان ما يقرب من ضعف متوسط هطول الأمطار السنوي، وجاءت مقاطعتا «السند» و«بلوشستان الجنوبية» من أكثر المناطق المتضررة، حيث استقبلتا ما يزيد على خمسة أضعاف هذا المعدل، وتسببت الفيضانات في تدمير أكثر من 1.2 مليون منزل، و5000 كيلومتر من الطرق، وانهيار نحو 240 جسراً، أما في مقاطعة «السند»، فقد تشكلت بحيرة مستطيلة، يبلغ عرضها عشرات الكيلومترات، من المتوقع أن يستمر تدفق المزيد من المياه إليها على المدى القريب