تُعدُّ سلطنة عُمان من الدول القليلة على مستوى العالم التي راعت الشَّأن البيئي منذ انطلاق نهضتها العمانية ، واهتمَّت بالحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية؛ إيمانًا منها بأنَّها حقٌّ أصيل للأجيال القادمة، كما أنَّها أدركت أنَّ مسئولية حماية البيئة يَجِبُ ألَّا تقع على دولة واحدة أو مجموعة من الدوَل، بل يَجِبُ أنْ تكُونَ مسئولية جماعية، يَجِبُ أنْ يتشارك فيها الجميع، وعلى الإنسان في كافَّة أرجاء المعمورة المشاركة البنَّاءة في صون البيئة والحفاظ عليها، كما يَجِبُ أنْ تتكامل الجهود لتحقيق تلك الأهداف والغايات، وقرنت تلك الرؤية بواقع على الأرض، حيث كانت الأبعاد البيئية محدّدة للجهود التنموية، وراعت المُسبِّبات الكثيرة للتلوُّث، سواء طبيعية وبيولوجية، أو صناعية وكيميائية وفيزيائية، وفي مجال حماية المناخ نادت سلطنة عُمان بضرورة تكاتف الجهود لمواجهة تلك الظاهرة، فآثارها تشمل كُلَّ دوَل العالم، وأيُّ ارتفاع يؤثِّر على حياة البَشَر جميعًا، ولَنْ تقتصر خطورتها على بيئة مُعيَّنة، فمناخ الكرة الأرضية بجميع دوَلها ومناطقها تتأثَّر بهذه الظاهرة الخطيرة.
وانطلاقًا من تلك المرتكزات لَمْ تكتفِ سلطنة عُمان بتطبيق هذا الفِكر فقط، بل حرصت على جذْب الاهتمام الدولي، ودَعَتْ دائمًا في كافَّة المحافل الدولية إلى حماية البيئة على كوكب الأرض وصون موارده الطبيعية، ومنح القضايا البيئية طابعًا إنسانيًّا من خلال تمكين المُجتمعات المحلِّية من أنْ تصبح عوامل نشطة لتحقيق التنمية العادلة المستدامة، والقيام بدَوْرٍ إيجابي في تغيير المواقف تجاه القضايا البيئية، وتعزيز مجالات الشراكة والتعاون بَيْنَ الشُّعوب في هذا المجال، كما أوْلَتْ ظاهرة التغيُّر المناخي التي تمرُّ بها دوَل العالم جُلَّ اهتمامها، عَبْرَ المشاركة الفاعلة لكافَّة الجهات المعنيَّة ذات العلاقة للحدِّ من هذه الظاهرة، واتَّخذت العديد من التدابير والإجراءات للحدِّ من ظاهرة التغيُّر المناخي، حيث تعمل حاليًّا على تحديث لائحة إدارة الشئون المناخية لتواكب المستجدَّات المحلِّية والعالمية، وتهدف اللائحة إلى متابعة أداء الشركات والمنشآت في مجال الشؤون المناخية، سواء في مجال التخفيف أو التكيُّف.
ولتحقيق أكبر قدْر من العناية بالمناخ في سلطنة عُمان، يجري العمل حاليًّا على صياغة قانون للتغيُّرات المناخية بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة لِيَكُونَ أداةً تنظيمية لوضع الأحكام العامَّة المتعلِّقة بقضايا الشؤون المناخية في سلطنة عُمان بكافَّة حدودها وقِطاعاتها التنموية المختلفة. كما تمَّ إعداد الاستراتيجية الوطنية للتخفيف والتكيُّف مع التغيُّرات المناخية، والتي من خلالها يتمُّ وضع إجراءات استراتيجية للتخفيف والتكيُّف مع التغيُّرات المناخية في قِطاعات التنمية الأساسية بسلطنة عُمان، حيث يتمُّ من خلالها إسناد العمل لخطط العمل والمشاريع المتعلقة بالتغيُّرات المناخية في تلك القِطاعات، لِيَكُونَ القانون والاستراتيجية محدّدات تعمل على ردع المخالفين والعمل على استمرار الاهتمام بالمناخ، لِتَكُونَ بذلك قدوة يَجِبُ أنْ يحتذي بها العالم أجمع؛ لأنَّ هذه القضية أضحت تُمثِّل خطورة على الوجود الإنساني.
وتحقيقًا لتلك الأهداف المرجوَّة عملت سلطنة عُمان على إعداد قاعدة بياناتٍ لتتبُّع تحقيق المساهمات المحدّدة وطنيًّا، حيث التزمت بالتحكُّم في نسبة انبعاثاتها المتوقَّعة في عام 2030م عن طريق خفض الانبعاثات المتوقَّعة بنسبة 7%، كما تمَّ إعداد قاعدة بيانات لحصر جميع مشاريع التكيُّف مع التغيُّرات المناخية في سلطنة عُمان، والعمل على إعداد قاعدة بيانات لحصر انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من القِطاعات الأساسية ممَّا يُسهِّل عملية الحصر السَّنوي للانبعاثات، ومن ضِمْن المساعي الفاعلة لجهود سلطنة عُمان فقد شُكِّل وفدٌ فنيٌّ من المختصِّين بتغيُّر المناخ من هيئة الطيران المدني وممثِّلين عن الجهات المختلفة ذات العلاقة وشركات القِطاع الخاص تحت نطاق (اللجنة الوزارية للتغيُّرات المناخية وحماية طبقة الأوزون)، وتعمل على المساهمة في اقتراح وتنفيذ السياسات وخطط العمل الوطنية اللازمة للتخفيف من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والتكيُّف مع التأثيرات السلبية الناتجة عن التغيُّرات المناخية وحماية طبقة الأوزون بما يتوافق مع رؤية عُمان 2040.