كتبت : إيمان عوني مقلد
اتّهمت بكين امس واشنطن بأخذ مجلس الأمن الدولي «رهينة» بشأن مشروع القانون الصيني المثير للجدل حول الأمن القومي في هونج كونج، وطالبت الدول الغربية بعدم التدخل.
وتقود الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وأستراليا الحملة ضد مشروع القانون الذي يعاقب على الأنشطة الانفصالية «الإرهابية» والتمرد على سلطة الدولة والتدخل الأجنبي في المنطقة الصينية التي تتمتع بشبه حكم ذاتي.
وتعتبر هذه الدول أنها طريقة مقنعة لإسكات المعارضة في هونج كونج وتقييد الحريات. الأمر الذي تنفيه الصين بشكل قاطع.
ويأتي مشروع القانون بعد خروج تظاهرات حاشدة في هونج كونج عام 2019 ضد تأثير بكين، اتّسمت بأعمال عنف وعزّزت تياراً مؤيداً للديمقراطية كان مهمّشاً في الماضي. واتّهمت الصين واشنطن بأنها سكبت الزيت على النار عبر دعمها علناً المتظاهرين. واتّهمت المحتجّين المتطرفين بالقيام بأعمال «إرهابية».
وبموجب مبدأ «بلد واحد، نظامان»، تتمتع هونج كونج المستعمرة البريطانية السابقة، باستقلالية واسعة النطاق وحرية تعبير وقضاء مستقلّ، منذ إعادتها إلى الصين عام 1997.
فهل يطرح مشروع القانون حول الأمن القومي الذي حصل على موافقة البرلمان الوطني الصيني، علامة استفهام حول استقلالية هونج كونج؟ نعم بحسب الولايات المتحدة وبريطانيا اللتين حصلتا على تنظيم مناقشة غير رسمية في مجلس الأمن الدولي للمسألة امس في اجتماع مغلق عبر خدمة الفيديو، وفق ما أكدته مصادر دبلوماسية لوكالة فرانس برس.
واتهمت الدولتان في بيان مشترك مع كندا وأستراليا، الخميس بكين بانتهاك التزاماتها تجاه هونج كونج وسكانها البالغ عددهم سبعة ملايين نسمة. وعبّرتا عن «قلقهما العميق» حيال هذا القانون الذي «سيحدّ من حريات الشعب» و«سيُضعف (…) بشكل مأساوي الاستقلالية والنظام اللذين جعلا المنطقة مزدهرة إلى هذا الحدّ».
أعلنت الصين امس أنها احتجت رسميا لدى العواصم الأربع. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصيني تجاو ليجيان في مؤتمر صحفي «نحضّ هذه الدول على وقف تدخلها في شؤون هونج كونج والشؤون الداخلية للصين».
وأدان المقاربة الأمريكية «غير المعقولة تماما» وحذّر أن الصين لن تسمح للولايات المتحدة بـ«أخذ مجلس الأمن رهينة لغاياتها الخاصة».
من الناحية البريطانية، قال وزير الخارجية دومينيك راب إنه في حال لم تتراجع بكين، ستغيّر لندن في الشروط المرتبطة بـ«جواز السفر البريطاني لما وراء البحر» الذي سُلّم لسكان هونج كونج قبل إعادة المنطقة الى الصين عام 1997، ويوفر لهم امتيازات.
لا يسمح هذا الجواز حاليا سوى بالإقامة ستة أشهر في المملكة المتحدة، وقال راب لشبكة بي بي سي إنه سيتم تمكين حاملي الجواز من القدوم للبحث عن عمل أو الدراسة في البلاد «فترات قابلة للتمديد لـ12 شهرا».
وهدد تجاو ليجيان بريطانيا امس باجراءات مضادة. وقال إن الصين «تحتفظ بحق اتخاذ تدابير رد» في حال طبقت لندن ذلك.
بدوره، دعا وزير الخارجية الألماني هايكو ماس للحوار عوض فرض عقوبات على الصين. وقال ماس في لقاء عبر الفيديو مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي إن «التجربة أظهرت أنه من المهم قبل كل شيء التحاور مع الصين».
واستبعد الوزير الألماني فرض عقوبات على بكين مستقبلا، على غرار إلغاء القمة الأوروبية الصينية المبرمجة في 14 سبتمبر، خلال تولي ألمانيا رئاسة الاتحاد الأوروبي.
بالنسبة الى ماس، درجة الاستقلالية العالية لهونج كونج وحريات مواطنيها «لا يجب إفراغها من مضمونها».