بقلم دكتور – هشام فخر الدين :
فى الوقت الذى لا يكاد العالم يطوي الصفحات الأخيرة من مرحلة متميزة مـن تـاريـخـه المـعـاصـر، والتى دامـت لأكـثـر مـن عقود أربع، اتسمت بالتحول إلى نظام اقتصادي رأسمالى يختلف جذرياً عما سبقه، ويفتح صفحات مرحلة جـديـدة تـتـسـم بـأحـاديـة الـقـطـب قائمة على تبنى العولمة وخاصة الاقتصادية بالتوجه الرأسمالى.
حيث حول التقدم التكنـولـوجـي العالم إلى قرية صغيرة، وفي ظل النظام السـابـق ثنائى القطبية استفادت الدول النامـيـة كـثـيـرا مـن الصراع بـبن القطبين سياسياً واقتصادياً، واستطاعت تحقيق الكثيرمن النجاحات على المستوى السياسى والاقتصادى، عبر بعض الدعم من كلا القطبين المتصارعيين، ومن العديد من المؤسسات الدولية الـتـي سـاعـدت على إقامتها الظـروف الـتـي سـادت آنـذاك.
وما يحدث فى العالم اليوم يؤكد كونه قرية صغيرة ، حيث يشهد كارثة عالمية على كافة مستوياته ودوله سواء المتقدمة أو النامية، متمثلة فى وباء عالمى ( كورونا) الذى لا يبقى ولا يذر، وأضحى جانجة لا يستطيع العالم مواجهتها بكل ما له من تقدم تقنى وطبى ومعلوماتى، والأمر الأخطر والذى يعد نتاجاً لهذه الأزمة العالمية هو أن الأمن الغذائى العالمى أضحى مهددا،ً حيث يقيد المصدر عمليات البيع فى حين يشترى المستورد أكثر، بمعنى أن الطلب فاق المعروض.
مما أسفر عن تزايد المخاوف المتعلقة بالأمن الغذائي العالمي، فى ظل خضوع نحو خمس سكان العالم لحالة عزل أو قيود على الحركة والتنقل، وفى ظل تفشى فيروس كورونا الذي أصاب أكثر من نصف مليون شخص في 200 دولة وأودى بحياة أكثر من 20 ألف شخص.
فقد كانت المنازعات منذ فترة ليست بالطويلة، من أكثر أسباب إنعدام الأمن الغذائي شيوعاً. إذ أن تشريد البشر وتعطل كل من الإنتاج الزراعي وتوزيع الأغذية، جعل ملايين البشر فى مواجهة خطر الجوع والمجاعة. وكانت الحروب والصراعات المدنية من الأسباب الرئيسية لمعاناة 15 دولة من بين 44 دولة واجهت طوارئ غذائية إستثنائية خلال عام 2001، والربع الأول من عام 2002.
ومن ناحية أخرى فإن إنعدام الأمن الغذائي قد يؤدي إلى حدوث المنازعات أو تفاقمها، وبخاصة عندما تضاف إليها صدمات وضغوط أخرى. وتفضي العلاقة بين إنعدام الأمن الغذائي والمنازعات إلى آثار سلبية على الأمن الغذائي وبرامج منع حدوث المنازعات على السواء.
إلا أن الأمر اختلف تماماً الآن حيث يشهد العالم أجمع وباء عالمياً ليس له مثيل يحصد الأروح، أسفر عن أزمات حقيقية تهدد الأمن الغذائى العالمى. فقد شهدت كل الدول التي أصابها الوباء القاتل تقريبا تهافتاً على الشراء بدافع الفزع لإحتياجات منزلية أساسية سواء فيما يخص الغذاء أو الأدوية بشكل لم يسبق له نظير.
ويضاف إلى ذلك القلق بعد تحرك بعض الحكومات باتخاذ إجراءات لتقييد تدفق المواد الغذائية الأساسية، لتضمن لشعوبها كفايتهم في وقت أربك فيه الوباء العالمي سلاسل الإمداد.
وبالفعل فقد ارتفعت أسعار الغذاء على المستوى الدولي في الشهر الماضي ارتفاعاً طفيفاً، إلبا أنه الشهر السابع على التوالي الذي ترتفع فيه أسعار المواد الغذائية عالمياً، جراء الزيادة في أسعار القمح والذرة، وبلغ معدل مؤشر “الفاو” للغذاء في شهر فبراير الماضى 175.5 في المائة وهو أعلى معدل منذ عامين.
ويتبنى بعض المحللين الدوليين في مجال المحاصيل الزراعية دعوة عالمية، تنادي بالتغلب على التحديات الراهنة في مجال الأمن الغذائي المستقبلي، عبر إحداث تغيرات جذرية في طبيعة الأهداف الإستراتيجية للقطاع الزراعي لمواجهة المخاطر وما لا تحمد عواقبه.
Dr-hesham Fkhreldeen