كتبت : إيمان عوني مقلد
أقيل أربعة شرطيين في مدينة مينيابوليس الأمريكية يوم الثلاثاء بعد انتشار فيديو يظهر فيه أحدهم راكعا على عنق رجل أسود مكبل اليدين توفي لاحقا اختناقا، ما أثار احتجاجات وتظاهرات. ورفع المتظاهرون الذين كان اغلبهم يضع كمامات التزاما بتدابير مكافحة فيروس كورونا المستجد لافتات كتب عليها «العدالة لجورج فلويد» و«حياة السود تهمّ»، خلال تظاهرة جرت قرب موقع وفاة الأربعيني الأسود أثناء توقيفه. ويُظهر شريط الفيديو الذي صوره أحد المارة فلويد عاري الصدر، مطروحا أرضا فيما ضابط أبيض يضغط بركبته على عنقه لأكثر من خمس دقائق. ويسمع فلويد يتوسل مرددا «ركبتك على عنقي.. لا يمكنني التنفس.. أمي… أمي». ويصمت فلويد شيئا فشيئا ويتوقف عن الحراك، فيما الضباط يواصلون تحدّيه قائلين «انهض واصعد في السيارة» فيما لا يزال أحدهم يثبته أرضا بركبته.
وبعد إقالة الشرطيين الأربعة الضالعين في الحادث، أعرب رئيس بلدية مينيابوليس جاكوب فراي عن استنكاره وسط دعوات إلى محاكمة الأربعة بتهمة القتل.
وقال معلقا على الفيديو: «ما شاهدته خطأ على كل المستويات». وأضاف: «تابعنا على مدى خمس دقائق، فيما شرطي أبيض يضغط بركبته على عنق رجل أسود». وأضاف: «أن يكون المرء أسود في أمريكا ينبغي ألا يكون حكما بالإعدام بحقه». وأعلن المحامي المتخصص في الحقوق المدنية بن كرامب أن عائلة فلويد أوكلت إليه القضية. وقال كرامب في إعلان إن الشرطة أوقفت فلويد بشأن تهمة تزوير، وهي تهمة غالبا ما تستخدم في قضايا شيكات بلا رصيد أو استخدام أوراق مالية مزورة. وتابع: «هذا الاستخدام التعسفي والمسرف واللاإنساني للقوة كان ثمنه حياة رجل أوقفته الشرطة لاستجوابه في شأن ارتباطه بتهمة غير عنيفة». وتذكر وفاة فلويد بمقتل إريك غارنر اختناقا عام 2014 بعدما أوقفته الشرطة لبيعه سجائر بشكل غير قانوني. وأدى مقتله في ذلك الحين إلى قيام حركة «بلاك لايفز ماتر» أو «حياة السود تهمّ». وأعلن رئيس شرطة مينيابوليس ميداريا أرادوندو أنه أحال القضية إلى مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) الذي قد يصنفها قضية فدرالية تتعلق بانتهاك الحقوق.. غير أن الدعوات تتصاعد من أجل توقيف الشرطيين بتهمة القتل.
وكتب المحامي المتخصص في الحقوق المدنية في مينيابوليس نيكيما ليفي أرمسترونغ على تويتر: «هذا مجرّد شر»، وتابع: «ينبغي توجيه تهمة القتل إلى الشرطيين أنفسهم وإدانتهم».
ونشرت بيرنيس كينغ ابنة زعيم النضال من أجل الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ على تويتر صورة مركبة تظهر فيها صورة الشرطي راكعا على عنق فلويد وبجانبها صورة لاعب فريق سان فرانسيسكو فوتي ناينرز كولين كابرنيك راكعا على ركبته أثناء النشيد الوطني الأمريكي احتجاجا على عنف الشرطة والظلم الاجتماعي.
وكتبت: «إن كانت الركبة الأولى لا تزعجك أو قلّما تزعجك، فإن الثانية تثير استنكارك، فهذا يعني أنك بحسب تعبير والدي «أكثر حرصا على النظام منك على العدالة»».
ووقع الحادث في وقت انتشر فيه فيديو تظهر فيه امرأة بيضاء تستدعي الشرطة ضد رجل أسود يراقب الطيور في منتزه سنترال بارك في نيويورك. وطردت المرأة لاحقا من عملها بعدما أثار سلوكها تنديدا واتهامات بالعنصرية. كما يأتي عقب حادثين قتل فيهما أسودان بأيدي الشرطة. ففي 13 مارس، اقتحم ثلاثة شرطيين منزل امرأة سوداء تدعى بريونا تايلور في مدينة لويسفيل في ولاية كنتاكي وأطلقوا النار عليها في سياق تحقيق في قضية مخدرات. وفي برونسويك بولاية جورجيا، اتهمت الشرطة والنيابة العامة بالتغطية على قتل الشاب الأسود أحمد أربيري فيما كان يمارس رياضة الجري حين أطلق عليه النار مفتّش متقاعد كان يعمل لحساب النيابة العامة المحلية. ويعتقد أن الشرطة احتجزت مدة شهرين فيديو يوثق الجريمة، يظهر فيه أحمد أربيري (25 عاما) يحاول الالتفاف على بيك آب متوقفة في طريقه، غير أن رجلا يعترضه فيما تسمع ثلاث طلقات نارية. ويتولى كرامب تمثيل عائلتي أربيري وتايلور. وأعلن الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية أن قضية مينيابوليس تظهر أن الشرطة لا تزال تسيء معاملة السود المتهمين بقضايا غير خطرة.
وقال خبير مسائل الشرطة في رابطة الحقوق المدنية بايج فرنانديز «هذا الفيديو المأسوي يظهر كم إن التغيير الذي حصل لمنع الشرطة من قتل السود يبقى ضئيلا».
وتابع: «حتى في أماكن مثل مينيابوليس، حيث القبض على العنق محظور عمليا، تستهدف الشرطة السود لجرائم غير خطرة ويتعرض هؤلاء لعنف غير منطقي وغير ضروري».