أصدرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، دراسة جديدة بعنوان “دور الجامعة العربية في درء النزاعات المسلحة وإرساء السلام.. سوريا نموذجاً” والتي تناولت في محورها الأول الدور التي تلعبه جامعة الدول العربية في حل النزاعات العربية – العربية، وفي المحور الثاني سلطت الدراسة الضوء على تداعيات النزاعات المسلحة عربيا على حقوق الإنسان، سواء فيما يتعلق بالقتل العشوائي، والنزوح الداخلي وكذلك ممارسات التعذيب.
وفي المحور الثالث أخذت الدراسة سوريا كنموذج حالة لانخراط الجامعة العربية في حل النزاعات، ورأت الدراسة أن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية قد تضفي مزيد من الاستقرار في المنطقة العربية، وقد تؤد إلى اتفاق شامل بوقف إطلاق النار يجنب المدنيين رحى الحرب، ويخفض من انتهاكات حقوق الإنسان الذين يتعرضون لها في أوقات النزاع والفوضى، ويمكن أن تسهم عودة سوريًا إلى جامعة الدول العربية من خلال إعادة عائلة المقاتلين وأطفالهم إلى دولهم، وإمكانية التوصل لوقف إطلاق نار شامل في كامل الأراضي السورية، بالإضافة الي تقليص نشاط الجماعات الإرهابية، وكذلك المشاركة في مشاريع إعادة الإعمار، والعمل على إنهاء سياسة التتريك والتغير الديمغرافي في الشمال السوري.
وخلال المحور الرابع ناقشت الدراسة التحديات التي تواجه الجامعة العربية في درء النزاعات، والتي من بينها جمود ميثاق الجامعة العربية والحاجة إلى تعديله، وعدم تواجد قوة عربية مشتركة، بالإضافة إلى نقص الموارد المالية، وتضاءل تفاعل الجامعة مع منظمات المجتمع المدني.
وفي الأخير تقدمت الدراسة بمجموعة من التوصيات من بينها، عقد دورة غير عادية في أقرب وقت ممكن بموجب المادة الخامسة من النظام الداخلي لمجلس جامعة الدول العربية يٌعلن فيها عودة سوريًا إلى جامعة الدول العربية بما يساهم في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة العربية؛ واعتماد الجامعة العربية لمشروعات لمكافحة الفقر، وتنفيذ بعض المشروعات التي لا تتأثر بالظروف السياسية، مثل مشروعات الربط الكهربي ومشاريع الطاقة وغيرها من المشاريع على نحو يعزز من تنفيذ أجندة التنمية المستدامة2030؛ وكذلك اتباع نهج تشاركي بين المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للجامعة وبين منظمات المجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية للدول الأعضاء فيما يخص تطوير آليات عمل الجامعة ومقترحات إصلاحها.
وفي هذا السياق قال الحقوقي الدولي ورئيس مؤسسة ماعت أيمن عقيل؛ أن غياب سوريا عن جامعة الدول العربية منذ تعليق عضويتها في 12 نوفمبر 2011، وفرض عقوبات سياسية واقتصادية عليها، قد أثر حتى ولو بشكل طفيف على أي مسار من شأنه حل النزاع السوري، أو حتى وضع حد لاستمرار للقتال، وأضاف عقيل أن استبعاد سوريا من الجامعة قلص الفرص نحو أي حوار مباشر بين الدول الأعضاء وسوريا في ظل استفحال التدخلات الإقليمية والدولية بعد نشوب النزاع وتسليح المعارضة، والتي نجم عنها حالة من الفوضى واستدامة للاقتتال الداخلي بين الجيش السوري والفصائل المسلحة المدعومة من أطراف خارجية، وغياب الاستقرار وفرض عقبات لا حصر لها في طريق الوصول إلى حل سياسي توافقي يضع حدًا لحالة الصراع.
وأوضح عقيل أن عودة سوريا مرة أخري إلي جامعة الدول العربية قد تساهم في تقليص هذه الفجوة، وتدفع نحو حوار حقيقي بين الحكومة السورية والدول الأعضاء الفاعلة في الجامعة العربية، بما يٌحقق الاستقرار ويساهم في إرساء السلام في الأراضي السورية، ما قد يخفض من الانتهاكات التي يتعرض لها المدنيين ويجعل جميع الأطراف ملتزمون باحترام القانون الدولي لحقوق الإنسان، وعليه يجب على الأمين العام أو حتى أي من الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية الدعوة لعقد قمة غير عادية بموجب المادة الخامسة من النظام الداخلي لمجلس جامعة الدول العربية لمناقشة عودة سوريًا إلي جامعة الدول العربية، لا سيما إن قمة الجزائر لن تعقد إلا في مطلع نوفمبر 2022.