بقلم / حمدي زكي المستشار السياحي في إسبانيا
بينما كانت أوروبا تغرق في تخلف وظلام كانت مصر منذ آلاف السنين رائدة في العمارة والطب، والصيدلة، والهندسة ويشهد علي ذلك معابد الكرنك، وأبو سمبل والأهرامات، وكذا نقش المصباح الكهربائى بمعبد دندرة، والزودياك المعروض حاليا باللوفر بباريس وترك لنا الفرنسيون نسخة مقلدة منه وسرقوا الأصل .
وينفرد معبد كوم امبو بأقدم نقش عن أيام السنة ونقش آخر يبين معرفة المصري القديم للأدوات الطبية ، وفي معبد ادفو، وفيلة تجد بقايا مكتبة ونقش العازفات الثلاث بمقبرة نخت والصيد بمقبرة مينا ونقش جمع العنب وتصنيع النبيذ بنخت ، حيث العمال يهرسون العنب بالأقدام لعصره تماما كما يحدث اليوم في بوردو بجنوب فرنسا أو لاريوخا بالشمال الإسبانى ،
وترى أوانى النبيذ وقد كتب عليها نبيذ غامق وأخري نبيذ فاتح وعملية فتح الفم والتربنة وعمليات بالمخ مقبرة توت عنخ آمون ، وموبيليا توت عنخ امون، ومجوهراته التى تعد في يومنا هذا الملهم لفنانى الموبيليا والمجوهرات والحلي في القرن الحادي والعشرين .
و أول حمام في التاريخ وجد في مصر وأول مدينة وأول عملية تحنيط وأول بناء حجري واول هرم واول عملية مياه بيضاء للعيون وأول عملية زرع أسنان وأول كوبري اسنان وأقدم روشتات طبية وأقدم تشخيص للأمراض وعلاجها وأقدم عملية تركيب أطراف صناعية لأصابع اليد والقدم .
وتوجد نقوش تعرض ممارسة المصري القديم لرياضة شد الحبل والملاكمة ، والكاراتيه والمصارعة الحرة والجمباز وعملية جراحية لحيوان وآخرون يلعبون شطرنج نقوش مقبرة ميراروكا سقارة ، ونفرتاري وادى الملكات .
وكذلك عملية مولد شاه نقش بتاح حوتب سقارة وعشرات أخري بدأت في مصر بينما كانت أوروبا تغرق في الظلام .
بل وعرفت مصر الملابس من الكتان وعالم الموضة اليوم يقف فاغرا فاه أمام الأزياء الفرعونية التى تبدو آخر صيحة اليوم بل ويقتبسها مصممو ازياء اليوم ناهيك عن العطور والمكياج .
انظر إلى الحناء والريمين الدهاء ذا اللون الأخضر حول عيون الأمراء والفراعنة والكحل بمقبرة توت عنخ امون .
كما أن فن الكوافير وتصفيف الشعر تشهد عليه نقوش شعر ايزيس وضفيرة شعر سيتى ورمسيس بابيدوس بل ونقش لرمسيس ومصارعة الثيران بمعبد والده سيتى بابيدوس ونموذج لطائرة بالمتحف المصري وغيرها وغيرها من الأمثلة التى تتطلب ساعات بل أياما وكتبا لسرد بعضها.
(السياحة)
وأما عن السياحة فقد عرفت مصر تنظيم زيارات لليونانيين جاءوا للتعليم بجامعة الإسكندرية وآخرون جاءوا لمشاهدة وسماع سيمفونية تمثالي ممنون بالصوت الطبيعى الذى كان يحدثه سقوط قطرات الندى كل فجر في ثقب كان قد عانى منه تمثالا ممنون بغرب طيبة ،ثم سكت عن الغناء بعد أن أمر الإمبراطور هادربان امبراطور روما عام ١٣٠ بترميمه وهو من مواليد مدينة ايطاليكا بإشبيلية بإسبانيا ، فضلا عن رحلات سنوحى المصري لدول عدة
(الأدب)
برع المصري القديم في فن الأدب ويشهد علي ذلك عدة موروثات أدبية ومنها ملحمة الفلاح الفصيح وكذا متون أخناتون ونصوص ونصائح بتاح حوتب لابنه التى اقتبسها فلاسفة اليونان.
(الفلك)
احتل علم الفلك أهمية قصوى لدى قدماء المصريين والذى ارتبط به بناء الأهرامات والمعابد والزراعة وكافة نواحى الحياة التى اعتمدت علي الفلك .
كما أن علماء اليوم يقفون حائرين أمام التقدم العلمى المذهل، للقدماء المصريين وخاصة في علم الفلك ، و يكفي أن نتأمل ظاهرة تعامد الشمس علي وجه تمثال رمسيس بمعبده بأبي سمبل في ذكرى ميلاده في ٢٢ فبراير ويوم تتويجه علي عرش مصر في ٢٢ أكتوبر من كل عام وكذلك بعد مرور أكثر من ثلاثة آلاف عام حين اجتمع بمصر مهندسو وعلماء اليونسكو ل ٥٤ دولة في ستينيات القرن الماضي ونجحوا آنذاك في إنقاذ معابد النوبة ومنها معبدى ابوسمبل غير أنهم فشلوا في الاحتفاظ بموعد تعامد الشمس حيث أخطأوا في ٢٤ ساعة وصارت الشمس تتعامد علي وجه تمثال رمسيس ٢١ فبراير و٢١ أكتوبر أي بفارق يوم بينما المصري القديم لم يخطئ موعده ولا بساعة واحدة رغم ما لعلماء القرن العشرين من معدات حديثة وتكنولوجيا متقدمة .
الجيش
ومصر أول من عرف الجيش النظامى ومن بين عشرات الوثائق التى توثق لجيش مصر منذ العصر الفرعونى تلك التماثيل الصغيرة للجيش المصري المعروضة بالدور العلوي بالمتحف المصرى بميدان التحرير وقد حمى الجيش مصر بل والبشرية جمعاء من الغزاة ومنهم الهكسوس حيث دحرهم كامس وابنه احمس، و الحيثيون وسجل رمسيس بمعبده بابي سمبل انتصاره عليهم وباعتبار المصريين شعب سلام ولم يعتد علي جيرانه فإن رمسيس قبل استغاثة ملك الحيثيين ووقع معه أول معاهدة سلام في التاريخ، وتوجد اليوم نسختان أحدهما في اسطنبول ،والأخري في مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة .
وتجدر الإشارة إلى أن ان جيش مصر علي مدى آلاف السنين وحتى اليوم حمى حدود مصر، وعمل علي استقرار الأمن بها ، ولاشك أن الإستقرار الذى تنعم به مصر اليوم يعد وراء عودة تدفق السياحة الى مصر من جديد .حمى الله مصر وجيشها.
موسيقي توت عنخ آمون والإذاعة المصرية.
من بين آلاف الأدوات الموسيقية التى وجدت في مصر : الهارب والناي والمزمار ، ومن المدهش أنه وبعد إزاحة تراب الزمان عن مقنيات توت عنخ آمون الموسيقية، وجدوا أن الأوتار لم تتلفها آلاف السنين ، وبعمل تجارب علي الكلارينيت ( آلة نفخ تشبه المزمار) عام ١٩٣٠ وجدوا أنها مازالت تصدح فقرروا افتتاح الإذاعة المصرية عام ١٩٣٤ بصوت كلارينيت توت عنخ آمون عقب تلاوة للشيخ محمد رفعت أسطورة مقرئى القرآن الكريم .
كاتب المقال
حمدى زكى
كاتب وصحفي عضو اتحاد الكتاب والصحفيين الاسبان، والمستشار السياحى سابقا ل ج.م.ع بالولايات المتحدة ،وامريكا اللاتينية، واسبانيا والبرتغال.