عبدالله مصطفى
صحفي مقيم في بروكسل عاصمة الاتحاد الاوروبي
حتى الان ..ورغم مرور ست سنوات على العمل الارهابي الذي ضرب العاصمة البلجيكية بروكسل ، لم تبدأ محاكمات المشتبة في تورطهم في هذا الهجوم والذي تسبب في مقتل العشرات واصابة المئات من المدنيين الابرياء .. وحتى الان ورغم كل هذه السنوات لاتزال غالبية عائلات الضحايا لم تحصل على التعويضات التي سبق ان اعلنت عنها السلطات .. وهذا وفق ما نشرت وسائل الاعلام المحلية في بروكسل
وخلال قراءتي للخبر هذا تذكرت على الفور ماحدث في هذا اليوم .. صباح يوم الثاني والعشرين من مارس 2016 ، وكنت قد استقليت سيارتي وفي الطريق من مدينة انتويرب شمال بلجيكا حيث اسكن، الى بروكسل حيث مكان العمل ، تلقيت اتصالا هاتفيا من احد الزملاء في العمل الاعلامي ، يخبرني بنبا حدوث تفجير ارهابي في مطار العاصمة البلجيكية ، واخبرت الزميل بانني في طريقي الى بروكسل وسأكون جاهزا بعد الوصول وخلال نصف ساعة ، للمشاركة في التغطية الخاصة حول الهجوم الارهابي
وقبل دقائق من الوصول كان التفجير الثاني قد وقع في محطة للقطارات الداخلية ، وهي محطة ” مالبيك” القريبة من مقار مؤسسات الاتحاد الاوروبي ، حيث مكان العمل
وعندما وصلت وجدت رجال الانقاذ وسيارات الاسعاف والمطافئ قد وصلت ، وفرضت طوقا أمنيا لنقل المصابين والضحايا من مكان التفجيرات وسمحت لنا كصحفيين بالتواجد في مكان قريب يسمح بالتصوير .
وعلى اثر التفجيرات ، سادت حالة من الهلع والفزع في بلجيكا تخوفا من وقوع انفجارات جديدة و اصبحت الشوارع خالية من المارة وجرى تعطيل حركة النقل وفرضت السلطات حالة الطوارئ وتحولت بروكسل المعروفة بالتنوع والتعدد الثقافي لسكانها الى مدينة اشباح حيث اغلقت المؤسسات والمقاهي والمطاعم واصبحت محطات القطارات والمترو اماكن مهجورة واغلقت المدارس والجامعات والمحلات التجارية ..ورصد الصحافيون هذا المشهد الذي لن ينساه احد ..
وبعد مرور اربع سنوات وفي نفس الشهر مارس 2020 ، يعيد التاريخ نفسه ، واتجول في شوارع بروكسل لاعداد تقرير حول المشهد في العاصمة البلجيكية وحالة الفزع بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد ” كوفيد 19 ، في هذا البلد الصغير من حيث المساحة وعدد السكان ، ولكن اكتسب اهمية كبيرة لوجود مؤسسات اقليمية ودولية غاية في الاهمية ، مثل مقار مؤسسات الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الاطلسي ” الناتو ” وغيرها ، وكلها اغلقت ابوابها ، وتعطلت الاجتماعات ، واقتصرت فقط على اجتماعات عبر دوائر الفيديو ورصدت حركة الخوف والقلق لدى عدد قليل من الناس ، خرجوا من بيوتهم لشراء حاجات ضرورية وهنا تذكرت المشهد الذي كانت عليه بروكسل قبل سنوات جراء العمل الارهابي الذي اودى بحياة 32 شخصا واصابة 300 اخرين
واليوم يأتي مارس 2022 لتعود الحياة الى طبيعتها بعد الغاء الاجراءات التي كانت السلطات فرضتها لمواجهة تفشي وباء كورونا طوال العامين الماضيين ولكن مازال الجميع في انتظار بداية الجلسات لمحاكمة المتورطين في العمل الارهابي الذي وقع قبل ست سنوات وقتل فيه ثلاثة من منفذي العملية ولايزال المتهم الرابع على قيد الحياة بعد ان تراجع عن تفجير نفسه في اللحظة الاخيرة وجرى اعتقال اعداد من الاشخاص الذين يشتبه في تورطهم بالمشاركة معه في التحضير لتنفيذ هذا الهجوم وخضعوا للتحقيق معهم طوال الفترة الماضية في انتظار الاعلان عن بداية جلسات المحاكمة التي تعطلت لعدة اسباب منها تفشي وباء كورونا والجدل الذي سبق ذلك حول اختيار مكان المحاكمة وتأمين اجراءات المحاكمة .