كتب: عبد الرحمن هاشم
كتاب “دقيقة فقهية” يُعَدُّ جهدًا بارزًا من جهود دار الإفتاء المصرية وعلمائها الأفاضل، وهو يأتي في سياق تجديد الخطاب الديني ونشر الوعي بالأحكام الشرعية والمعارف الدينية النابعة من منهج الأزهر الشريف الوسطي المستني.
فهو إلى اختصاص موضوعه بالفتاوى الشرعية المختصرة المدللة بالأدلة الشرعية والتي تشغل الأذهان في هذا العصر، قد راعى مؤلفه الشيخ الدكتور مجدي عاشور المستشار الأكاديمي لمفتي الديار المصرية، تضمينه منهج دار الإفتاء الرصين في معالجة الوقائع والمستجدات، وبيان مقرراتها الإفتائية واختياراتها الفقهية التي تراعي التيسير والأرفق بأحوال الناس والمناسب لمقتضيات العصر والأوفق لمقاصد الشرع الحنيف، مع ما حواه من تصحيح لعدد من المفاهيم المغلوطة التي رسختها الفتاوى المتطرفة والشاذة عبر عقود خلت.
وتطرق الكتاب في جزئه الأول، نشر دار الإفتاء المصرية، إلى العديد من المسائل العبادية التي تهم المسلمين في كل زمان ومكان، وسيلحقه إن شاء الله تعالى أجزاء تتناول المعاملات المالية والبنكية المعاصرة، والأحوال الشخصية من زواج وطلاق وخلع وميراث، وفقه الدولة والذود عنها، وقضايا الانترنت والسوشيال ميديا… بحيث يعد مرجعًا وافيًا أو موسوعة مصغرة يستفيد منها العامة وينتفع بها الخاصة، بصورة وسطية، لا تذهب بهم مذهب الشدة أو تأخذ بهم إلى مزالق أهل التفريط.
وحرص الشيخ الدكتور مجدي عاشور على أن يكون العرض سهل التناول، سهل المعالجة، سهل الخلاصة.
والكتاب هو النسخة المرقومة الموثقة من البرنامج المسموع والمرئي “دقيقة فقهية” الذي أعده وقدمه –ولا يزال- فضيلة الشيخ عاشور عبر أثير إذاعة القرآن الكريم وعبر التليفزيون المصري مصورًا من مسجد السلطان حسن بالقاهرة.
ونشره يساعد –بلا شك- في تغذية الوعي بالمعلومات الدينية الصحيحة، وترسيخ القيم الفاضلة في النفوس، وتوضيح أحكام المستجدات والنوازل في واقع الناس، فضلا عن توجيههم نحو البناء والتعمير والمشاركة في التنمية والحضارة.
وقد جعل الخلاصة في نهاية كل فتوى، حتى إذا أراد المتعجل للإجابة أو غير المتخصص أن يقف على الجواب مباشرة وجد بُغيتَه ومُرادَه فيها.
ويهدف الكتاب إلى ترسيخ مرجعية المؤسسات الدينية، وتوحيد الفتوى، وتصحيح المفاهيم الشرعية المغلوطة، ومعالجة مشكلة فوضى الفتاوى؛ طبقًا لمنهج دار الإفتاء المصرية في الفتوى ومقرراتها الإفتائية في المسائل والقضايا المتنوعة.
ويرتكز هذا المنهج على ما قرره مفتو الديار المصرية عبر 120 عامًا من اعتماد المذاهب الأربعة –الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة- مع الاعتراف بمذاهب المجتهدين والاستئناس بها، بل وترجيحها أحيانا لحاجة الناس، أو لتحقيق مقاصد الشرع.
كما يراعي المؤلف في المسائل المختلف فيها بين الفقهاء الأقوال والمذاهب التي تكون أرفق بأحوال الناس وأوفق لأعرافهم وعاداتهم بحيث يرفع مادة النزاع والخصام بينهم غالبا؛ وذلك فيما يسمى : “الاختيار الفقهي”.
ويراعي أيضًا في التعامل مع المسائل التي لم يتفق حولها العلماء القواعد التالية:
– لا يُنكر المختلف فيه، وإنما يُنكر المتفق عليه.
– مَن ابتلي بشيء من المختلف فيه فله أن يُقلد من أجاز.
– الخروج من الخلاف مستحب.
– إذا دار الأمر بين الأيسر والأشد أخذنا بالأيسر.
– الإسلام أوسع من المسلمين.
فهنيئًا لمؤلِّفه الشيخ الدكتور مجدي عاشور هذا العلم النافع وهنيئا لدار الإفتاء هذا العمل المبرور وهنيئا لشيخها الأستاذ الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية الذي تفضل بالتقديم لهذا الكتاب والذي وجَّه بإصداره ونشره، وهنيئا لكل من يطالعه أو يسمعه أو يشاهده.
جميع الحقوق محفوظة | جريدة صوت الشعب الإلكترونية 2020