مسقط – خاص :
في أجواء إحتفالات سلطنة عُمان بالعيد الوطني الحادي والخمسين للنهضة، تأتي الزيارة التي يقوم بها غداً الاثنين السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان إلى دولة قطر في ثاني جولة خارجية له بعد زيارته للسعودية في يونيو الماضي.
تأتي هذا الزيارة تعزيزا للعلاقات الوطيدة المتميزة بين سلطنة عمان ودولة قطر وتوثيقا للروابط الثنائية بين البلدين، وتأكيدا على حرص قيادتيهما على الإرتقاء بها لآفاق أكثر رحابة في مختلف المستويات، وتلبية للدعوة الكريمة الموجهة إلى السلطان هيثم بن طارق من أخيه الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر.
من المقرر أن تتناول الزيارة بحث أوجه التعاون المختلفة بين البلدين الشقيقين، والفرص الممكنة لتعزيزها، وعددا من القضايا ذات الإهتمام المشترك تحقيقا للغايات المرتجاة للبلدين وتطلعاتهما،
ووصولا لنتائج مثمرة تخدم مصالحهما المشتركة، وتكفل لأبنائهما مزيدا من النماء، والرّخاء، والإستقرار في الحاضر والمستقبل.
كما تأتي زيارة سلطان عُمان هيثم بن طارق لدولة قطر، تأكيدا على مبادئ عُمان في علاقاتها الخارجية مع جميع دول العالم بشكل عام ومع الدول العربية بشكل خاص والدول الخليجية بشكل أخص.
ولا شك أن العلاقات بين سلطنة عمان ودولة قطر ليست وليدة الأمس إنما لها جذورها التاريخية.
ومثل هذه الزيارة من شأنها أن تعزز التقارب بين البلدين الشقيقين وتفتح الكثير من آفاق التقارب في مختلف المجالات وخاصة المجالات الإقتصادية والإستثمارية.
والسلطنة بحكم موقعها الجيوسياسي وبحكم الاستقرار السياسي والأمني قادرة على أن تكون الموقع الإستثماري الأهم في المنطقة خاصة وأنها تعمل على تعزيز هذا الأمر عبر تسهيل الإستثمار وتحديث منظومة القوانين والتشريعات.
والواقع أن عُمان منذ القدم قامت سياستها الخارجية على فكرة إقامة علاقات قوية ومتينة بينها وبين جميع الأمم والشعوب والحضارات القائمة في العالم، سواء كانت تلك الأمم والشعوب والحضارات قريبة في إطار الإقليم أم بعيدة وراء البحار،
وساعدت تلك العلاقات بين عُمان والعالم على بناء منظومة تبادل حضاري وتأثير وتأثر أفادت منه عُمان واستفادت في نماء المنطقة وإزدهارها وفي الإضافة إلى الحضارة الإنسانية من الخبرات والإبداعات التي تراكمت على أرض عُمان عبر تعاقب الحقب الزمنية.
وعبر تلك العلاقات نشرت عُمان رسالة المحبة والسلام والوئام بين دول العالم.
وظلت رسالة عُمان هذه أحد المبادئ التي يجب على كل عماني أن يشارك في إرسائها.
أو كما قال السلطان هيثم بن طارق: «تتناوب الأجيال، على إعلاء رايتها، وتحرص على أن تظل رسالة عمان للسلام تجوب العالم، حاملة إرثا عظيما، وغايات سامية، تبني ولا تهدم، وتقرب ولا تباعد، وهذا ما سنحرص على استمراره، معكم وبكم، لنؤدي جميعا بكل عزم وإصرار دورنا الحضاري وأمانتنا التاريخية».
وفي العصر الحديث حافظت عمان على ترسيخ فكرة تلك العلاقات القائمة على نشر المحبة والسلام والوئام والتقريب بين الدول على مبدأ الحضارة الإنسانية ومبدأ العلاقات الاجتماعية والمصالح المشتركة التي فرضتها حركة تطور الدول.
وينظر المراقبون إلى هذه الزيارة باعتبارها تأتي في ظروف إستثنائية تمر بها المنطقة والعالم بعد بدء تعافي المنطقة الخليجية من آثار جائحة كورونا
وبدء حركة الإستثمار ولكن برؤية مختلفة عما كان عليه الوضع قبل الجائحة، وهذا يستدعي تعاونا اقتصاديا بفكر مختلف وبمعطيات جديدة.
وثمة آفاق مستقبلية واعدة للعلاقات الإستراتيجية العُمانية الخليجية، فمنذ انطلاق مسيرة البناء في سلطنة عُمان في مطلع السبعينيات من القرن الماضي، أولت عُمان إهتماما خاصا لدعم وتوسيع نطاق التعاون المشترك مع الدول الخليجية، حتى قبل إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية عام 1981م، وعملت بشكل دائم ومتواصل على تقوية الترابط الخليجي وتعزيز فرص السلام والإستقرار في المنطقة، مما جعل عُمان عمود أساسي في مسيرة العمل الخليجي المشترك.
ومنذ تولى السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان مسئولية الحكم في 11 يناير 2020، حرص على التأكيد على ثبات السياسة الخارجية العُمانية التي أرسى دعائمها المغفور له السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه، والقائمة على التعايش السلمي بين الأمم والشعوب وحسن الجوار وعدم التدخل في الشئون الداخلية للغير وإحترام سيادة الدول وعلى التعاون الدولي في مختلف المجالات، وحل الخلافات بالطرق السلمية بروح من الوفاق والتفاهم.