مسقط – خاص :
أكدت تقارير اقتصادية عُمانية أن السياسات والتدابير المالية والاقتصادية التي تنفذها سلطنة عمان منذ مطلع العام بدأت تؤتي ثمارها في تحسين الأداء المالي وتعزيز تعافي الإقتصاد، ومن المتوقع نمو الإقتصاد بنحو 5.8% في عام 2022
وسيستمر بتسجيل معدلات نمو خلال سنوات الخطة الخمسية العاشرة مع عودة تدريجية أيضا للمستويات الطبيعية للإستثمار والطلب الإجمالي.
تزامن صدور هذه التقارير مع الاستعدادات العُمانية للإحتفال العيد الوطني الواحد والخمسين للنهضة الذي يوافق 18 نوفمبر الجاري،
ويُتوج إحتفال هذا العام مرور 51 عاماً على مسيرة النهضة الحديثة، وانطلاق عام آخر من النهضة العُمانية المتجددة التي أسسها السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان منذ توليه مسئولية الحكم في 11 يناير 2020م.
وتكتسب الإحتفالات العُمانية هذا العام طابعاً خاصاً، حيث إنطلاق الرؤية المستقبلية “عُمان 2040” مطلع عام 2021 ولمدة 20 عاماً، لتُصبح السلطنة في مصاف الدول العالمية المتقدمة بحلول عام 2040.
وتشير التقديرات المبدئية إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية بنحو 10.1% خلال النصف الأول من العام الحالي، مقارنة مع الفترة نفسها من عام 2020م، مدعوماً بنمو القطاع النفطي بنحو 8.7%، ونمو الأنشطة غير النفطية بنحو 11.1% خلال الفترة نفسها.
ومن المتوقع أن ترتفع نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي للعام 2021م ككل عن هذا المعدل نتيجة استمرار ارتفاع أسعار النفط بشكل ملحوظ في الأشهر القليلة الماضية عن مستوياتها خلال بداية العام، فبينما انكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 2.8% في عام 2020م، من المتوقع أن تحقق معدلات نمو إيجابية بنحو 1.6% و5.8% في عامي 2021م و2022م، على التوالي.
ولا شك ان إرتفاع أسعار النفط أدى إلى تحسن كبير في الميزانية العامة للدولة، وكان له تأثير إيجابي ومباشر على النمو في الإقتصاد الوطني سواء على القيمة المضافة لقطاع الأنشطة النفطية، أو الأنشطة غير النفطية من خلال زيادة الطلب الكلي على الأنشطة الإقتصادية الأخرى.
وذكرت التقارير أن إيجاد فرص عمل للمواطنين هو إحدى أولويات الحكومة العُمانية بتوجيهات السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان،
كما تأخذ رؤية عمان وبرامج الخطة العاشرة بالاعتبار المستجدات في أسواق العمل، ومن المستهدف الوصول للتحول الرقمي لكل الخدمات الحكومية ولإعداد الكوادر المؤهلة وتطوير التشريعات بما يتماشى مع الوضع الجديد.
حيث تم مؤخراً توظيف عدد من الباحثين عن عمل في مختلف المؤسسات الحكومية. وبلغ معدل الباحثين عن عمل في السلطنة في نهاية شهر سبتمبر عام 2021م نحو 2.4% مقارنة مع 2.9% خلال الفترة نفسها من العام السابق.
وفي هذا المجال لا بد من التركيز على أهمية دور القطاع الخاص في استقطاب الأعداد المتزايدة من الخريجين والباحثين عن فرص عمل، الأمر الذي يستوجب تعزيز دور القطاع الخاص في العملية التنموية وفي توفير فرص العمل في القطاعات الإنتاجية والخدمية المتنوعة.
وبناء على ذلك، نؤكد على أن النمو الإقتصادي هو الوسيلة الطبيعية والمثلى لخلق فرص عمل جديدة ، وإن نمو الإقتصاد، وخاصة القيمة المضافة للقطاعات غير النفطية، هو السبيل الوحيد على المدى البعيد لتلبية الطلب على الوظائف من خلال عرض فرص عمل مجدية من قبل القطاعات الإقتصادية،
خاصة تلك التي حددتها رؤية عمان 2040 والتي تشمل الصناعة التحويلية، والتعدين، وقطاع الخدمات اللوجستية والقطاع السياحي، وقطاع الثروة الزراعية والسمكية، وقطاع تقنية المعلومات والإتصالات، وقطاع الخدمات الصحية والتعليم وغيرها.
وأشارت التقارير إلى أن الشراكة مع القطاع الخاص خيار إستراتيجي وستواصل الدولة جهودها لدعم القطاع من خلال سياسة الخصخصة وبيع الأصول الإنتاجية للقطاع الخاص بشكل تدريجي، وكذلك تطوير التشريعات المنظمة لبيئة الاعمال والإستثمار ومراجعة وتحديث الاطار القانوني والتنظيمي لأنشطة القطاع الخاص،
حيث قامت وزارة الإقتصاد الوطني بإعداد دراسة شاملة مؤخرا لتقييم الحزم الإقتصادي التحفيزية التي يقدر حجمها بنحو 4.1 مليار ريال عماني.
وأكدت التقارير أن السلطنة عمدت إلى اتخاذ كافة التدابير اللازمة للحد من الأثر الانكماشي الإقتصادي ولم تقتصر هذه التدابير على دعم المؤسسات والوحدات الإنتاجية في الإقتصاد العماني لضمان استمراريتها وانتاجها للسلع والخدمات.
بمعنى آخر، لم تقتصر سياسة الحكومة على دعم جانب العرض في السوق العماني من خلال خطة التحفيز الاقتصادي، إذ أن هذه الخطة تضمنت سياسات وإجراءات لمواجهة تداعيات الجائحة من خلال تحفيز جانب الطلب.
ففي حين هدفت المحاور الخمسة الرئيسية لخطة التحفيز الاقتصادي التي تم إقرارها في مارس 2021 إلى دعم جهود التعافي الإقتصادي وتعزيز أداء الأنشطة الاقتصادية وجلب الإستثمارات الأجنبية، إتخذت الحكومة الكثير من التدابير الهادفة إلى تقوية جانب الطلب من خلال تنفيذ عدد كبير من الإجراءات المالية والنقدية والتي كان لها الأثر الملحوظ في الحفاظ على مستوى معين من الطلب الإجمالي في الإقتصاد العماني.
ومن هذه الإجراءات على سبيل المثال، لا الحصر، تخفيض بعض الضرائب والرسوم أو الاعفاء منها بشكل مؤقت أو تأجيلها، وتأجيل سداد القروض لمساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة،
وكذلك تخفيض أسعار الفائدة وتوفير السيولة بما يضمن تأمين الائتمان المناسب للقطاعات الاقتصادية المتضررة.
وكان لخطة التوازن المالي أثر إيجابي على السلطنة حيث أصدرت وكالة موديز العالمية تصنيفها الائتماني للسلطنة والذي عدّلت فيه نظرتها المستقبلية من سلبية إلى مستقرة، نتيجة إستمرار السلطنة في تنفيذ الخطة المالية متوسطة المدى وإرتفاع أسعار النفط، مما سيسهم في تحسين الأداء المالي وانخفاض معدل الدين العام إلى نحو 60 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2024.
ومن هنا قامت الحكومة بتطوير المناخ الاستثماري بشكل متواصل لضمان توفير التمويل اللازم للمشاريع التنموية حيث تستهدف الخطة الخمسية العاشرة رفع تدفقات صافي الإستثمار الأجنبي المباشر سنوياً لتبلغ 10.9% كنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي بنهاية الخطة، ورفع مساهمة القطاع الخاص في إجمالي الاستثمارات إلى 60%،
والتركيز على جذب الاستثمارات خاصة القطاعات التي تتمتع بها السلطنة بميزات تنافسية كونها تسهم في انتاج سلع وخدمات بتكلفة أقل نسبياً من الدول المنافسة.
ومن هذه القطاعات المستهدفة قطاع مصادر الطاقة البديلة والمتجددة، وقطاع السياحة، وقطاع التعدين، وقطاع الخدمات اللوجستية والموانئ.
أوضحت التقارير الإقتصادية أنه في ظل المنافسة على جذب الاستثمارات، إتخذت السلطنة مؤخراً إجراءات نوعية متعددة لجذب الإستثمارات الأجنبية مثل إصدار قانون الإستثمار الأجنبي، وقانون التخصيص، وقانون الإفلاس، وقانون الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، وتطوير قوانين سوق العمل،
وقوانين تملك العقارات، وشروط منح الاقامات طويلة الأمد للمستثمرين، والسماح بالتملك الأجنبي الكامل في قطاعات معينة، وحرية تحويل الأرباح ورؤوس الأموال، وأنظمة تشريعية متكاملة لتنظيم القطاع الإستثماري والتجاري، والإعفاء الضريبي على المعدات لتأسيس المشاريع الصناعية أو التوسيع،
وكذلك الإعفاء الضريبي على مدخلات الإنتاج، وغيرها. كما عمدت السلطنة إلى توقيع إتفاقيات لتشجيع وحماية الإستثمارات مع دول عدة.