ذات يوم نعتنى أبى بالفشل لأننى أردت الإلتحاق بكلية التربيه الرياضيه بأبى قير بالإسكندريه ، ولم يكتفى بذلك بل إتصل على محيى بك الشاذلى نائبنا بالبرلمان وأحد رموز عائلتى ، ورئيس نادى إسبورتنج إسكندريه يطلب منه ألا يستجيب لى فى مساعدتى لدخول كلية التربيه الرياضيه ، وعبثا حاول إقناعه دون جدوى ، فاضطررت إلى تركها لكننى أصررت على أن أظل بالإسكندريه والإلتحاق بكلية الآداب جامعة الإسكندريه ، حيث قضيت فيها عامى الأول ثم أكملت بعد ذلك بكلية الآداب جامعة طنطا ، ليست تلك النظره لكليات التربيه الرياضيه أمر شخصى بل موروث بغيض علق فى الأذهان جيلا بعد جيل ، فدائما ماكان ينظر إلى كليات التربيه الرياضيه على أنه لايلتحق بها إلا الفاشلين ، ترسخ ذلك فى الأفهام لأنه كان يلتحق بها كثر لاعلاقة لهم بالرياضه ، ولولا مكتب التنسيق ، ومجموعهم البسيط ، والواسطه مادخلوها ، لذا كان من الطبيعى أن يكون من بين طلابها من يتعجب البعض من أنهم طلابا بتلك الكليه التى من المفترض ألا يلتحق بها إلا المؤهلين جسديا ، طبقا لمواصفات وقياسات محدده ، وليس كما سبق وأن رأيت أشخاصا أجسادهم لاعلاقة لها بالرياضه لامن قريب ولامن بعيد لينطبق عليها المثل الشهير ” باب النجار مخلع ” .
تداعيات ذلك ظل مسيطرا على نفسى سنوات طوال ، وظلت الصوره لكليات التربيه الرياضيه على هذا النحو تأثرا بالواقع ، وهذا الفشل الذى نعتنى به أبى لتمسكى بالإلتحاق بها ، حتى شاء القدر أن أتبنى أمرا يتعلق بالتمسك بتعيين أوائل الكليه من الخريجين معيدين بالكليه ، وكانت المساجلات ، والحوارات ، والمقالات ، والتى تبعها أن تواصل معى الصديق الصحفى المتميز الزميل شريف عبدالغنى ، وتليفون بعد منتصف الليل من الأخ والصديق الدكتور علاء حلويش عميد كلية التربيه الرياضيه بجامعة طنطا والذى لم أكن قد تشرفت بمعرفته ، ودار بيننا حوار حول ماطرحته كان فى منتهى الرقى ، وإتسم بالإحترام الشديد ، وإتفقت الإرادات للصالح العام وتم ترجمة ماطرحته فى قرارات من مجلس الجامعه ، والكليه يصب فى صالح الطلاب ، وكانت القاءات مع الخلوق المحترم الدكتور علاء حلويش ، والإقتراب من تلك الكليه ومن فيها فكان التغيير الذى طرأ لدى بشأن هذا الموروث البغيض ، وإنتبهت إلى أن هناك أمر مختلف ، وأن هناك شروط للقبول بتلك الكليه ، وإستبعاد من لم تنطبق عليهم شروط القبول وكان أحدهم ذا صله أسريه بالعميد ، تحقيقا للشفافيه ، ثم وجدت أجسادا متناسقه لأعضاء هيئة التدريس والطلاب وليس أجسادا كل مكون فيها مخاصم بعضه بعضا ، وهذا ينبهنا إلى أهمية الواقع العملى فى ترسيخ المفاهيم ، وتصويب المغالطات الموروثه ، وفرض واقع محترم ، وهذا ماكان يمكن أن يحققه ألف ندوه أو محاضره لتستقر الحقيقه اليقينيه التى مؤداها أن قول ألف رجل لايؤثر فى رجل ، وفعل رجل يؤثر فى ألف رجل .
نـــعم هناك فكر جديد ورؤيه متطوره فيما يخص الرياضه وكليات التربيه الرياضيه رسخها الدكتور علاء حلويش ، تبعه مناخ حاضن للإبداع ماكان له أن يتحقق لولا الدعم الكامل من العالم الجليل الدكتور محمود ذكى رئيس جامعة طنطا ، تأكد ذلك بالأمس عندما ساقنى القدر بلا ترتيب لمتابعة فعاليات بالكليه تتعلق بتبنى مشروع إدارة المخلفات الألكترونيه ، تلك الفعاليات وموضوعها هى الأولى من نوعها من حيث الموضوع والمضمون والمحتوى ، وذلك فى حضور قامات رفيعة القدر والشأن ، الدكتور حمدى شعبان نائب رئيس جامعة طنطا لشئون البيئه ، والدكتور ممدوح رشوان أمين عام الإتحاد العربى للشباب والبيئه ، والدكتور عادل الشافعى أحد خبراء مصر والعالم وأفريقيا فى مجال المخلفات الخطره ، والدكتوره هاله عمر وكيل الكليه لشئون البيئه .
تزاحمت الأفكار فى نفسى ماذا تعنى المخلفات الألكترونيه ، والتخلص الآمن منها ، وماعلاقة كلية التربيه الرياضيه بهذا الشأن ، وإذا بى أكتشف أن ذلك لم يتم بالصدفه إنما وفق رؤيه تهدف تعظيم الرياضه وتبنى المبدعين وإضافة كل ماهو جديد فى إصرار على أن تكون كلية التربيه الرياضيه بجامعة طنطا أفضل كلية على مستوى الشرق الأوسط من حيث المبنى والمعنى ، من خلال إعداد كوادر رياضيه فاعله ، فكان إقامة مركز لتلك المخلفات بالكليه ترجمة لمبادره يتم تدشينها على مستوى الجامعات المصريه من خلال مبادرة التخلص الآمن من المخلفات الألكترونيه ، بطريقه آمنه ، وفق إجراءات قانونيه فاعله ، وإداريه منضبطه ، يضاف إلى ذلك دراسة إنشاء وحدة خاصة لتحويل طاقات الطلاب لطاقات إنتاجيه من خلال تنظيم الحفلات والمؤتمرات التى تتم على مستوى الجامعات .
أدركت أهمية التصدى للمخلفات الألكترونيه مما طرحه الدكتور حمدى شعبان نائب رئيس جامعة طنطا لشئون البيئه والذى أكد على أن لتلك المخلفات أضرار بالغه ، وأخطار تضر بالبيئه والإنسان ، حيث توجد تلك المخلفات فى كل مكان ببيوتنا حيث نقيم ، ولانعى حجم الضرر الذى يلحق بنا والذى مع الوقت ينشأ عنه الأمراض الفتاكه ، كما أكد الدكتور ممدوح رشوان أمين الإتحاد العربى للشباب والبيئه أن بكل بيت لايقل عن 8 كيلو مخلفات ألكترونيه وأننا وصلنا إلى وجود 88 ألف طن مخلفات ألكترونيه ، كما أكد الخبير الدكتور عادل الشافعى وجود 47 شريحة من المخلفات نتعايش معها جميعا وتبنى مفهوم الصحه والبيئه والوعى احد أهم وأبرز بناء الإنسان .
قبل أن أقول وماذا بعد كل الذى سمعته ومصمصنا تأثرا به الشفاه ، هل سننصرف بلا نتيجه ، شأن كل الندوات والفاعليات ؟، وإذا بإجابه أسعدتنى طرحها الدكتور علاء حلويش عميد كلية التربيه الرياضيه والتى تنطلق من تحرك عملى وفعال حيث أعلن البدء فى تجميع تلك المخلفات فى المركز الذى تم إعداده لهذا الغرض بالكليه ، وتشوينها ، وتسليمها لمصانع تابعه للبيئه تقوم بتدويرها بشكل آمن تعمل على تعزيز القيمه المضافه لتلك المخلفات ، وقرر التركيز على قضية الوعى المنطلق الوحيد للتصدى لما يضر بالمجتمع ، وذلك بالإستعانه بطلاب الكليه كل فى بيئته ، والمحيطين به ، لتجميع تلك المخلفات ، والترحيب بإستقبال الأهالى الذين لديهم مثل تلك المخلفات ، يأتى هذا النهج إمتدادا للدعم الذاتى الذى تبنته الكليه فى تطوير منشآتها ومعاملها ، بعيدا عن المناقصات والمزايدات والشركات والأموال التى تنفق من الموازنه ، وهذا النهج يثبت أن الإنسان المصرى قادرا على تحقيق النجاح إذا أتيحت الفرصة ، وتم تهيئة المناخ ، ووجود قيادات فاعله صاحبة قضيه تعمل على دعم كل الناجحين وتدفع بهم للأمام .