قرية مشال تتعرض للإباده الجماعيه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم :
الكاتب الصحفى
النائب محمود الشاذلى
مشال إسم له تاريخ طويل وعريق أشخاصا وكيان ، قريه تستحق أن يشار لها بالبنان ، وتوضع على رؤوس الكرام وكيف لايكون ذلك ومن رحمها ولد المفكر الكبير الدكتور زغلول النجار ، وخرجت كراما فضلاء أعطوا لهذا الوطن ومازالوا فى كل المجالات بل ورموزا مجتمعيه يفخر بها كل أبناء مركزنا الحبيب بسيون ، حتى تمنى البعض على سبيل الفخر أن لو كانوا ولدوا من رحمها .
أتصور أن قريه بهذا القدر الرفيع يجب أن يكون التعاطى معها متسما بالقيمه ، والعمل على النهوض بها وتعظيم قضاياها ، وتقديم كافة الخدمات لأبنائها لاقهرها وتدنيسها وسحق إرادة أجيالها ، وتهميش قضاياها ، والعبث بقدرها وقيمتها والحط من شأنها بهذه الصوره البغيضه التى تأباها النفس وتتعارض مع المنطق وترفضها الفطره الإنسانيه السليمه .
أصابنى الذهول وأنا أتابع عن كثب ماتتعرض له القريه من إباده بالبطىء ، من خلال مقلب الزباله اللعين الذى يحاصرها من كل جانب حتى يكاد يقضى على الوجود الإنسانى بها ، أمراض فتاكه ، وحياه صعبه ومؤلمه وكارثيه فرضت على أهل القريه أن تظل شبابيك غرفهم مغلقه ليلا ونهارا حتى لايتسرب بداخلها الدخان الكثيف ، الأدهى والأمر أن الأهالى لم يعد يعرفون الليل من النهار وهم بداخل منازلهم ، نظرا للغلق الدائم للشبابيك ، وباتت حياتهم أشبه بحياة القبور .
إنتفض الأهالى وهم على حق ، بل وأشاركهم الإنتفاض والتضامن والصراخ لعل أصواتنا تخرج آذان المسئولين الذين لم يعد لديهم أى قدر من الإنسانيه ، ولاأكون متجاوزا إذا طالبت بمعاقبة كل من يوافق على هذا الوضع المأساوى بإجباره على الإقامه بالقريه لعله ينتبه أن هذا الذى يحدث للأهالى هو بمثابة إجرام غير مسبوق فى عرف أى مجتمع بشرى حتى فى بلاد الواق واق والتى تركب الأفيال .
القضيه ببساطه بدأت عندما تم إنشاء مجمع للقمامه وإعادة تدويرها لصناعة الأسمده على مساحة فدان ونصف الفدان بزمام القريه وبالجهود الذاتيه ، وملحق به محطة للصرف الصحى ، ونظرا لضم مشروع الصرف الصحى للقريه إلى هيئة مياه الشرب والصرف الصحى ببسيون فتم ضم مجمع القمامه معه عام 2009 تحت اشراف مجلس مدينة بسيون ، إنقلب الحال من مركز تدوير القمامه إلى مركز تجميع ومقلب للقمامه وذلك لجميع قرى ومدينة بسيون والعزب التابعه لها ، فتراكمت الزباله حتى وصلت لمئات الأطنان ، بل لآلاف الأطنان بما تحمله من أوبئه تضر بالبشريه جمعاء ، وهو وباء على القريه أشد خطرا من وباء الكوليرا حيث بات من الطبيعى إنبعاث الأدخنه والروائح الكريهة على كل القريه ليلا ونهارا ، بل وأثرت بصوره مباشره على الأراضى الزراعيه أيضا . حتى بات غلق المقلب مطلبا جوهريا للحفاظ على أرواح الاهالى وصحة المواطنين بالقريه والقرى والعزب المجاوره .
إنصافا لايمكن القول أن تلك المصيبه التى حلت على هذه البلده الطيب أهلها هى من صنيعة المسئولين الحاليين الدكتور طارق رحمى محافظ الغربيه أو ممدوح النجار رئيس مدينة بسيون ، أو عبدالشافى كمال رئيس المدينه السابق ، إنما هى موروث بغيض يتعين عليهم النظر فى التصدى له وتوفير بيئه صحيه تليق للعيش والإقامه والتعايش ، لذا كان طرحى موجها إلى الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء والذى سيكون الموضوع برمته أمامه على مكتبه قريبا عقب أجازة العيد بإذن الله تعالى محالا من جهة رفيعة الشأن ، وكلى ثقه أنه سيكون له موقف محترم وقرارات رائعه كتلك التى إتخذها وتفوق بها على نفسه فيما يتعلق بالتصدى لفيرس كورونا .
يبقى على أهالى قرية مشال الأحباب أن يصطفوا معا يدا واحده وأتشرف بأن أكون معهم يدا بيد كجزء من كيانهم الذى ينشد الحق ، وكإنسان قبل أن أكون نائبا بالبرلمان ، وصحفيا ، ويتمسكوا بحقهم فى حياه آدميه كتلك التى يعيشها كل البشر فى هذا العالم ، وذلك بأسلوب محترم راقى إنطلاقا من حق إنسانى كفله القانون والدستور ، وليس عبر أى آليه تظهرهم بمظهر المتمردين الغاضبين ويقينا سيتفهمون ذلك لأنهم من أصحاب العقول الراجحه ، وستتفهم الأجهزه ذلك لأنها يقينا يهمها أن يعيش المواطن حياه كريمه بلا قهر أو ظلم .