سيل من “الأخبار” الزائفة يجتاح وسائل التواصل الاجتماعي منذ انتشار فيروس كورونا. مقولات مزيفة منسوبة لمسؤولين أو لعلماء وأطباء.
نظريات مؤامرة حول أصل الفيروس وحقيقة انتشاره وصلت حتى التشكيك في وجوده من الأساس. فمن الذي يختلق هذه الشائعات والأكاذيب؟ ومن الذي يسهم في نشرها؟
حققت “ماريانا سبرينغ” المتخصصة في التحقيق في الأخبار المضللة والشائعات في بي بي سي وفريقها في مئات من الأخبار الزائفة المنتشرة حول وباء كورونا.
وخلص تحقيق “سبرينغ” وفريقها إلى وجود سبعة أنواع من الناس وراء اختلاق الشائعات ونشرها.
الهزلي كثير المزاح:
قد يصادفك خبر “مبالغ فيه” تكون أول ردة فعلك عليه الضحك، لأنه بالنسبة إليك لا يمكن أن يكون أكثر من مزحة!
لكن كثيرين غيرك قد يصدقون “الخبر” الذي أريد به مزاح وقد يتداولونه على أنه حقيقة.
وقد يكون تأثير بعض تلك “المزحات” كارثيا في ظل القلق والخوف وعدم الاستقرار الذي يشهده العالم بسبب تفشي الوباء.
حكومات دول كثيرة، عربية وغيرها، تحاول التصدي لكل أنواع الأخبار الزائفة بشتى الطرق.
فتعقد مؤتمرات صحفية يومية لتبليغ المواطنين بكل جديد بشأن الوضع الوبائي والخطوات التي تتخذها في مواجهته وترد على أسئلة الصحفيين وتساؤلات الناس حتى لا تدع مجالا لترويج الأخبار الزائفة.
لكن نسق انتشار الشائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي أسرع بكثير.
بعض الحكومات اتخذت قرارات استباقية لمنع انتشار “مزحات” مرتبطة بفيروس كورونا فمنعت تداول أي “كذبة إبريل” حول الوباء وهددت بعقوبات تصل إلى السجن.
ففي الأول من إبريل \ نيسان من كل عام تنتشر أخبار غريبة كثير منها أقرب إلى التصديق! لكنها في الأصل عادة “كذبة إبريل” الشهيرة. لكن لا مجال لأي كذبة حول الوباء هذا العام، إذ قد لا يتخيل مطلقها خطورة تأثيرها ومداه.
المتحايل:
النوع الثاني من الأشخاص الذين يختلقون الشائعات والأخبار الزائفة حول فيروس كورونا هم المتحايلون.
تقول شركات التكنولوجيا إن وباء كورونا قد يكون الآن أكثر موضوع يتم استغلاله للتحايل الإلكتروني على الإطلاق.
فالمتحايلون يستغلون خوف الناس من الوباء وشح المعلومات الطبية والعلمية الرسمية حوله، وترقبهم لكل جديد بشأن اللقاح أو الدواء للاحتيال عليهم.
وكانت شركة “غوغل” قد أعلنت مؤخرا أن القراصنة الإلكترونيين يرسلون يوميا 18 مليون رسالة احتيال عبر البريد الإلكتروني لمستخدمي “جي ميل” كثير منها حول فيروس كورونا.
ينتحل المتحايلون صفات رسمية مثل الحكومات أو منظمة الصحة العالمية ويبعثون رسائل إلكترونية يحاولون من خلالها إقناع ضحاياهم بتنزيل برامج معينة تمكنهم من اختراق حساباتهم الشخصية والحصول على معلومات مختلفة.
بعض الرسائل تدعو الناس للتبرع مثلا.
ومن بعض الحيل التي انتشرت مؤخرا مقاطع حصدت آلاف المشاركات عبر فيسبوك تعرض جوائز نقدية ضخمة لـ “مساعدة المتضررين ماليا من تفشي فيروس كورونا”.
وعلى الرغم من أن المسابقة مزيفة بشكل واضح، إلا أنها انتشرت عبر الموقع بعدة لغات. فالمسابقة المزيفة تستغل أسماء مشاهير مثل الممثل “دواين جونسون” الملقب بالصخرة.
السياسي:
المعلومات المضللة لا تأتي فقط من “الغرف المظلمة” على الإنترنت وحواسب المتحايلين وإنما قد تأتي أيضا من السياسيين. وقد تصدر هذه المعلومات المغلوطة عن السياسيين بقصد أو بغير قصد.
لعل أكثر السياسيين الذين ارتبط اسمهم مؤخرا بالأخبار المغلوطة والشائعات، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وآخرها “اقتراحه” اختبار تعريض أجساد المصابين للأشعة فوق البنفسجية وحقنهم بالمنظفات لعلاجهم من الفيروس!!
ترامب قال في وقت لاحق إن تصريحاته تلك كانت ساخرة، لكن ذلك لم يمنع منظمة الصحة العالمية ومنظمات محلية ودولية كبرى من نشر بيانات تحذر من محاولة تطبيق ما اقترحه ترامب.
كما سارعت الشركات المنتجة للمنظفات والمعقمات إلى نشر بيانات تحذر المستخدمين من محاولة إدخال هذه المواد إلى الجسم بأي شكل من الأشكال.
وعلى المستوى السياسي أيضا، انتشرت عبر وسائل التواصل المختلفة أنباء الاتهامات المتبادلة بين الصين والولايات المتحدة حول تعمد نشر الفيروس وإخفاء حقائق متعلقة به، والتي وصلت حد “الحرب الباردة” بين الجانبين.
وكان أحدثها تصريحات ترامب مجددا بأن الفيروس انطلق من مختبر في “ووهان” الصينية رغم اعتقاد أغلبية العلماء بأن الفيروس انتقل من الحيوان، خفاش على الأغلب، إلى الإنسان.
المؤمن بنظرية المؤامرة:
أبرز نظريات المؤامرة المتعلقة بالفيروس ربما كانت القائلة بأن “الفيروس مصنع في مختبرات صينية ونشر عمدا في إطار حرب بيولوجية”.
لكن عاشقي نظرية المؤامرة كثر مثل النظريات التي يروجون لها، ومنها أن “انتشار الفيروس مؤامرة على أعلى المستويات”.
ومنهم من يذهب بعيدا في هذه النظرية لينكر وجرد الفيروس من أساسه.
نظرية أخرى تقول إن فيروس كورونا انتشر عبر شبكة اتصالات الجيل الخامس G5.
انتشرت هذه النظرية حتى أن مفتي مصر السابق علي جمعة تحدث عنها في إحدى الحلقات التي يقدمها عبر شاشة التلفزيون، الأمر الذي أثار جدلا كبير.
الانتشار الكبير لهذه النظرية، وتبعاتها التي أدت إلى إحراق أبراج شبكات اتصالات في بريطانيا، دفع منظمة الصحة العالمية إلى تكذيبها عبر حسابها الرسمي على تويتر .
الخبير:
عندما يأتيك النبأ من شخص “خبير” أو ينتمي إلى الدوائر المتخصصة فإنك قد تضع حدسك وذكاءك جانبا لتصدق ما يقول!
في الوضع الذي نعيشه اليوم وسط انتشار الوباء أكثر من نميل إلى تصديقهم هم العاملون في القطاع الطبي وفي الصفوف الأمامية لمحاربة الوباء.
لكن هل كل عامل بالقطاع الطبي يصدق فعلا في ما ينقل؟ وهل ما ينقله هو ما يحصل فعلا؟ هل كل تسجيل صوتي أو مصور أو حتى نص مكتوب منسوب لخبير أو مختص هو فعلا كذلك؟
رسائل كثيرة انتشرت يدعي أصحابها أنهم عاملون في الصفوف الأمامية لمكافحة الوباء تحدثوا فيها عن معلومات وأرقام ثبت زيفها فيما بعد.
الأقارب:
المعلومات المغلوطة والأكاذيب والشائعات لا تقف عند مخترعها ودائرته الضيقة بل تنتشر من دائرة إلى دائرة.
وأحد أبرز وسائل انتشارها مجموعات الأقارب عبر مواقع التواصل.
فقد تصل رسالة مزيفة إلى خالتك التي قد تشك في محتواها، لكنها قد ترسلها إلى أفراد المجموعة عبر واتساب في خطوة احترازية: ماذا لو كان الأمر صحيحا؟! تحذركم على كل حال!
قد توزع جارتكم على أفراد مجموعة سكان الحي “وصفة تشفي من الكورونا” قوامها الثوم والليمون مثلا حرصا منها على حمايتكم من المرض.
المشاهير:
وسيلة أخرى تساعد في نقل الشائعات بسرعة مرعبة! المشاهير وحساباتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي قد يبلغ عدد متابعيها الملايين.
نقل المشاهير لخبر ما يكسبه مصداقية لدى كثيرين!
في مصر، اضطرت الممثلة زينة للاعتذار عن تصريح بشأن فيروس كورونا أثار جدلا كبيرا.
ففي الوقت الذي تسعى فيه الحكومات والمنظمات الرسمية في مصر وفي العالم لتوعية الناس بشأن خطورة الوباء وتشجيعهم على الالتزام بإجراءات الوقاية ألقت زينة تعليقا مستخفا بالفيروس وخطورته.
اعتذرت الممثلة عن التصريح بعد ذلك قائلة إنها كانت في حالة من الذعر أرادت أن تخفيها عن جمهورها بقصد عدم إخافتهم، فجاءت النتيجة عكسية واتهمت الممثلة بأنها تساهم في تقويض جهود التوعية بخطورة انتشار الفيروس.