قال الأستاذ الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إن الشريعة الإسلامية مبناها على تحصيل المصالح وتكميلها، ومقصود الشرع من الخلق خمسة أمور، وهو أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم، مشيرا إلى أن كل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يفوِّت هذه الأصول فهو مفسدة ودفعه مصلحة.
جاء هذا خلال كلمة فضيلته في افتتاح مستشفى جامعة طنطا التعليمي الجديد 900 900 ومشاركته في وضع حجر الأساس، حيث تعد المستشفى أكبر صرح طبي جامعي داخل إقليم الدلتا، ويأتي افتتاحها تزامنا مع مبادرات ومشروعات بناء الإنسان المصري التي أطلقها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وفي معرض كلمته استعرض فضيلة مفتي الجمهورية قضية المقاصد، لافتا النظر إلى أنها تبرز في أبهى صورها في تمام العبودية لله الحق وحفظ المصلحة والرحمة بالخلق بالعمل على حفظ نفوسهم وعقولهم ونسلهم؛ مؤكدًا أن الشريعة الإسلامية قائمة على الرحمة والسماحة، والرحمن والرحيم اسمان عظيمان من أسمائه سبحانه وتعالى، وبهما استفتح الحق سبحانه وتعالى كتابه الكريم، وقال تعالى فيه: {ورحمتي وسعت كل شيء}، وبهذه الرحمة كان فضل البعثة المحمدية على الإنسانية قاطبة، لقوله عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}؛ فكان عليه السلام رحمة مهداة، وسائر أفعاله وأقواله تُعبِّر عن هذه الرحمة.
وأضاف فضيلة المفتي، أن نصيب العبد من اسم الرحمن والرحيم أن يرحم عباد الله وأن يسعى إلى إسعاد المحتاجين وإعانة خلق الله أجمعين، مستشهدا بقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا مَن في الأرض يرحمكم من في السماء».، موضحًا أن الرحمة في الإسلام عامة وشاملة، تتسع لتشمل الكون كله؛ وهي تعم الإنسان بشكل خاص، مسلمًا كان أو غير مسلم، كما تشمل الحيوان والنبات؛ حيث يري الإنسان هذا الشمول في سائر مناحي الشريعة؛ ويجدها في أحكام الزكاة والوقف والصدقات وسائر التبرعات.
وفي السياق ذاته أشار فضيلة المفتي إلى أن حضارتنا ضربت أروع المُثُل والنَّماذج في تطبيق معاني الرَّحمة بين النَّاس؛ فأنشأ المسلمون الأوقاف والمستشفيات ودور العلم، وبرع منهم أعلام عبر التاريخ في سائر مجالات العلوم، وبخاصة علم الطب الذي يُعد من تطبيقات الرحمة وتحقيق مقصد التشريع في حفظ النفس والعقل والنسل؛ حتى أن التطور الحديث في العلوم الطبية وما يتعلق بها ليَدِينُ للعلماء المسلمين؛ قائلا: “لا يخفى فضل ابن النفيس في تقدم علم التشريح وعلم وظائف الأعضاء، ولا يخفى فضل ابن الهيثم في تقدم البصريات، ولا يخفى كذلك فضل أبي بكر الرازي وابن سينا وكثير من أعلام الطب في الحضارة الإسلامية”.
واختتم فضيلة المفتي كلمته مؤكدًا أن مصرنا تشهد الآن طفرة في سائر مجالات الحياة اقتصاديًّا واجتماعيًّا وثقافيًّا وعلميًّا، ويُعد من أهم هذه المجالات مجال الطب، والحدث الذي نشهده الآن يُعد خير مثال على هذه الطفرة.
يشار إلى أن الدكتور محمود ذكي رئيس الجامعة قام بتكريم فضيلة المفتي، في ختام فعاليات حفل الافتتاح، كما توجه فضيلته إلى القائمين على هذا المستشفى الكبير بأسمى آيات التقدير والاحترام على ما يبذلوه من خدمات لرفعة هذا الوطن مما يُعد يدَ عَونٍ على تحقيق مقاصد التشريع الإسلامي.