بقلم: د. مصطفى النجار
تعتبر وظيفة الاختيار والتعيين أحد أهم وظائف إدارة الموارد البشرية، والتى تؤثر بشكل مباشر على إنجاز الأهداف، وذلك من خلال تعيين الموظف المناسب فى الوظيفة المناسبة، ويعتمد الاختيار والتعيين على الوصف الوظيفى (J D) والذى يحدد القدرات والمهارات والخبرات التى تتطلبها الوظيفة، والتى تصبح معايير للتعيين لابد من توافرها، وهب أن شركة عينت فى التسويق من يتوافر لديه قدرات ومهارات وخبرات الإنتاج، وعينت فى الصيانة من تتوافر فيه خبرات ومهارات وقدرات التسويق، لا شك أنها ستكون عاجزة عن تحقيق أهدافها بل مهددة بالفشل والإنهيار، مهما امتلكت من لوائح ضابطة وقوانين ملزمة ورقابة صارمة، كل ذلك لايجدى نفعا مع تلك المهزلة، والتى تتسبب فى جملة معقدة متشابكة من المشكلات لا يمكن معالجتها إلا بتصحيح وتصويب الخطأ الأولى فى الاختيار والتعيين.
إن التباين العضوى والنفسى والسلوكى بين المرأة والرجل واضح وضوح الخيط الأبيض من الأسود، لا تخطئه عين، ولا يتعثر فى إدراكه عقل، فضلا عن أنه حقيقة علمية قاطعة الثبوت جلية البرهان، ذلك التباين الذى أدى لتمايز مهارات وقدرات كل منهما، وهو ما انتهى إليه البحث العلمى فى الشرق والغرب على حد سواء، فقد أثبتت الدراسات أن الجزء المعنى من المخ بمهارات التفاعل الاجتماعى أكثر تطورا فى البنات عنه فى البنين، وأنها أكثر ميلا للهدوء والسكينة، وأشد استجابة لمشاعرها، ذلك ما يجعل سلوكها يفيض رقة ورأفة ورحمة، فقد خلقها الله بتلك التركيبة النوعية الذكية المميزة، ليجعلها مؤهلة للمهمة العظمى التى كلفت بها، والتى يعجز عن القيام بها غيرها، فالمرأة شجرة وارفة الظلال زكية العبير أم وأخت وزوجة وإبنة، تثمر للمجتمع أطفالا نجباء، تربيهم على الفضيلة والقيم والأخلاق، وسكن هادىء يفيض ودا ورحمة وحبا لزوجها، و أخت وفية لأخيها، وصلى الله على من كان ينادى الزهراء بأم أبيها، فالمرأة تصنع المستقل والأمل بحسن تربيتها واحتضانها لصغارها، وتشكل الحاضر بتأثيرها فى زوجها، وتلك رسالتها النبيلة ومهمتها العظمى التى اختارها الخالق لها وأهلها عضويا ونفسيا للقيام بها عن كفاءة واقتدار.
ويخطئ من يظن أننا نريدها حبيسة المنزل سجينة الجدران، كلا وألف كلا، إنما ينتظرها الكثير من الوظائف والمهام التى تفوقت على الرجال فى أدائها، شريطة ألا يكون ذلك على حساب رسالتها الأثيرة القيمة بيتها وزوجها وصغارها، فوظائف التدريس من الروضة للجامعة، والوظائف الطبية على تنوع تخصصاتها وإختلاف درجاتها، والبحث العلمى وغير ذلك الكثير مما لايمكن الاستغناء فيه عن المرأة، بما تتمتع به من قدرات ومهارات، ولا تمنع كذلك من الإلتحاق بأى وظيفة مارغبت فى ذلك وأحسنت الأداء، على ألا يكون على حساب رسالتها الأصيلة.
أما بالنسبة للرجل، فقد خلصت الدراسات العلمية أن الجزء المختص من المخ بالقدرة على إنجاز الأعمال أكثر تطورا فى الرجل، وأنه أكثر ميلا للحركة واستجابة للعقل، وأكثر حبا للمغامرة والحزم والإصرار والمواجهة، أبدعه الخالق بتلك التركيبة الصلبة القوية ليمكنه من أداء رسالته النبيلة ومهمته الأصيلة الشاقة فى الكفاح سعيا على الرزق لإطعام زوجه وأطفاله، ودفع الأخطار عنهم، مضحيا بالنفس والنفيس لأجلهم، كادحا فى صمت لا يريد جزاء ولا شكورا.
إن فهم البشرية لرسالة كلا من المرأة والرجل على هذا النحو، وإدراكها للتباين العضوى والنفسى والسلوكى بينهما، وما يؤدى إليه من تمايز فى المهارات والقدرات، وإسناد الأدوار المناسبة لكل منهما، يساهم كل ذلك فى إبداع التكامل بين دوريهما، ذاك التكامل الذى يمثل القاعدة لخلق دول ومجتمعات قوية مستقرة ناهضة، مشرقة الحاضر واعدة المستقبل، ليعزف الرجل والمرأة معا لحنا متسق النغمات بديع المقامات مياسا نديا، ليبدعا معا حضارة مزهرة، يقودها ذوى الأخلاق والقيم، لتسعد البشرية فى ظلالها، ذلك تصور الشرق للمرأة ودورها، تصور أثبته العلم ، و أنشئ قواعده ورسم ملامحه الإسلام العظيم، الذى رفع شأن آسية المؤمنة على زوجها فرعون الظلوم، وضرب بها وبمريم بنت عمران المثل والقدوة، وسما بمقام أمنا خديجة وفاطمة وخلد ذكرهن فى العالمين.
أما من يتصايحون فى الغرب بالمساواة بين المرأة والرجل، تلك دعوة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، فمساواة المرأة للرجل فى الحقوق والواجبات أمرا بديهيا وحقا لا جدال فيه ، أما أن يصاحب تلك الدعوة تخلى المرأة عن رسالتها النبيلة فى رعاية أسرتها، وإسناد أدوارا للمرأة وللرجل لا تراعى التباين فى رسالتهما ولا القدرات والمهارات المميزة، فذلك كمن وظف من يحسن التسويق فى الانتاج ، ومن يحسن الإنتاج فى الحسابات، لتنهار الدول والأسر والمجتمعات تحت راية المساواة الزائفة، يتصايحون بالمساواة وهم أبعد الناس عن العلم فى دعواهم وأظلمهم للمرأة، يتخذونها متاعا مباحا لكل آثم ، وعند النفقة على أطفال المتعة الآثمة يتركوها تواجه الشقاء فى إطعامهم ورعايتهم، دون إلزام من شاركها المتعة أن يشاركها النفقة، فلا يعرفون لأى آثم ينتسب الأطفال فى ظل فوضى العلاقات، تلك بعض مرارات وعذابات الثقافة الغربية للمرأة، وذلك الضياع ما يحاولون للأسف تصديره لنا، مستعينين فى ذلك بالمهزومين نفسيا من أبنائنا، وليتهم اكتفوا بذلك بل يرمون الإسلام العظيم بظلم المراة زورا، وهو الذى كرمها وأعطاها من الحقوق مالم تناله من قبل ولا من بعد، ألا أساء ما يصنعون.. حفظ الله مصر – وكل عام وحضراتكم بخير.