. قبل 36 عاما لماذا لامنى أستاذى العظيم جمال بدوى وقلت لهذا الكون رب ولم أجزع .
. قصة الدكتور زكريا عزمى وحمدين صباحى معى وزمن الهزل .
. متى ننتبه للتقارير التى يهتز لها الكيان وتؤثر على الحياه المجتمعيه بكاملها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلــم :
الكاتب الصحفى
النائب محمود الشاذلى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بلا مزايدات .. إن مهمة تحقيق الأمن والأمان ، وحصار المجرمين الذين يعبثون بمقدرات الوطن مهمه وطنيه فى المقام الأول ، يتعين علينا تقدير من يقوم بها ، وإعلاء شأن من يتولاها ، ولتحقيق ذلك واقعا حقيقيا دون تداعيات سلبيه تعترى النفس نتيجه لبعض الإخفاقات يكون من الأهميه أن من يتولى تلك المهمه الجليله حتى لو كان أحدث رتبه شرطيه أن يتحلى بالأمانة والصدق ، وتحرى الحقيقه لترسيخ المصداقيه ، وسد الذرائع أمام المشككين الذين قد يصل تشكيكهم فى النوايا إستغلالا لبعض الثغرات التى تكون نتيجه طبيعيه لعدم الخبره والرعونه فى الأداء أو فهم تلك الرساله النبيله على أنها تجبر وقهر وغذلال وإستعباد لأى أحد إلى أن يتم الوصول للهدف المنشود ، إنطلاقا من قاعده لعينه مؤداها لامانع من ظلم ألف برىء للوصول لمتهم واحد ، لأن تلك القاعده تمثل كارثة مجتمعيه حقيقيه قد يستغلها المجرمون حقا لكسب أرضيه لصالحهم والحصول على تعاطف الأبرياء ، وهنا يكمن الخطر .
للوصول لغايات طيبه تحفظ هذا الوطن الغالى يتعين أن يمتزج الحق ، والعدل ، والإنصاف ، والصدق بمسئوليه وطنيه ، ولن يتأتى ذلك إلا فى وجود ضباط عقلاء وراسمى سياسه يهمهم الوطن ويدركوا جيدا الفرق بين مجرم يريد النيل من الوطن ويكيد له لذا يجب سحقه ، وبين مغرر به يحتاج لتصويب ، وآخرين فرضت عليهم الظروف أن يكونوا فى موضع هو طبيعى بحكم التعايش مع مجريات الأحداث بالمجتمع خاصة إذا كانوا من ممارسى الحياه السياسيه والحزبيه . وأبدا لايمكن أن يقنعنى أحدا كائنا من كان ، أن سياسى ليبرالى الأصل فى ممارسته أنه كتاب مفتوح على الجميع جلس مع شيوعى فأصبح شيوعيا ، أو سلم على إخوانى ومزح معه فأصبح إخوانيا ، أو تحالف فى إنتخابات مع الحزب الوطنى فصار منافقا ، اللوم على السياسى فى حاله واحده إذا كان يتعامل مع هؤلاء وهم ليس لهم شرعيه سياسيه ، أو تواجدا مجتمعيا ليس مجرما ، أو يتفاعل معهم وكأنه جزء من مكوناتهم أو يقتنع بفكرهم قناعة اليقين .
مؤلم أن أقول أنه ذات يوم هنأنى نائب زميل بالبرلمان يشار إليه بالبنان على ضمان إستمرارى بالبرلمان نظرا لإنضمامى الوشيك للحزب الوطنى وترك الوفد حتى وإن كنت نائبا وفديا بالبرلمان فقابلت تهنئته ضاحكا ومتعجبا لكننى ضحكت كثيرا عندما أرجع السبب فى ذلك حيث رصد جلوسى أكثر من مره فى قاعة البرلمان فى حوار سريع مع الصديق النائب الدكتور زكريا عزمى رئيس ديوان رئيس الجمهوريه فى عهد مبارك ، وعندما سقط النظام نفس النائب لعن الحزب الوطنى وأخذ يتودد للإخوان بل ونعتنى بالنقائص لأننى كنت أجلس أتهامس مع زكريا عزمى الباب الواسع للإنضمام للحزب الوطنى لضمان البقاء بالبرلمان ، ونائب آخر رصد صداقتى بصديقى وزميلى بنقابة الصحفيين والبرلمان القطب الناصرى حمدين صباحى فنعتنى بالتلون كيف وفدى وقريب من ناصرى وكأن صاحب القناعه السياسيه يتعين عليه ألا يقترب إلا من الذين هم نفس قناعته ولايجب أن يلقى السلام على أصحاب الأفكار الأخرى ، وبعد ذلك إتهمنى أننى أناصره من تحت تحت فى الإنتخابات الرئاسيه حتى وإن كنت لم ألتقيه أصلا طوال هذه الفتره ، ويبقى أن مرجع ذلك خللا فى الفهم قد نلتمس فيه العذر للبسطاء من أهالينا الطيبين لكننا يحق لنا أن ننزعج إذا كان مصدره نوابا بالبرلمان ، أوجاء فى تقرير حرره ضابط حديث خبره نقلا عن معلومه من مخبر بدرجة أمين شرطه قيلت أمامه من سفيه على سبيل الهزل .
إنطلاقا من هذا الطرح الوطنى الخالص لوجه الله تعالى يجدر بى التأكيد على ماهو أكبر من ذلك من زاوية أن الأب أب ، لذا سيظل قلقا على أبنائه يتلمس خطاهم ويضبط إيقاع أنفسهم ، ويرشد جموحهم الذى أحيانا قد يودى بهم للمهالك ، قد يتهور الأب ويرى ذلك طبيعى نظرا لخبرة الحياه ، لكنه يضطرب إذا تهور إبنه ، إنها الفطره الإنسانيه السويه .. إستشعرت هذا المعنى النبيل الراقى فى بدايات عملى الصحفى قبل 36 عاما حيث كان سنى 24 عام ومع ذلك كنت صحفى شهير وكانت جريدة الوفد ملىء السمع والبصر ويعمل لها أى مسئول ألف حساب ، وذلك عندما لامنى أستاذى الجليل ، ووالدى الحبيب الكاتب الصحفى الكبير والمؤرخ العظيم جمال بدوى رئيس تحرير جريدة الوفد السابق ، عندما وصله مافعلته مع أحد الضباط الكبار أمام شهود عيان بعضهم مازالوا على قيد الحياه ، حيث أخذنى حماس الشباب وقلت له غدا ستكون بلا سلطه ، وتستجدى وأولادك الدعوات عندما تشربوا من نفس الكأس الذى شرب منه من ظلمته ، وغدا ستكون ذكرى ولن تجد من يذكرك بخير ، أو حتى يترحم عليك ، وما حررته من تقرير مجحف بحق هذا الصديق بلدياتى والذى يمكن به أن تدمر مستقبله ، حتى إضطررته يرحل عن مصر بحثا عن سبيل للرزق بالخارج ، قال لى وتعلو وجهه إبتسامه ساخره أنت واهم سأظل كما أنا أفعل ماأشاء حتى ولو لم يعجبك وأمثالك لأنه من أجل البلد ، وإنتبه لكلامك فلن ينفعك الوفد الذى تستقوى به ولاحتى رجاله ، وقد لاأضع إعتبار لمن معى من أقاربك .
أصدقكم القول .. رغم ماكنت أتمتع به من صلابه تأثرا بوضعى الوظيفى عندما كانت الصحافه وبحق سلطه أولى وليست رابعه ، وبعض أقاربى الذين يشغلون مواقع وظيفيه رفيعه إلا أنه أصابنى الهلع من ردة فعل الضابط هذا حيث جاء خلاصة كلامه أنه يأمر فيطاع ، وأنه بجرة قلم منه يمكن له أن يدمر من يشاء ، وأدرك بعد غفله أنه لولا بعد إجتماعيا ، وعائليا ، ووظيفيا لساوا بى الأرض ، وأنه لن يأتى اليوم الذى يشفق عليه فيه أحدا كائنا من كان ، شعرت أننى أمام طاووس ضخم ، ورغم ذلك شكانى هذا الضابط لأستاذى جمال بدوى حيث لم يقوى على الإقتراب منى ليقينه أنه سيتصدى له ، وخشية أن أكون قد نقلت مادار بيننا بصوره تجعل أستاذى يثور . قابلنى أستاذى الجليل جمال بدوى بثوره أبويه قائلا والشرر يكاد يطل من عينيه لاتنظر لى ولالمصطفى شردى فقد أثقلتنا هموم الحياه ، نحن جيل نودع إنما أنتم الشباب فى حاجه لخبرة سنين لتقول ماقلت به ساعتها أطمئن أنكم قادرون على التحدى والتصدى .
لم تفارقنى تلك الواقعه منذ حدثت وحتى اليوم ، وكلما إلتقيت صديقى أثناء نزوله من أجازه حيث إضطر للعمل بإحدى دول الخليج بعد فشلى فى حمايته من التقرير الإجرامى الذى حرره بحقه هذا الضابط ، أو كلما شاء القدر وإلتقيت هذا الضابط ، وظللت أتابع مسيرته الوظيفيه حتى وصل إلى أعلى مكانه شرطيه حتى أنه كان يمشى مزهوا منتفخا أحلامه أوامر ، وإذا به تتعرض أسرته لمحنه وتتشرد ، وهو يطاح به ، ويظل حبيسا بمنزله حتى مات لاتلحقه الدعوات الطيبات بالرحمه والمغفره فأدركت أنها دعوة مظلوم .
إنتقل أستاذى جمال بدوى إلى الرفيق الأعلى وشيعناه فى جنازه مهيبه تليق بقدره ومكانته وعطائه ، رحل شامخا مرفوع الرأس طيب الذكرى ، ومات هذا الضابط ولم يشيعه إلا نفر قليل ، حتى أطقم حراسته وحوارييه ومن جعلهم يتجبرون على الخلق لم يشيعوه حتى مثواه الأخير . ومع ذلك وإنطلاقا من ثوابت أخلاقيه دعوت له بالرحمه والمغفره وشكرت رب العالمين سبحانه أن مد فى عمرى ليترسخ اليقين لدى أن لهذا الكون رب فلا نجزع ولانهرع ولانضجر جميعا سنرحل .
إسترجعت ذلك كله لأنه ماأشبه اليوم بالبارحه حيث خلف المناخ السياسى والحزبى الآن رغم هشاشته ، وضحالته صراعات حزبيه ، وسياسيه تنطلق من منظره وليس عمقا ، ولاتظهر إلا عند الإنتخابات البرلمانيه ، وتلك النظره الضيقه لدى البعض من أعضاء الحزب الذى هرع له الجميع أملا فى مغنم إعتمادا على أنه فى حضن السلطه ، حتى ضم المترديه ، والنطيحه ، وماأكل الكلب ، وبعضا من المخبرين حرر ضابط صغير الرتبه تقريرا يحتوى على ظلم ، وتحمل مفرداته تجنى ، وعدم وعى بالأبعاد السياسيه ، وهو يعتقد أنه بذلك يخدم الوطن حتى ولو تسبب فى أذية برىء ، وسحق آمال أسره ، مؤكدا على أنه لوكان أستاذى الجليل جمال بدوى على قيد الحياه لأشفق على حالى أن أتعايش مع هذا الموروث البغيض الذى يتوارثه بعض الضباط والذى يضر بالوطن أبلغ الضرر .
أصبحت أمنيه عندى بعد أن أصبحت فى خريف العمر استعد للقاء رب كريم أن يختفى هذا الموروث البغيض من حياتنا ، وينتهى إلى غير رجعه من أجل هذا الوطن الغالى . كارثة هذا الموروث التدميرى القائم على أن وجود أحدا من البشر يعيش بالحياه مرهون بتدمير الآخر ، وليس بالتناغم مع الآخر وضبط إيقاع الأداء ، واليقين أنه من المستحيل أن يزعم أحدا كائنا من كان أنه يمتلك الحقيقه المطلقه وحده ، والأهم الإنتباه أن يظل إنسان طوال عمره يتعايش مع مثل هذه المواقف مهما مرت السنين وفى نهاية المطاف أخشى أن نرى جيلا من الذين يلحق بهم الضرر أن تكون عقيدتهم الإنتقام تأثرا بما يطالهم من أذى وأسرهم ، وإذا لم يتمكنوا سيصبوا اللعنات صبا على ظالميهم حتى وإن كانوا لايعرفونهم ، والله إنها ليست بالحياه إنما هى جهنم التى فرضت أن نعيشها بالحياه إذا ظلت على هذا النحو .
أصدقكم القول ، أنا أتحدث من القلب ، من عمق الواقع المجتمعى إنطلاقا من كونى إنسانا وليس أى شيىء آخر ، وليس إنطلاقا من السياسه التى أعطيتها ظهرى بعد أن باتت تشبه الدعاره ، لذا هجرها أصحاب الخلق الكريم ، كما هجرتها خشية أن أرتكب الآثام ، أنا لاأتحدث عن واقع الأحزاب بعد أن فقدت القيمه برحيل العظماء فى القلب منهم سراج الدين زعيم الوفد فى زمن الشموخ ، أنا أتحدث عن واقعه تركت فى نفسى أثرا حتى اليوم بعد أن كدت أظن أنه لاعدل فى الكون والعياذ بالله ، أنا أتحدث عن وقائع غيرت وجه الحياه كنت فيها شاهد عيان لعل وعسى تساهم فى تنبيه الغفلى الذين ظنوا أنهم ملكوا البشر ، والحجر ، والأرض ومن عليها من صغار لايدركون الأبعاد المجتمعيه لذلك .
لا أدعى بطوله فأنا بشر ضعيف لم أقدم لهذا الدين ، ولالذاك الوطن ماقدمه ويقدمه المناضلين الأبطال من تضحيات ، ولاأدعى المعرفة بقدر كبير من العلوم الشرعيه تؤهلنى لإعتلاء المنابر ، وإلقاء الدروس فى المساجد ، ولا أقول أننى حافظا لكل كتاب الله عز وجل ، ولاحتى من الساسه الذين يملكون قدرا من التحمل فى المناورة ، والمواجهة ، وخداع الخصوم ، ولا أدعى الوصول لأعلى مراتب الإلتزام لأننى بشر لى أخطائى كإنسان ، لكننى أحمد الله تعالى على أنه عز وجل منحنى بكرمه ، وحوله ، وقوته ، قلبا ينبض بالخير ، ونفسا تعشق المحبه ، وتجتهد أن تفرضها واقعا فى حياة الناس كل الناس .
يقينا .. بداخلى إنسان يمتلك مشاعر إنسانية نبيله لاتجعلنى بفضل الله أصطف فى صفوف المغيبين ، لذا أدرك بالفطرةالسليمة النقية التى فطر الله الناس عليها أننا جميعا راحلون عن هذه الحياه ، ولن يخلد فيها أحدا مهما علا شأنه حتى صاحب السلطه ومن لاسلطة له ، والقاتل للأرواح بلا رحمه ، والمقتول ظلما وعدوانا وغدرا ، والظالم لنفسه والعباد ، والمظلوم الذى لاحول له ولاقوه ، والغاصب لحقوق العباد بلا حق ، والمغتصب لأموال اليتامى بالغدر ، فماذا سنقول لرب العالمين .