الزلزلة والمشاهد المعاصرة
أ. د. محمد السعيد عبد المؤمن
كلما قرأت سورة الزلزلة لم أتصور أنها من مشاهد يوم القيامة فحسب، بل هي تذكير للبشر حتى ينظروا نفس النظرة لهذا المشهد، بالنظر إلى المشاهد المعاصرة من زلازل وبراكين وسيول وأوبئة، فتوالي الأحداث هو نفسه: (إذا زلزلت الأرض زلزالها، وأخرجت الأرض أثقالها) فأداة الشرط لم تجعل الحدث خاص بيوم القيامة فحسب، بل تجعل الفكر يتداعى مع زلازل الدنيا وبراكينها وسيولها وأوبئتها، فانفعال الإنسان تجاهها واحد (وقال الإنسان مالها) لكن جواب الشرط ربما خفي مدلوله على الإنسان، رغم تساؤله في رد الفعل، عندئذ يتضمن جواب الشرط مدلولا ينبغي التنبه إليه في الدنيا قبل يوم الآخرة (يومئذ تحدث أخبارها، بأن ربك أوحى لها) ومن ثم توضح الآيات المشهد الذي ينبغي أن يكون تجربة في الدنيا من أجل الآخرة ( يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم) فمن الضروري أنه عندما تقع الزلازل والبراكين والسيول والأوبئة أن يراجع الناس أعمالهم ليروا فيم أصابوا وفيم أخطأوا، والتعميم هنا للناس كلهم الكبير والصغير، الصالح والطالح، الغني والفقير، قبل أن تعرض عليهم يوم القيامة، ومن رحمة الله على الناس أن يقدم لهم أمثالا وتجارب مصغرة ليوم القيامة، ليذكرهم فيراجعوا فيستقيموا، لأن ميزان الحساب في الآخرة دقيق جدا، يزن بالذرة ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) واستخدام الفعل يرى، يجعل فكر الإنسان يتداعى إلى شكل الثواب أو العقاب ومداه، وهو ما لم يرد الله ذكره، وتركه لتصور ناتج الفشل في التجربة.