تُعدُ زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم للعراق زيارة تاريخية حيث تمثل أول زيارة لرئيس مصري للعراق منذ 30 عامًا، وتأتي هذه الزيارة من أجل استمرار التعاون والتنسيق المشترك بين مصر والأردن والعراق بما يحقق التكامل العربي، وقد تجسد ذلك فى عدد من الجولات، وتأتي اليوم مشاركة الرئيس السيسي مع رئيس الوزاراء مصطفى الكاظمي والملك عبدالله الثاني، في الجولة الرابعة لآلية التعاون الثلاثي التي انطلقت بالقاهرة في مارس 2019.
تأتي هذ القمة الثلاثية للتعاون في إطار البناء على ما تم تحقيقه خلال القمم الثلاث السابقة وتقييم التطور في مختلف مجالات التعاون حيث أن جوهر التعاون في مجالات متعددة من أهمها الملف الاقتصادى في مجالات النفط والكهرباء حيث تم الإتفاق بالنسبة إلى مجال الطاقة مد خط أنبوب نفطي من ميناء البصرة جنوب العراق إلى ميناء العقبة في الأردن ثم إلى مصر.
وتسعى مصر للتحول لمركز إقليمي للطاقة ومن ثمَ تسعى إلى توقيع اتفاقيات للربط الكهربائي حيث ستتمكن مصر من الاستفادة من تصدير الكهرباء إلى الأردن والعراق، نظرًا لما حققته مصر من فائض في إنتاج الكهرباء بأكثر من 25 ألف جيجاوات نتيجة لمشروعات إنتاج الكهرباء التي تم إنجازها خلال السنوات السابقة منذ تولي الرئيس السيسي لقيادة مصر.
ويقوم العراق باستيراد الكهرباء من مصر والأردن، بالإضافة إلى تطوير المناطق الصناعية المشتركة، والتعاون في مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة ودعم الابتكار وريادة الأعمال والتعاون في قطاعات الصحة والتعليم والبحث العلمي وفي مجال الموارد المائية والبيئة والاتصال وتكنولوجيا المعلومات والبنية التحتية بالإضافة إلى زيادة التبادل التجاري.
والهدف من هذ القمة إحداث وتحقيق نوع من التكامل العربي عن طريق التعاون والتنسيق بين الدول الثلاث في مجالات النفط والكهرباء، وإنشاء منطقة اقتصادية مشتركة ومراكز لوجستية ومناطق صناعية، بالإضافة إلى ملف إعادة الإعمار في العراق من خلال الإتفاق بين مصر و العراق فى وقت سابق وبشكل مبدئي على إنشاء آلية “النفط مقابل الإعمار”، التي تنص على قيام شركات مصرية بتنفيذ مشروعات تنموية في العراق مقابل كميات النفط التي ستستوردها مصر.
وتتطلع مصر دائما إلى زيادة صادراتها إلى السوق العراقية، لأن الأرقام تشير إلى ضعف قيمة الصادرات، والواردات بين البلدين فقد بلغ حجم التجارة بين مصر والعراق خلال عام 2019 حوالي 486 مليون دولار، منها 479 مليون دولار صادرات مصرية و7 ملايين دولار واردات من العراق، وفقًا للهيئة العامة للاستعلامات المصرية وكان حجم التبادل التجاري عام 2018 وصل 1.650 مليار، وهو أكبر رقم للتبادل التجاري بين مصر والعراق منذ عام 2003، وتخطط كلًا من مصر والعراق لإتخاذ إجراءات تنفيذية لزيادة معدلات التجارة والاستثمار خلال الفترة المقبلة.
ويمكن القول أن هناك بلورة لرؤية هدفها إحداث تكامل اقتصادي عربي ناتج عن إرادة سياسية لكلًا من مصر والعراق والأردن والعزم قدمًا على تحقيق تنسيق مشترك بما يحقق التكامل العربي وهوما تجسد فى عقد لقاءات بشكل مستمر وآخرها قمة اليوم للدول الثلاث كخطوة مكملة لما سبقها من لقاءات، فى محاولة للتوصل إلى آلية لتنفيذ مشروعات الربط الكهربائي أو مد خطوط لنقل النفط، بالإضافة إلى مساهمة الشركات المصرية في إعادة الإعمار في العراق.