بادر قبل أن يغادر
بقلم/ د. عاشور عبد الرحمن أحمد
كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن ولاه وبعد، أيها القارئ الكريم أيام ويرحل عنا ضيف كريم يأتينا مرةً كل عام، ولا ندري أيبلغنا الله رمضان مرةً أخرى أم لا.
ولذا فإني أناجيك لحبي إياك أن تبادر بالطاعة، وتهجر المعصية، وتغتنم كل لحظة تمر عليك بروحانياتها ولطائفها في رضا مولاك. ما أجمل أن يعود العبد الآبق إلى ربه يناجيه ويتودد إليه يطلب منه العفو والصفح والعتق من النار. إنها لحظات فيها نفحات من رب البريات؛ تعرض لها فلعلّ أن تصيبك نفحة لا تشقى بعدها أبدًا. عندما يعود العبد إلى ربه الرحيم الغفور العفو، سيقابله الله برحمته، وغفرانه، وعفوه، وقبول توبته؛ فعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ. رواه الشيخان.
ما أجمل أن نلجأ إلى الله الودود سبحانه، ما أحلمه وما أرحمه يُحِبُنا، ويريدنا أن نتوب إليه قال الله تعالى: وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلا عَظِيمًا.
27 النساء؛ والله يريدنا أن نفر إليه، قال الله تعالى: فَفِرُّوا إِلَى اللَّه إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِير مُبِين.51 الذاريات. وإذا كانت طبيعة الأشياء تقضي بأن من يخاف شيئًا يفر منه إلَّا أن الخوف من الله يدعونا أن نفر إليه سبحانه فلا ملجأ ولا منجى لنا من الله إلَّا إليه خاصةً ونحن في زمن الكورونا الذي انتشر واشتعل اشتعال النار في الهشيم، وعم الأرض ولم يفرق بين البشر رغم اختلاف عقائدهم وألوانهم وأجناسهم ولم يكن غناهم أو فقرهم حاجزًا بينه وبينهم. إنه جند من جنود الله أرسله الله رحمة بنا لنعود إليه، ولنبادر ولنفر إليه لا منه.
ما أجمل أن تكون المبادرة إلى طاعة الله ورسوله في هذه الليالي المباركة في العشر الأواخر من رمضان؛ ما أحوجنا إلى أن ندعوه سبحانه، ونتضرع ونتذلل له بأن يرفع عن الإنسانية هذا الوباء بِمَنِه وكرمه ولطفه فهو القائل: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾. يونس 107.
رفع الله عنا هذا الوباء وأخرجنا من هذ المحن بمنح من عنده إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم.